مازال الوقت مبكرا قبل الحكم بالتفاؤل علي المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وجولاتها التي بدأت في واشنطن.. ومازال الوقت مبكرا قبل التأكد من حسن النوايا من جانب نتنياهو ورغبته الصادقة في تحقيق السلام واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية وخصوصا مع اصرار رئيس الوزراء الاسرائيلي علي عدم تمديد تجميد بناء المستوطنات بعد المهلة المحددة في 62 سبتمبر.. وبالعودة الي التاريخ الطويل للمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية فإن المؤشرات تشير الي احتمال اصطدام التفاوض بعقبة طارئة او مفتعلة تمنع التقدم وتعيد الامور الي نقطة الجمود.. ومنذ مؤتمر مدريد في عهد بوش الاب وحتي كامب ديفيد الثانية في عهد كلينتون والمباحثات تراوح مكانها وكلما تقدمت خطوة تراجعت خطوات الي الوراء.. ولكن دخول الرئيس اوباما بقوة علي استئناف المفاوضات المباشرة والزخم الذي يعطيه لها يبعث الامل في تحريك المياه الراكدة واتخاذ قرارات شجاعة من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني من اجل التوصل الي الحل النهائي للقضية الفلسطينية وانهاء التوتر في الشرق الاوسط الذي يرتبط بالمصالح الامريكية. ويواجه نتنياهو اختبارا صعبا مع الائتلاف الحاكم وبالذات حزب »اسرائيل بيتنا« الذي يعارض تجميد الاستيطان.. وحسب ما قالت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية: ان الاستيطان الاسرائيلي يمثل قنبلة تهدد المفاوضات المباشرة وانها قد تدمرها بحلول السادس والعشرين من سبتمبر الذي تنتهي فيه فترة التجميد المؤقت للانشطة الاستيطانية في الضفة الغربية، واشارت الي ان الغالبية داخل الائتلاف للحكومة الحالية تؤيد استئناف الاستيطان.. بينما حذر الفلسطينيون في الوقت نفسه مرارا من انهم سيتخلون عن المفاوضات اذا ما تم استئناف بناء المستوطنات، وكذا فان نتنياهو سيتحمل مسئولية انهيار المفاوضات وهو ما يحاول ان يتجنبه جاهدا، ويميل للتوصل الي تسوية بشأن تجميد الاستيطان!. ولكن الوجه الاخر للتطرف في الحكومة الاسرائيلية يعبر عنه افيجدور ليبرمان وزير الخارجية بأنه لايري اي امكانية للتوصل الي اتفاق سلام مع الفلسطينيين »لافي العام المقبل ولاحتي في الجيل المقبل«.. واوضح انه لا يجب وضع جدول زمني لمفاوضات السلام بين الجانبين، وانما يجب التركيز علي المشاكل القائمة والتوصل الي اتفاق سلام مرحلي ولذا علينا ان نسعي الي اتفاق انتقالي علي المدي البعيد وان نركز علي امن اسرائيل! وما يبدو واضحا ان حزب »اسرائيل بيتنا« سيمنع اي محاولة لتمديد تجميد بناء المستوطنات!. ومن ناحية الجانب الفلسطيني فان محمود عباس يقول انه اذا مددت اسرائيل قرار تجميد الاستيطان فإننا سنستمر في المفاوضات واذا لم تمدد فسنخرج منها وهذا الكلام واضح امام الرئيس اوباما وهيلاري كلينتون وايضا بينه وبين نتنياهو والخوف هو الغاء هذا التجميد وان يعود الاسرائيليون الي الاستيطان في كل مكان واذا لم يتم تمديد تجميد الاستيطان الجزئي فلن تكون هناك مفاوضات وستكون عبثية!. واذن فالمفاوضات المباشرة تتوقف علي مدي جدية نتنياهو وقدرته علي الامساك بزمام الامور في حكومته الائتلافية ومواجهة استئناف الاستيطان ومحاولة التوصل الي تسوية بشأن التجميد الجزئي.. ومن ناحية محمود عباس فإنه جدد رفضه للمفاوضات في حالة قررت الحكومة الاسرائيلية عدم تمديد الوقف الجزئي للاستيطان! واتوقف امام وصف صحيفة الجارديان للمزاج العام للطرفين الاسرائيلي والفلسطيني في المفاوضات المباشرة ويختلط فيه التعب والعناد والملل واليأس!. تري.. هل تتبدد احلام السلام وهل تكون مجرد دخان في الهواء؟ وهل تعود المفاوضات الي الدائرة المفرغة علي مدي سنوات.. ويتكرر ما حدث في مفاوضات كامب ديفيد الثانية بين عرفات وباراك وبحضور كلينتون والتي انتهت الي الفشل؟!.