ليس سهلاً تحديد من المسئول الأول عن تنامي الإرهاب المنسوب إلي الدين الإسلامي؟ هناك من يحّمل أنصار المذهب الوهابي في السعودية هذه المسئولية. هناك من ينفي عن الوهابية هذا الاتهام ويوجهه إلي الإخوان المسلمين المصريين. وهناك أيضاً من يحمل الجانبين مسئولية تنامي الإرهاب الإسلامي، مضيفاً إليهما »الغباء الأمريكي« ممثلاً في السياسة التي اتبعتها وكالة المخابرات الأمريكية في حربها ضد قوات الغزو السوفيتية في أفغانستان خلال ثمانينيات القرن العشرين. خططت ال (سي. آي. إيه) استراتيجية هجومية ضد القوات السوفيتية تعتمد علي حرب العصابات، مما يتطلب البحث عن »متطوعين« للدفاع عن أخوتهم المسلمين في أفغانستان في مواجهة الزحف الإلحادي، الزنديقي، الشيوعي! أطلقت أمريكا علي مخططها اسم »العملية: إعصار«، بجهود وسواعد متطوعين، مجاهدين، من السعودية وباكستان إلي جانب الخبرة العسكرية والأسلحة والذخيرة والمساعدة الفنية من الجانب الأمريكي. الباحث الأمريكي »جين هيك« مؤلف كتاب »عندما تتصادم العوالم« يري أن اللاعبين الأساسيين الثلاثة في »العملية: إعصار« لم يدركوا إلاّ بعد فوات الأوان أن حرب العصابات التي شنوها ضد السوفييت في أفغانستان قد جمّعت وعبّأت نواة حركة ترفع لواء الإسلام، سرعان ما ستوجه ضرباتها وهجماتها ضد »اللاعبين الثلاثة« أمريكا، السعودية، وباكستان الذين لولاهم لما قامت لهذه الحركة قائمة! انسحب الجيش السوفيتي من أفغانستان، لكن حرب العصابات لم تتوقف. نسبة كبيرة من »المجاهدين« الأوائل ذهبت إلي الشيشان لمواصلة نشاطهم ضد الروس! وذهب نحو 4آلاف »مجاهد« إلي البوسنة لدعم عمليات التمرد التي يقوم المسلمون بها هناك. اختار آخرون الذهاب إلي الجزائر والسودان ومصر واليمن وكشمير وأندونيسيا، في حين فضّل آخرون العودة إلي موطنهم في السعودية والأردن والسودان، متحمسين لتحويل المهارات التي اكتسبوها حديثاً إلي مزيد من النجاح في بلادهم! حرب الخليج، واحتلال أمريكا للعراق، أديا إلي إثارة قدر كبير من الشعور المعادي للغرب في العالم العربي. و يقول مؤلف الكتاب: [..ومع أن رأي المسلمين كان في البداية منقسماً بشأن صواب أو خطأ غزو العراق للكويت، وتأييد الإطاحة بنظام صدام حسين أو التنديد بها، إلاّ أن أغلبية المسلمين العرب سرعان ما تبلورت آراؤهم وتحددت في أن تلك الحرب ضد الإسلام، وأن الغرب تدخل فيها بلا داع في نزاع بين المسلمين]. وتسارعت الأحداث محدثة زيادة كبيرة في الشعور المعادي للغرب، في مواجهة النقد الحاد المضاد في الإعلام العالمي لعدم توفير الأمن الداخلي المناسب للمصالح الاقتصادية الأجنبية، مما خلق خطوط صدع تزداد اتساعاً بين الشرق والغرب، وتعاطف المسلمين المتصاعد مع الحركات المتمردة مثل:»تنظيم القاعدة« رغبة منهم في التصدي لما يتصورون أنها »إمبريالية غربية، كافرة، فاسدة.. حيثما وجدت« كما كتب »صمويل هنتينجتون« في كتابه عن صراع الحضارات. وتضاعف هذا الشعور مع استمرار الإبقاء علي المشكلة الفلسطينية. أو القضية التي كبرت وشاخت في انتظار الحل الذي يتباعد يوماً بعد يوم. فالبعض ينسي أو يتناسي أن بعض اليهود لا يكتفي بما حصل عليه من الأرض الفلسطينية وإنما يسعي إلي ما هو أكثر منها، وأبعد عنها. هذا البعض من اليهود المتطرفين يؤمن بأن »الشام منحة مقدسة أورثهم الرب إياها، كما هو واضح ومكرر في الكتاب المقدس التوراة و هو ما لا يحق لقائد من البشر التخلي عنه«. والأمثلة علي ذلك عديدة، ومنها: [في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً قائلاً لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلي النهر الكبير نهر الفرات]. »سفر التكوين15:18«. [كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم من البرية ولبنان. من النهر نهر الفرات إلي البحر الغربي يكون تخمكم]. »سفر التثنية 11:24«. [ لا يقف إنسان في وجهكم الرب إلهكم يجعل خشيتكم ورعبكم علي كل الأرض التي تدوسونها كما كلمكم]. »سفر التثنية11:25«. وهكذا فمن وجهة النظر اليهودية لا يمكن انتهاك »إيرتس إسرائيل« أي »أرض إسرائيل«. فهي مهمة من الناحية العقائدية لتعهد الرب كما يقولون بجعلهم شعبه المختار. ويري اليهود الأصوليون »أن امتلاكهم لهذه الأرض كلها جزء لا يتجزأ من اتفاقهم مع الرب وهو ما يجعل التخلي عنها إنكاراً مباشراً للإرادة الإلهية«. نفس هؤلاء اليهود الأصوليين نجدهم لا يهتمون بما جاء في صفحات أخري من كتابهم المقدس »التوراة« ويصف بالتفصيل كيف استولي الملك العبراني بالقوة علي تلك الأرض من قدماء الفلسطينيين! كذلك نراهم اليوم لا يهتمون بأحد أهم الأماكن المقدسة الإسلامية ، وهو الموقع الذي أسري إليه الله بالنبي محمد لتلقي الوحي الإلهي. .. وللتجاهل اليهودي الصهيوني لحقوق الآخرين، بقية.