عقب فشل محاولة اغتيال عبد الناصر عام 1954 هربت فلول الإخوان إلي السعودية التي منحتهم نكاية في حكم عبدالناصر المعادي لنظامها المأوي والدعم.. و أصبح بعضهم أكاديميين وصحفيين ورجال بنوك ورجال أعمال. بعض هؤلاء الإخوان اكتشفوا في السعودية ما يعرف ب: »الإسلام الوهابي«، ووجدوا فيه كما كتب مؤلف كتاب:»عندما تتصادم العوالم« حافزاً أكثر نفعاً من المأوي والدعم المادي. ومن اكتشاف »الوهابية« إلي محاولة استمرارها لصالح »الجماعة«، وانتشارها، والانتقام من خصومها خاصة في مصر! يقول مؤلف الكتاب الباحث الأمريكي:»جين هيك« إن قيادات من فلول الإخوان الهاربة والمقيمة في السعودية اختارت شريحة من العقول الشابة سريعة التأثر وأقنعت أصحابها بقضيتهم الأصولية.من بين هؤلاء الشباب كان »أسامة بن لادن« الذي تربي وصادق وعاش مع من يسمون ب: »القحطاني«، و»الغامدي«، و»الشّهري« وهي أسماء بارزة في هجمات مركز التجارة العالمي بنيويورك في الحادي عشر من سبتمبر عام2001. وقبل ذلك.. كان »أسامة« تلميذاً نجيباً ل »محمد قطب« شقيق »سيد قطب« الذي أعدم عام1966 الذي هرب إلي السعودية مع فلول الإخوان، و حصل علي فرصة للتدريس في المعاهد والجامعات، مثله مثل الإخواني: د. عبدالله عزام، خريج الأزهر، وأحد مؤسسي حركة حماس، ومهندس الجهاد المتشدد في أفغانستان. يقول الكاتب أن »محمد قطب«، و»عبدالله عزام« كانا من عتاة دعاة »الأيديولوجيا الجهادية العالمية المسلحة، كثقافة تمثل فرضاً علي كل المسلمين«! وقيل أن تشدد »عبدالله عزام« في دعوته تلك جعله معروفاً بأمير الجهاد. ليس هذا فقط بل إنه نقلاً عن الباحث الإسلامي »رضا أصلان« استخدم تأثيره الكبير، بصفته أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز، بين الشباب الجامعي الساخط للترويج لأكثر تفاسير الجهاد تعنتاً و ولعاً بالقتال بزعم انه فرض علي المسلمين. ونقلوا عن »عزام« مقولته الشهيرة: »الجهاد والبندقية وحدهما. لا مفاوضات. لا مؤتمرات. لا حوارات«. كان لمحاضرات ودروس: محمد قطب، وعبدالله عزام، تأثيرها المرعب علي تشكيل عقلية أحد الطلاب بشكل خاص، و يدعي: »أسامة بن لادن« الذي وضع فيما بعد أيديولوجية معلميه موضع التنفيذ بالدعوة إلي الحملة الإسلامية العالمية للجهاد ضد الغرب، وهي الحملة التي بلغت ذروتها بهجمات 11سبتمبر الإرهابية. ويلخص الباحث الأمريكي »هيك« صفحات مهمة من كتابه قائلاً: ».. وهكذا كان وصول المنفيين المصريين إلي السعودية هادئاً وتدريجياً في البداية. كثيرون منهم كانوا ينتمون إلي عائلات متدينة و متعلمة ومتعددة اللغات، كما أتيحت لبعضهم الفرصة لشغل مناصب ذات مكانة عالية ومؤثرة داخل المملكة. من بين المصريين الذين انتقلوا للعيش في »جدة« آنذاك الطبيب »أيمن الظواهري« الذي عمل ، في الصباح، طبيباً في أحد المستشفيات ليتفرغ بعد ذلك لما هو بالنسبة إليه أهم مليون مرة من الطب والتطبيب! مدينة »جدة« لا تبعد عن مدينة »مكة« بأكثر من ساعة واحدة بالسيارة، حيث مقر تنظيمين أساسيين متصلين بالإخوان المسلمين، هما: »رابطة العالم الإسلامي« تأسست في عام 1962 و »الندوة العالمية للشباب المسلم« تأسست في عام1972 ومنهما نشأ وترعرع »مركز التجنيد الرئيسي« المسئول عن تدفق الشباب العربي المسلم عبر »بيشاور« في باكستان للجهاد في أفغانستان، وغيرها. وفي ملاحظة مهمة للمؤلف تقول إن السعودية لم تبد في أول الأمر قدراً كبيراً من الاهتمام بتلك التطورات السياسية والعسكرية. بل علي العكس من ذلك فقد بدأ تشجيع المملكة علي منح فرص عمل للمفكرين الأصوليين المصريين المهاجرين داخل السعودية، خاصة في كل مستويات التعليم، وكأنها بذلك تمسك بورقة رابحة للدعاية ضد الاشتراكية الناصرية العلمانية التي تغلغلت في أنحاء منطقة الشرق الأوسط آنذاك (..). وسرعان ما ثبت خطأ هذا التصور. ففي20 نوفمبر من عام 1979اهتزت حكومة السعودية عندما احتلت مجموعة من الناشطين المحليين، إلي جانب طلاب أجانب يتلقون التعليم في جامعاتها، أقدس المواقع في العالم الإسلامي وهو »الحرم المكي«! وقيل إن المقصد المعلن هو:»تنفيذ الجهاد الداخلي ضد حكمها الملكي«. .. وللحديث بقية.