كان مثالا للنظافة والسرعة والقدرة علي الربط بين مناطق القاهرة الكبري المختلفة وأصبح صداعا مزمنا وكابوسا مؤلما لمستخدميه وكان حلا سحريا ووسيلة رائعة للهروب من دوامة الزحام الشديدة داخل العاصمة المتخمة بالجراح المرورية وأصبح لا يختلف كثيرا عن شوارع "وسط البلد " حيث تنتظر بالساعات من اجل الوصول الي هدفك بل وكان واجهة مشرقة وانجازا حضاريا في اتباع القواعد المرورية باعتباره احد اكبر الطرق السريعة في مصر واصبح مصابا بالشيخوخة المبكرة رغم انفاق ملايين الجنيهات في صيانته. انه الطريق الدائري والذي يعتبر من أكبر الطرق التي تربط محافظات القاهرة الكبري، فطوله يصل إلي 100 كيلومتر، ويمر عليه أكثر من 150 ألف سيارة يوميا. اصيب هذا المشروع العملاق بمرض الاهمال القاتل الذي تغلغل شيئا فشيئا في انحائه المختلفة فأعمدة الإنارة متهالكة، والإضاءة منعدمة ليلاً، والرقابة المرورية غير موجودة وسيارات الإسعاف وأوناش السحب مختفية تماما والنتيجة عشرات الحوادث تقع يوميا. بدأ العمل في الطريق الدائري في يونيو 1985 بتكلفة 6.2 مليار جنيه ويشكل جزيرة وسطي بعرض 7 أمتار بهدف إمكانية إنشاء مترو في المستقبل يقام عليه 150 كوبري بتكلفة مليار جنيه، وفي عام 1998 تم نقل تبعيته من وزارة الإسكان للهيئة العامة للطرق والكباري وهو يمر علي ستة طرق سريعة ورئيسية تجعله أهم المحاور المرورية التي تستوعب الحركة المرورية حول القاهرة الكبري حيث كان الهدف من انشائه تحزيم الكتلة العمرانية ونقل حركة المحافظات خارج العاصمة ومنع المرور العابر من الدخول وسط المدينة علي أن يبعد عن العمران مسافة كبيرة ويكون من الطرق السريعة إلا أن واقع الحال وكما يقول المثل " الحلو ما يكملش " لأننا نفتقد الوعي بأهمية الصيانة والمحافظة علي مواردنا رغم تخصيص ملايين الجنيهات علي الورق إلا انها لا يتم ترجمتها علي ارض الواقع .. 24 مليون جنيه هل تعلم ان تكلفة صيانة الدائري تستنزف ما يقرب من 21 مليون جنيه بالاضافة الي 21 مليون جنيه تعطي بعقود سنوية لشركات النظافة التي تقوم بجمع القمامة من اعلي الطريق الدائري؟ اي ان 24 مليون جنيه يتم انفاقها علي الطريق ورغم ذلك حاله لا يسر عدوا او حبيبا .. جولة بالسيارة علي الطريق الدائري تجعلك تعيش المأساة بنفسك .. تجربها ..تعانيها .. تشعر بها تحاصرك فما بالك بمن يستخدم هذا الطريق يوميا .. المخالفات والسلبيات كثيرة يسهل حصرها ..المواقف العشوائية انتشرت بشدة علي امتداد الطريق العشرات في انتظار سيارة سرفيس تنقلهم الي اعمالهم ..السائقون يضربون عرض الحائط بتعليمات الامان عبر الطريق وقاموا بتوقيف سياراتهم عرض الطريق مما يتسبب في ازدحام شديد او وقوع حوادث مأساوية .. اما عن الانشاءات علي الطريق فلا تسل .. مناطق كثيرة قيد الانشاء منذ شهور ولم يتم الانتهاء منها بعد ..الجزيرة الوسطي مختفية بل وانقرضت في اماكن عدة ..الفواصل المعدنية كافية بتمزيق اطارات السيارات بسبب رداءتها وسوء تصنيعها وعدم صيانتها والمطبات الاسفلتية حادة للغاية.. الانارة غائبة وحوادث السطو والسرقة تتكرر باستمرار .. الدوريات المرورية تعد علي أصابع الايدي . المشكلة الأكبر التي تواجه السيارات عند حدوث أي عطل هي السرعة الفائقة للسيارات المارة، ما يتسبب في وقوع حوادث كثيرة . معاناة يومية ولكن ماذا عن رأي مستخدمي الطريق الدائري والمعاناة التي يعانون منها ؟ يقول احمد البرعي :الطريق الدائري اصيب بأمراض شوارع مصر من حيث عدم الانضباط والازدحام الذي يستمر لفترات طويلة بالاضافة الي جود مشكلات وأخطاء انشاء الطريق سواء فنيا او هندسيا. اما مروة طنطاوي : استخدمه يوميا للذهاب الي عملي بمدينة الانتاج الاعلامي بالسادس من اكتوبر ..الحوادث اصبحت عادة يوميا عليه لذا احرص علي توخي الحذر الا ان الزحام الشديد وخاصة وقت الذروة يصيبنا بالاحباط . خالد رشيد : المواقف العشوائية منتشرة بطول الطريق الدائري خاصة بجانب المحاور والنزلات مما يؤدي الي تكدس السيارات في هذه الأماكن ويسبب ذلك صعوبة في المرور واختناقات تستغرق أوقاتا كثيرة مثلما الحال بجانب محور 62 يوليو مجدي الصاوي " نزلات الطريق الدائري خطر داهم يواجهنا مثل نزلة مدينة السلام بداية من مؤسسة الزكاة ولمسافة 3 كيلو مترات نعاني منها كثيرا سواء للمتجه لموقف العاشروالقاهرةالجديدة او طريق الاسماعيلية الصحراوي وبالرغم من وجود4 حارات مرورية إلا أن الاختناق المروري يؤدي الي توقف حارتين مما يصيب الطريق بالشلل فترات طويلة فضلا عن حجم الانشاءات لا تنتهي والتي تجعلنا نعاني كثيرا من اجل الوصول الي اعمالنا. فوزي جبر : أن المرور علي الطريق الدائري اصبح معاناة حقيقية فلا يوجد اي التزام بالحارات والمطبات الاسفلتية والفواصل . وتشير احصاءات الإدارة العامة للمرور إلي أن تجاوز السرعة المحددة يكون دائماً من سائقي سيارات الملاكي، بالإضافة إلي أن سيارات النقل الثقيل تسير في الجانب الأيسر وهذا مخالف، حيث إنه لابد أن تسير في الحارة اليمني هذا بخلاف كثرة المطبات المنتشرة علي طول الطريق، كما أن هناك إهمالا بالغا من قبل المسئولين بوزارة النقل ومحافظة القاهرة بسبب عدم صيانة الطريق الدائري من أعمال رصف وإنارة حتي الإسعافات الأولية غائبة. ويري رمضان الزيني عضو مجلس الشعب أن تداخل اختصاصات الجهات المسئولة عن الطريق الدائري والتي تضم الهيئة العامة للطرق والكباري والاسكان والتنمية المحلية هي السبب وراء تدهور حال الطريق الدائري الذي كان حلما وحلا سحريا لمشاكل المرور في مصر الي انه تحول الي كابوس. السلوكيات الخاطئة اما د. محمد يسري أستاذ هندسة تخطيط النقل والمرور بكلية الهندسة جامعة الأزهر فيري أن السبب وراء حوادث الطريق الدائري هو السلوكيات بينما لا تتجاوز نسبة الخلل في تنفيذ الطريق لا تتعدي ال5٪ أما الأخطاء البشرية فتمثل 75٪ والمركبات 20٪ مضيفا أن الصيانة الرديئة تؤدي إلي خلل مفاجئ وهنا تقع المسئولية الأكبر علي عاتق مالك الطريق المتمثل في الدولة . من ناحية أخري كشفت دراسة حديثة اعدها المركز القومي لبحوث الاسكان والبناء عن ضرورة وضع آلية لادارة الكباري في مصر عامة بحيث تشمل جميع الجهات العلمية والتنفيذية المسئولة عن الكباري.