أعلنت الجهة العليا المسئولة عن القطاع الزراعي في روسيا والمعروفة باسم سوفي إيكون SovEcon مساء الجمعة 20 أغسطس عن عزم روسيا استيراد 4 ملايين طن من الحبوب بما فيها القمح من كازاخستان الدولة الجارة لها بسبب انهيار محصول الحبوب عامة في روسيا وخاصة القمح وتحول روسيا من الدولة الثالثة الأكثر تصديرا للقمح في العالم إلي دولة مستوردة له بعد أن كانت روسيا تحقق فائضا تصديريا من القمح يتجاوز 20 مليون طن سنويا وذلك بسبب الشتاء الساخن الذي اجتاحها وجارتها أوكرانيا بما تسبب في جفاف الأشجار وفروعها وتحولها إلي مجرد أخشاب يابسة سريعة الاشتعال سرعان ما اشتعلت بالفعل بما زاد من حرارة الجو وخلق سحابة كثيفة من الدخان خنقت البقية الباقية من محصول القمح بالإضافة إلي تأثيرها في الحفاظ علي معدلات حرارة مرتفعة لا تناسب متطلبات نمو محصول القمح من البرودة. وبمجرد صدور هذا القرار صعدت أسعار القمح في البورصات العالمية بعد ثلاثة أيام من الهبوط والاستقرار وعاودت الاستقرار فوق مستوي ثلاثة مائة دولار للطن. الأخطر في هذا الأمر هو أن اتجاه روسيا لاستيراد القمح من كازاخستان للوفاء بمتطلبات شعبها من الخبز قد قضي تماما علي الآمال المصرية بإعادة النظر في جدولة الشحنات المتعاقد عليها مع روسيا من القمح التي تتجاوز النصف مليون طن والتي وعدت روسيا بالنظر فيها في أكتوبر المقبل وبالتالي فعلي مصر أن تتوجه إلي باقي المناشي العالمية المصدرة للقمح مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية واستراليا والأرجنتين وبعض دول السوق الأوروبية ثم أخيرا فرنسا علي الرغم من انخفاض نسبة البروتين وارتفاع نسبة الرطوبة في القمح الفرنسي إلي 14٪ متجاوزا أقصي نسبة مصرية معمول بها وهي 13٪ فقط بما يعمل علي قصر فترة تخزينه بالإضافة إلي خسارتنا لنحو 600 طن علي صورة مياه لكل مركب قمح مستورد من فرنسا بحمولة 60 ألف طن وهي نسبة 1٪ الزائدة من الرطوبة والتي يجب ألا نستهين بها والتي تتطلب أيضا أن نخلطها بأنواع القمح الصلد عالي البروتين - والأغلي سعرا - ولكن المستورد لغذائه من الخارج عليه أن يتحمل مغبة الاعتماد علي الغير وأن يرتضي كثيرا بنوعيات سيئة وأسعارا مرتفعة ما دام الأمر يتعلق بالاستقرار المجتمعي وإطعام شعب بأكمله. ففي ظل تعهد الدولة بتوفير الرغيف المدعم بمعدل وصل إلي طحن 800 ألف طن من القمح شهريا بإجمالي يبلغ 9.6 مليون طن سنويا لتوفير الدقيق اللازم لإنتاج هذا الرغيف المدعم فقط!! لم تتسلم منه الدولة من الإنتاج المحلي أكثر من 2.1 مليون طن بسبب الأخطاء الكبيرة التي حدثت أثناء استلام القمح هذا العام من المزارعين ورفع درجات النظافة في مجتمعات ريفية لدولة نامية ما زالت تستخدم آلات الدراس المحلية الموصلة بالجرار الزراعي وتطبيق المعايير الأمريكية والغربية لمجتمعات تستخدم آلات الحصاد والدراس معا (الكمبوند)!! بالإضافة إلي اشتراط وجود حيازة زراعية للمساحات المزروعة قمحا رغم إحصائيات متوافرة بأن 70٪ من مزارعي القمح مستأجرون لا يمتلكون هذه الحيازات وأميون لا يعرفون التسجيل المسبق وبالتالي باعوا محصولهم من القمح للتجار بأسعار بخسة والنتيجة خسارة الدولة ليس لأقل من 1.5 طن من القمح المحلي الفاخر بنوعياته الأفضل عالميا وربح التجار كثيرا من شرائهم القمح المحلي خاصة بعد ارتفاع الأسعار الحالية والتي انعكست علي أسعار جميع منتجات القمح في مصر دون ضمير أو حوكمة للأسواق. أسعار المكرونة تضاعفت خلال الثلث الأول من شهر رمضان إلي الضعف علي الرغم من أن الزيادة الحالية في أسعار القمح لم تتضاعف وعلي الرغم أيضا من هذه المكرونة المتداولة حاليا في الأسواق المحلية قد أنتجت منذ أكثر من شهرين قبل ارتفاع أسعار القمح الحالية والتي بدأت في الأسبوع الثاني من شهر أغسطس. ولكون خبير البورصات العالمية يجب أن يتواصل مع أسواق التجزئة المحلية وربما لتراكمات سابق عملي في وزارة التموين لنحو عام كامل فقد وجدت أن كيس المكرونة الشعبية قد ارتفع سعره من جنيه واحد منذ شهر واحدا فقط وصل إلي جنيهين وخمسة عشر قرشا رغم أن تاريخ إنتاجه المدون علي العبوة يشير بوضوح إلي أنه إنتاج شهر مايو 2010 أي قبل ارتفاع أسعار القمح بثلاثة أشهر!!! وبالتالي كان من المفترض أن تلتزم التجارة الشريفة بعدم ارتفاع الأسعار إلا بعد وصول الأقماح الحالية بالتعاقدات الجديدة والتي لن تصل إلي مصر قبل نهاية شهر سبتمبر. السؤال ما زال يتردد بشده بشأن التزام القطاع الخاص بالرفع الفوري للأسعار بمجرد ارتفاعها عالميا وقبل وصولها إلي مصر ثم رفضهم التام تخفيضها بمجرد انخفاضها عالميا قبل التخلص من مخزونهم مما استورده بالأسعار المرتفعة بل وربما تكون السمة السائدة في الدول النامية التي ننتمي إليها أن ما يرتفع من الأسعار خاصة في الغذاء لا ينخفض مرة ثانية أبدا ولنا في أسعار الزيوت والسكر المثل الواضح والتي لم تنخفض حتي الآن علي الرغم من انخفاضها عالميا منذ أكثر من شهرين. فهل يكون لجمعيات حماية المستهلك ومواطنون ضد الغلاء التي اعتمدت مؤخرا من الدولة دورا في مستقبل الأسعار في أسواق التجزئة في مصر؟؟!! سنري.