قام وزير الصحة مشكورا باصدار قرار ثالث بتخفيض اسعار 44 دواء جديدا وهي دفعة سبقتها دفعتان كل منهما 44 دواء ولست أدري حتي الآن سبب عشق الرقم 44.. الغريب في الأمر أن كل تخفيض يقرره الوزير تتبعه مصيبة لا يشعر بها إلا المرضي.. الوزارة نسيت أو تناست انها تتعامل مع عشرات الآلاف من اصحاب الصيدليات الذين يجيدون فنون التحايل علي الوزارة وعلي المواطنين وعلي أي مخلوق.. عقب الاعلان عن كل تخفيض ونشر قائمة الدواء المخفضة تختفي هذه الأدوية من الصيدليات وعلي الرغم من أن المرضي المساكين يضطرون - والاضطرار صعب- إلي شراء الدواء بالسعر القديم اقتناعا شكليا بأن الصيدلي مظلوم وأن ما لديه قد اشتراه بالسعر القديم وهي كلها أكاذيب ولكن المريض يظهر له انه علي حق ويدفع السعر القديم خوفا من ان يفاجأ بالكلمة المشهورة »ناقص« اذكر مثلا واحدا هناك دواء اسمه »زاناكس« هذا الدواء لعلاج الاكتئاب وهو من أكثر الأدوية انتشارا في مصر.. هذا الدواء كان ثمن الشريط 01 أقراص 8 جنيهات الوزير اصدر قراره ضمن تخفيض الدفعة الأولي من الأدوية بخفض سعره بنسبة 05٪.. فور صدور القرار اختفي الدواء من السوق تماما، مشكلة هذا الدواء ان هناك خطورة شديدة في التوقف عنه فجأة وانما هناك نظام للتوقف عنه يبدأ بالتدريج حتي يتم التوقف بعد مدة قد تطول لشهور.. الدواء رخيص جدا ولكنه خطير جدا.. هناك بديل ولكن ثبت ومنذ سنين طويلة ان هذا البديل لا قيمة له وأنه مجرد اقراص لا قيمة لها.. جميع الصيدليات تقول ان الشركة المنتجة للزناكس توقفت عن انتاجه جميع المرضي حالتهم يرثي لها وقد امتلأت بهم عيادات الاطباء بحثا عن حل ويضطر الطبيب لوصف أدوية أخري خطرة لتعويض التوقف عن الزناكس بالطبع جميع المرضي كانوا يتمنون الا يصدر الوزير قرار خفض سعر الزناكس خاصة ان السعر كان معقولا ولم يكن مصدر شكوي وخاصة ان الدواء يكاد يكون دواء عالميا فهناك نسبة ضخمة بين دول العالم كله غنيها وفقيرها تعيش عليه.. الوزير امر بنشر خط احمر للابلاغ عن أي صيدلية تمتنع عن بيع أي دواء تم خفض اسعاره وانا بدوري اتقدم للوزارة برجاء ان ترشدني إلي صيدلية واحدة في مصر المحروسة تبيع هذا الدواء.. المواطن لن يبلغ عن أي صيدلي فالصيدلي يقسم له أن الشركة لم تنتجه والأجدي بالوزارة مادامت قد خفضت الأسعار أن تشكل مجموعات صغيرة تمر علي الصيدليات وتطلب شراء أي دواء من الأدوية التي خفضت اسعارها وسوف تكتشف تداعيات قرارات التخفيض.. ثم تحاول ان تجد حلا.. المريض همه الكبير ان يحصل علي الدواء هذا هو ما يهمه بالدرجة الأولي واختفاء الدواء كارثة في أي دولة.. انا هنا لا ادافع عن أي شركة من شركات الأدوية لأنني أؤمن إيمانا راسخا ان شركات الادوية هي تجمعات للصوص الذين يتاجرون بحياة البشر ولا ادافع عن الصيادلة لانني أؤمن إيمانا راسخا انهم اصبحوا ينافسون بجشعهم بياعي الطماطم والخيار والكوسة ولكنني ادافع عن مرضي لا يجدون دواء نقصه يهدد أغلي شيء في أجسادهم وهو المخ.. كل هذه المقدمات تدفعني أن ارجو الوزير الا يخفض اسعار الأدوية فإذا اصر علي التخفيض فليضع نظاما فعالا لتوفيرها في السوق قبل الاعلان عن تخفيضها.. ان اصدار قرار أمر سهل ولكن بدون دراسة تداعياته ووضع علاج لما يمكن ان يؤدي إليه هو الأمر الصعب الذي لم تحاول وزارة الصحة ان تفكر فيه أو تجد له حلا.. ولله الأمر.