قوله تعالي: »وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون«..! كثيرا ما كنت اسائل نفسي، وأقلب الكتب لعلي أجد اجابة، عن سبب ورود هذه الآية بين آيات الصيام رغم ان الظاهر انها ليست داخلة في موضوع الصيام، قبلها حديث عن شهر رمضان وصيامه، وبعدها حديث عن أحكام الجماع في رمضان، لكنها وسط آيات الصيام، ولم أجد اجابة، إلا ان الحق تبارك وتعالي هداني إلي حديث شريف يقول: »ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتي يفطر، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول لها الرب: وعزتي لانصرنك ولو بعد حين«.. وحديث آخر صحيح أيضا: »ان للصائم عند فطره دعوة لا ترد« ومعني هذا ان هناك علاقة أكيدة بين الصيام والدعاء وهي علاقة طردية، كلما صح الصيام وخلص لله، كلما كانت اجابة الرب محققة، ولله في خلقه شئون..! ولم أجد غضاضة في قبول اقتران الصيام بالدعاء وتلازمهما بين يدي الله، وكذلك أفهم سر كون الصيام وسيلة لقبول الدعاء، ذلك لانه عبادة شديدة الخصوصية، اذ هي لا يدري حقيقتها إلا الله عز وجل، فضلا عما يلازم عبادة الصوم من تطوعات، في الصلاة والقرآن والصدقات حيث انه موسم شامل للخيرات، والنبي »صلي الله عليه وسلم« يورد الحديث القدسي الذي يقول فيه رب العزة سبحانه: »من عادي لي وليا فقد بارزته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه، فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ورجله التي يبطش بها، ولأن سألني لأعطيته ولأن أعاذني لأعيذنه« وهكذا يكون المؤمن في رمضان وهو عنده موسم للخير، تتوالي فيه الطاعات، وتتظاهر النوافل في الصلاة والزكاة والأذكار والقرآن، وكل ذلك مما يحبه الله ويرضاه ومن ثم يكون الداعي قريبا من ربه، مسموعا في مناجاته وافتقاره إلي مولاه الذي يحب من يسأله ويطلب منه، ولا سيما أولئك الذين يخصونه بالعبادة وحده دون شريك ولا مثيل ولا نظير..! ومن اشارات الآية ان الحق تبارك وتعالي، لم يجعل في قضية الدعاء، وسيطا بين العبد وربه، اذ قال رب العزة: »وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان« بينما في الآيات الأخري المتضمنة للتساؤلات، يدع للنبي »صلي الله عليه وسلم« دورا للتعليم والبيان، كقوله تعالي: »ويسألونك عن المحيض قل هو أذي« أو قوله عز وجل: »يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج«.. أو قوله عز من قائل: »يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس«.. وهكذا يتفضل رب العزة سبحانه وتعالي بمنع الوسيط بينه وبين خلقه العابدين الفقراء إليه، الذين يقدمون طاعتهم له بين يدي سؤالهم وحاجتهم وفقرهم، ومن أجل ذلك أعطي العهد بإجابتهم، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.