اسمه: »سامح مصطفي« 24 عاماً من سكان منطقة شبرا الخيمة بالقليوبية، لم يعان من البطالة. فلديه مهنة تعلمها، منذ الصغر، وأجادها. ومن عمله حلاق شعر رجالي الذي كان يجيده، ويحبه، استطاع أن يستأجر محلاً لقص الشعر وحلق الذقن، والحصول علي شقة تزوج فيها و عاش سعيداً بنجاحه في حرفته، وهانئاً في بيته مع شريكة حياته وابنتهما. كان يمكن أن يواصل الشاب حياته في سلام ونجاح، لولا ماسمعه من دعاة بعض الفضائيات الدينية، وفهم منهم أن مهنته التي يمارسها »تخالف السنّة، وتمسها الشبهات«.. فما كان منه إلاّ أن أغلق محله، مصدر دخله الوحيد، و ذاق مرارة البطالة.. قبل أن يعمل في وظائف لا علم ولا معرفة بها. القصة الغريبة.. قرأتها بلسان صاحبها: »سامح مصطفي«.. في حديثه مع الزميل الأستاذ ميخائيل حليم علي صفحات الموقع الإلكتروني:»الأقباط متحدون« قائلاً: [كان لدي محل كوافير رجالي، وكنت أكسب منه كسباً وفيراً. كونت نفسي. جهزت شقة تزوجت فيها.. وعشنا عيشة رغدة استمرت وقتاً قصيراً. وفي يوم من الأيام.. أرشدني الله إلي طريق الهداية، علي يد دعاة الفضائيات الدينية، حيث فهمت منهم من خلال ردودهم علي استفسارات شباب المشاهدين أن حرفة الحلاقة بها شبهات دينية، وتتنافي مع السنة]. وأضاف »سامح مصطفي« موضحاً: [ إن هؤلاء الشيوخ أكدوا علي أن حلاقة الذقن مخالفة للسنة. كما أن عمل »النامص« الفتلة حرام شرعاً، و»فتح العدسة« إزالة الشعر بين الحاجبين حرام. و »القزع« أي قص الشعر: »إنجليزي« أو »كابوريا« حرام أيضاً. وأنا أبحث عن إرضاء الخالق، وأريد عملاً حلالاً لا شبهة فيه، فقررت ترك عملي بالحلاقة، وأغلقت المحل وجلست بالمنزل دون عمل لفترة. وكان هذا صعباً عليّ لأنني كنت مسئولاً عن زوجة وطفلة]. ويبدو أن الهارب من صالون الحلاقة إلي البطالة قد كسب ثواباً خلال تلك الفترة الصعبة لأنه أمضاها في محاولة هداية، وإقناع حلاقين من أصحابه ليسيروا علي هداه، بداية ب: هجر مهنة الحلاق المشبوهة (..) والبحث عن مهنة أخري لا يعترض عليها دعاة القنوات الدينية! وقد كللت محاولات »سامح« مع هؤلاء بالنجاح مع أحدهم، في حين وعد الثاني بالتوبة بمجرد عثوره علي وظيفة أخري! ويروي »سامح مصطفي« في حديثه المنشور علي الموقع الإلكتروني ما حدث له بعد فترة البطالة القصيرة، فيقول: [ عثرت فيما بعد علي وظيفة »مساعد لحداد تسليح« وهو عمل شاق جداً بالنسبة لي، ولم أستطع الاستمرار فيه، فتركته بحثاً عن وظيفة أخري أقل صعوبة وإرهاقاً. وأخيراً عثرت علي فرصة في إحدي شركات صناعة المنتجات الكهربائية، وأعمل حالياً أمام إحدي الماكينات، وأنا سعيد به وبها]. لم يكتف »سامح مصطفي« فقط بهجر مهنته السابقة »كوافير« لأنها »حرام * حرام« كما فهم من فتاوي الفضائيات الدينية وإنما أصبح بوقاً يردد صدي ما سمعه من هؤلاء الشيوخ عن باقي المهن المحرمة، أو تلك التي يرفضها المذهب السني علي الطريقة الوهابية!ويختتم »سامح مصطفي« حواره مع الزميل في الموقع الإلكتروني واسع الانتشار قائلاً: [البنوك، والفنادق، وشركات السجائر، وحتي مكاتب المحامين.. كلها تحيط بها شبهات التحريم(..). وقد عرض عليّ العمل براتب كبير في أحد الفنادق لكني رفضت تماماً.. حتي لا أضع نفسي في موضع شبهات! وتوقفت عن فتح مشروع سنترال كان يحتاج إلي قرض من بنك، حتي لا أطعم زوجتي وابنتي من مال حرام! وأيضاً.. رفضت العمل في أماكن كثيرة لا لشيء إلاّ أن هذه الأماكن تسمح بعمل الفتيات والسيدات، أو تتعامل معهن.. وهذا غير مسموح ولا مقبول]. حديث الحلاق الذي اعتزل مهنته لأنها من المهن »المحرمة« طبقاً لفتاوي دعاة بعض الفضائيات الدينية لا مبالغة فيه. ويسهل العثور عليه بالصوت والصورة علي الموقع الإلكتروني. ولدي الكثير للتعليق ليس علي كلام وفعل الشاب لأني أعتبره ضحية لضلالات الذين لا هم لهم سوي تحريم أي شيء، وإظلام كل شيء وإنما النقد الشديد أري توجيهه إلي المسئولين عن تلك الفضائيات التي بدلاً من حث دعاتها علي ترسيخ : »عبادة العمل« ،في قلوب وعقول الشباب.. رأيناهم يرحبون بدعاة يحفزون الشباب علي هجر أعمالهم، ووظائفهم، في مهن عديدة.. بزعم أنها »محرمة علي من ينشئها، ومحرمة أكثر علي من يزاولها«! إننا نعاني من زيادة نسبة البطالة بين الشباب.. وبدلاً من المساعدة بالفعل أو حتي بالقول في إنقاصها، نجد هناك من يسعي إلي زيادتها، وتفاقم تداعياتها.. وكأن لا هدف لهؤلاء ومن وراءهم سوي إشاعة البؤس واليأس وسط الشباب بإقناع العاملين منهم بأن وظائفهم الحالية تشوبها الشبهات، وعليهم هجرها فوراً، والتفرغ لإقناع غيرهم بحذو حذوهم (..). .. ويا لبؤس تلك الدعوة. إبراهيم سعده [email protected]