كنت في التاسعة من عمري عندما بدأ الارسال التليفزيوني لأول مرة في مصر في 21 يوليو 0691.. ربما كانت سني صغيرا لكنني لا أستطيع أن أنسي ما أحدثه التليفزيون من ثورة في الإعلام تركت أثرا في كل بيت وساهمت في إحداث تنمية حقيقية للمجتمع فكرية وثقافية. ويوم الأربعاء القادم نحتفل باليوبيل الذهبي للتليفزيون.. خمسون عاما مضت والتليفزيون يقود الاعلام المصري ويحقق كل يوم اضافة جديدة في مسيرته.. لكنني لا أستطيع أن اتحدث عن التليفزيون وما حققه من تطور دون أن أرجع الفضل لصاحبه وأتوجه بكل التقدير والعرفان للدكتور محمد عبدالقادر حاتم صاحب فكرة إنشاء التليفزيون والذي أشرف بنفسه علي كل كبيرة وصغيرة في مراحل المشروع.. وهو ما جعله يلقب بأبوالتليفزيون. شباب مصر لا يعرفون شيئا عن د.حاتم وما حققه من انجازات في ثلاثة عهود متعاقبة عمل خلالها مع الرؤساء عبدالناصر والسادات ومبارك وهذا خطأ كبير نتحمل مسئوليته نحن الذين عاصرنا د.حاتم في أيام مجده وكان يجب ألا تنحسر عنه الأضواء مهما تقدم به العمر لأنه مازال قادرا علي العطاء والابداع. لهذا أسعدني أن أجد د.صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب يصدر بالتعاون مع مجلة الاذاعة والتليفزيون التي يرأس تحريرها الزميل ياسر رزق كتابا عن د.محمد عبدالقادر حاتم في إطار مشروع القراءة للجميع وضمن السلسلة الثقافية لطلائع مصر أعده الزميل إبراهيم عبدالعزيز نائب رئيس تحرير المجلة.. وقد استمتعت بقراءة الكتاب الذي قدم بانوراما متكاملة لانجازات د.عبدالقادر حاتم ومواقفه وآرائه وأفكاره وتعرض لمراحل عديدة في حياته لا تفي مساحة المقال بالاشارة إليها جميعا.. لهذا أكتفي بما يتعلق بدوره في مجالات الإعلام والثقافة والسياحة فقد أنشأ التليفزيون بعد معارضة شديدة في البداية من مجلس الوزراء ثم انشأ مسرح التليفزيون صاحب الفضل في النهضة المسرحية والفنية في الستينيات ومسرح البالون ومدينة السينما التي كانت تقدم مائة فيلم تقريبا سنويا.. كما أنشأ إذاعة القرآن الكريم ووكالة أنباء الشرق الأوسط وهيئة الاستعلامات.. وأنشأ أول وزارة للسياحة في مصر بعد أن أقنع عبدالناصر أن السياحة كنز لابد من استغلاله فأقام 54 فندقا وساهم في انقاذ معبد أبوسمبل وانشأ المجالس القومية المتخصصة التي أمضي 71 عاما مشرفا عليها.. وكان لعلاقته الوثيقة باليابان اثر كبير في إنشاء مشروعات عديدة بمنح يابانية وقروض ميسرة ساهمت في اعادة فتح قناة السويس وانشاء دار الأوبرا ومستشفي أبوالريش للأطفال ومترو الانفاق ومشروع الحديد بالدخيلة. لم يكن د.حاتم مجرد مسئول ناجح بل كان مثقفا له رؤيته وفلسفته الخاصة كما يتضح من مؤلفاته العربية والأجنبية التي بلغت 72 كتابا.. وقد أختير ضمن 005 مفكر عالمي قدموا للعالم انجازات فكرية.. لهذا يجب أن يقرأ شبابنا عنه وأن نسلط عليه الأضواء.. هذا حقه علينا بعد كل ما قدمه لمصر.