ذكرت مصادر سيادية مصرية أن الأجهزة الأمنية تمكنت من ظبط أجهزة تنصت متطورة داخلة عدد من المؤسسات الحيوية في البلاد، وتبين اتصال هذه الأجهزة، بطريقة مباشرة، بالإخوان المسلمين. وقالت المصادر، إن عمليات التجسس التي قام بها التنظيم، أثناء توليه محمد مرسي، منصب رئيس الجمهورية تركزت بشكل رئيسي على المؤسسات القضائية، التي كانت قيادات التنظيم تعتقد أنها تدبر مؤامرات للإطاحة بهم من سدة الحكم.
وأكدت أن المحكمة الدستورية العليا كانت أول الأهداف التي استهدفتها جماعة الإخوان للتجسس، بدء من تجسسهم على أعضاء المحكمة في غرف المداولة والتشاور، أثناء نظرهم الطعن في مجلس الشعب (المنحل)، الذي كانت الجماعة تحظى داخله بالأغلبية.
وامتدت عملية التنصت على أعضاء المحكمة الدستورية العليا إلى مرحلة ما بعد نظر الطعن في مجلس الشورى، والطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية، من قبل الفريق أحمد شفيق، الذي كان ينافس محمد مرسي على الفوز بها.
يأتي هذا في الوقت الذي اعترف فيه خيرت الشاطر، الرجل الثاني في التنظيم، في 11 ديسمبر من العام الماضي، بأنهم يمتلكون جهاز مخابرات خاص بالجماعة، حينما قال «نحن راصدون الفلول (أتباع نظام مبارك)، وهم معروفون لنا، ويتواجد بعضهم الآن في لندن وفي دول الخليج». وهو نفسه الذي أكد أن الجماعة تمتلك تسجيلات ل «متآمرين يريدون إسقاط الرئيس».
كرر الشاطر هذه التصريحات مرة أخرى لهيئة الإذاعة البريطانية، وقال إن جماعة الإخوان المسلمين رصدت اتصالات بين اللجنة العليا للانتخابات والمجلس العسكري (الحاكم آنذاك) تؤكد أن المجلس تدخل لاستبعاد بعض المرشحين، ثم جاء من بعده عصام العريان ليعلن أن الجماعة والرئاسة يملكان تسجيلات صوتية للنائب العام المصري الأسبق المستشار عبدالمجيد محمود، وأكد القيادي الإخواني علي عبد الفتاح فكرة امتلاك الإخوان لجهاز مخابراتي له القدرة على التجسس والتلصص حينما قال «شباب الإخوان يمتلكون تسجيلات لكل من خان الثورة، وبدَّل مواقفه، ليظهر وكأنه من الثوار الحقيقيين»، مشيراً إلى أن هذه التسجيلات استخدمتها الجماعة في الوقت المناسب، للرد على من يتطاول عليها.
وفي أوائل شهر ديسمبر الماضي أكد محمد جودة، عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان)، أن مكتب الإرشاد والحزب يمتلكان معلومات، موثقة بالصوت والصورة، عن وجود نية لدى المحكمة الدستورية العليا إصدار أحكام بحل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومجلس الشورى (التي يسيطر الإخوان عليهما).
لم تتوقف عمليات التجسس التي قام بها الإخوان على المحكمة الدستورية العليا، فقد امتدت تلك العمليات لتشمل مكتب النائب العام ومؤسسة الرئاسة، إلى الدرجة التي وصل معها مكتب إرشاد الجماعة إلى التنصت على الرئيس المعزول محمد مرسي نفسه.
وكشفت المصادر أن مراد علي، القيادي في حزب الحرية والعدالة، أسس خلية أطلق عليها اسم «الجهاز الإعلامي» للحزب، كانت مسؤولة عن عمليات التجسس والتنصت، تحت إشراف مباشر من محمود عزت، المرشد الحالي، وقائد التنظيم الخاص، الذي يعتقد أنه نجح في الهروب إلى قطاع غزة.
ممارسات الإخوان، فيما يتعلق بالتجسس وجمع المعلومات في مصر، لم تكن وليدة المرحلة الحالية، فهي ترجع إلى زمن مؤسس التنظيم الأول حسن البنا.
يذكر أن النواة الأولى لهذا الجهاز تم وضعها على يد محمود عساف، الذى يصفه الإخوان بأنه أمين المعلومات في عصر حسن البنا، في الفترة ما بين 1944 و 1948، وكان عمله، طبقا لما ورد في مذكرات الرجل التي تحمل عنوان «مع الإمام الشهيد حسن البنا»، أو ما تذكره كتب ودراسات الإخوان عن تلك الفترة، أنه يتحمل مسؤولية جمع المعلومات عن جميع الزعماء والمشاهير من رجال السياسة والفكر والأدب والفن،
سواء كانوا من أعداء الإخوان أو أنصارهم، ويحتفظ بها في أرشيف مكتب الإرشاد ليعود إليها وقت الحاجة، وهي الطريقة التي لم يمارس غيرها الإخوان حتى قيام ثورة يناير، وحتى بعد وصولهم إلى السلطة، وسيطرتهم على الأجهزة الأمنية والمخابراتية المصرية