لفت مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان إلى أنه "لولا الفرص التي أتاحها الشباب، فإن أحداً لم يكن ليتوقع ما حدث خلال الأشهر الستة الماضية في الشرق الأوسط"، وأضاف: "عملتُ في هذه المنطقة فترةً طويلة، وأؤكد أننا نعرف أن الوضع لم يكن ممكناً أن يستمر، لكن السؤال كان أين سيبدأ التغيير"، معتبراً أن "العرب لا يقدّرون حقّ التقدير ماذا فعلوا وماذا فعل الرأي العام، فهم غيّروا تاريخهم وها هم يتولّون المسؤولية عن حياتهم ومستقبلهم، ومن المحزن ألا يقدّروا حقاً ما حقّقوه لأنفسهم"، وتابع: "لمصلحتنا تأييد الإنتقال الديمقراطي الذي يأتي بناءً على مطالب العرب أنفسهم وليس بأجندة خارجية". وفي حديث إلى قناة "الجزيرة"، مضى فيلتمان يقول: "أعتقد أنّه حينما ننظر إلى ما يحدث اليوم، فبكل تأكيد إنّ ظاهرةً نشأت في العالم العربي، حيث نجد الناس يطالبون بكرامتهم وحقوقهم الأساسية"، ورأى أن "الوضع في العراق مشابه في بعض الجوانب، ف(الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين كان دكتاتوراً في فئة من أسوأ زعماء العالم، والإدارة الأميركية السابقة وشركاؤها اتخذوا قراراً بأن الوقت قد حان لوضع حد لديكتاتورية صدام حسين"، مشدداً على أن "العراق مختلف عما كان عليه قبل عشر سنوات"، لكنه أشار في الوقت عينه إلى "جسامة التحديات التي يواجهها العراقيون رغم أنهم إلى حد كبير هم الذين يناقشون مستقبلهم". وحول المعيار الذي تعتمده واشنطن لتقرر المسافة التي تحتفظ بها من ثورة الشعب في كل دول عربية، أجاب فيلتمان: "الرئيس (الأميركي باراك) أوباما أوضح في 19 أيار في خطاب أنه إلى جانب طموحات شعوب الشرق الأوسط الذين يحاولون رسم مستقبل افضل لأنفسهم، ولا بد أن تكون الاجندة الإصلاحية ناشئة من المنطقة نفسها، فلا يمكن أن نكتبها لهم، وليس هذا دورنا وليس من الملائم للولايات المتحدة أن تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، بل نحن نستخدم سياستنا الخارجية من أجل مساعدة هذه الشعوب لتحقيق أهدافها في حكومات ترضى المساءلة، وصحيح أنه لدينا مصالح كبيرة، لكن الرئيس (أوباما) أوضح أن من بين مصالحنا دعم الأجندة الإصلاحية لشعوب المنطقة". وبشأن تأخر الموقف الأميركي ممّا يجري بسوريا، ردّ فيلتمان: "علاقتنا مع سوريا التي تشوبها صعوبات، مختلفة تماماً عن الشراكة الإستراتيجية مع اصدقائنا في الخليج، ونحن نتطلع إلى أفضل المقاربات للسياسات التي تشمل تعزيز الإصلاح لكثير من هذه الشعوب في المنطقة"، مضيفاً: "(الرئيس السوري بشار) الأسد يكذب ويقوّض ما يقوله، وهو سمح باستمرار التعذيب في السجون، والرئيس أوباما قال في نهاية المطاف حسناً آن الآوان لرحيل الأسد، فكيف يمكن ان يتحدث عن الإصلاح ولا يسمح للناس بالتظاهر؟ وكيف يتكلم عن الإصلاح وهناك تعذيب في السجون؟ هناك تناقض شديد في أقوال وأفعال الأسد، والولايات المتحدة وأوروبا قالتا كفى، ويجب ترك فرصة للشعب السوري بأن يمضي قدما من أجل مستقبل افضل من الواقع الحالي في سوريا، حيث يُستخدم التعذيب والسرقة والإرهاب في حكم سوريا التي تستحق أفضل بكثير". وتابع فيلتمان: "علاقتنا بسوريا سيئة منذ فترة طويلة، وكان يأمل أوباما ان يصنع ارضية مشتركة، لكن وجدنا صعوبة بأن يقتنع الأسد، والإجراءات التي اتخذها الأسد سببت العزلة لدمشق، فهناك انتهاك بشع لحقوق الإنسان في سوريا، والنظام السوري وكيل لإيران في الشرق الأوسط، وهو سبب عدم الإستقرار في المنطقة ولديه حليف في فلسطين وآخر في لبنان، وليس من مصلحتنا ان يظل نظام مثل هذا النظام قائماً، والوحشية التي نراها على يد النظام لا ينكرها أحد، وآن الأوان لكي يرحل". وبشأن ما جرى في مصر، قال فيلتمان: "الأصح والأفضل في مصر ان تكون بلدا ديمقراطياً، ومن مصلحة مصر ان تكون قوة للإستقرار في المنطقة، والعديد من الإجراءات المحلية في مصر هي رهن بالحكومة المقبلة التي عليها أن تسعى لخلق فرص العمل، فهناك اجندة محلية كبيرة في مصر، كما أنها ستواصل القيام بدور قيادي في العالم العربي، وهذه ليست أمور متناقضة، فبمقدور المرء أن يقوم بدور وطني في المنطقة وأن يسعى لأجندة تخدم الشعب المصري".