هل يصبح السودان صين إفريقيا الشواهد والأرقام تشير إلى أن السودان لم يكتف بان تكون علاقاته مع الصين كثاني أكبر دولة إفريقية في حجم التبادل التجاري بين البلدين بقدر ما سعى إلى نقل التجربة واستيراد المعرفة الصينية وحقنها في جسم الإدارة التنموية في البلاد. فهناك أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة مبتعثين للدراسة في الجامعات والمعاهد في الصين وفق برنامج منح دراسية سنوية كما أن نحو 3500 مهندس سوداني من الجنسين شاركوا بفاعلية للاستفادة من تجربة إنشاء وتنفيذ سد مروي والمشاريع المصاحبة له وهو المشروع الذي دخلت فيه الصين إلى السوق الإفريقية لأول مرة في عام 2004 لتنفيذ هذا النوع من المشروعات العالية التقنية والتي تتميز باستخدام تكنولوجيا متطورة. كما يزداد يوما بعد آخر عدد الطلبة والطالبات الراغبين في تعلم لغة الهان اللغة الرسمية والأكثر انتشارا في الصين كونها اللغة الأكثر تطلبا في سوق العمل السوداني بعد تزايد مشاريع الشراكة الإستراتيجية بين حكومتي الصين والسودان. أربعة وستون عاما هي مسافة الجسر بين الحلم والواقع قطعها السودانيون منذ 1946 في معارك سياسية ومناظرات اقتصادية وحسابات منافع وخسائر قبل أن يطوي الجميع ألسنة الجدل والأخذ والرد وتتحول الأفواه إلى مسارح للدهشة ومنابر للإيمان بأن السودان قادم بقوة وأنه أمسك أخيرا بتلابيب العولمة العاصية على هذا الوادي الخصيب. السواعد السمراء : الحضور الصيني لم يسرق مشهد البطولة من سواعد أهل البلاد حضر العلماء والمهندسون وكل الخبراء وقوافل طلاب وطالبات الجامعات لدرس وتمحيص هذه التجربة الغنية بالخبرات العالمية القادمة عبر الشركات المنفذة للمشروع الذي يعد الأكبر في قارة إفريقيا. خمسة آلاف فرصة عمل ونحو 3500 مهندس تم تدريبهم في التخصصات المختلفة لبناء السد والمشاريع العديدة المصاحبة في مدينة مروي. في كل مشاهد الحياة اليومية هنا وفي الخرطوم على الأقل تجد الصين حاضرة وبقوة. هي الصديق الذي مد يده لاستثمار النفط والغاز ومصافي البتروكيماويات وإنشاء مصانع السيارات والسكر وساهم في المشاريع التنموية في الوقت الذي تخلى الجميع عن المساعدة وخلا المسرح السوداني لكل منتج صيني السودان في طريقه إلى فهم الخلطة الصينية السرية يوما بعد آخر يتزايد أعداد الراغبين في تعلم لغة "الهان" وثقافة العمل الصينية والخبراء والمختصون يشتغلون في جامعاتهم ومراكز البحوث على فك رموز نظم الإدارة الصينية الحديثة، وطرق تطبيقاتها في آلة التنمية المحلية وحينما يصلون إلى سر الخلطة ربما يصبح السودان صين إفريقيا ولا جدال. استيراد المعرفة التكنولوجية أساس التعاون الصيني السوداني أن تجربة إنشاء وتنفيذ سد مروي والمشاريع المصاحبة له وهو المشروع الذي دخلت فيه الصين إلى السوق الإفريقية لأول مرة في عام 2004 لتنفيذ هذا النوع من المشروعات العالية التقنية والتي تتميز باستخدام تكنولوجيا متطورة. خلال العقدين الماضيين تطورت العلاقات الصينية السودانية، بنسبة نمو ثابتة لا تقل عن 30% سنويا، بعد أن بدأت باتفاقية تعاون متبادلة عام 1981 إلى أن خطت بقوة في عام 1995 مع بدء الشراكة الإستراتيجية في مجال أعمال التنقيب عن النفط والتعدين وبدء الإنتاج في عام 2000م والتوسع اللافت في حجم الاستثمار الصيني في المشاريع الزراعية في السودان الذي يعد سلة الغذاء العربي وأكبر بلد خصب في قارة إفريقيا فالمعدات والآلات الزراعية الصينية والأجهزة المنزلية ومواد الإنشاءات في قطاع الإسكان تعد الأكثر استخداما والأقل كلفة في السوق السوداني إلى جانب رفع وتيرة التعاون في مشاريع تنموية في مجالات النقل وإنشاء الطرق والجسور والسكك الحديدية والنسيج والغزل والطب والعلاج والتعليم وأخيرا في مجال توليد الطاقة الكهربائية بالمساهمة في بناء وتشغيل محطة كهرباء سد مروي المطل على نهر النيل (350 كلم شمال العاصمة الخرطوم) بطاقة 1250 ميجاوات ونقلها عبر شبكة أبراج الضغط العالي إلى جميع محطات التوزيع في الولايات السودانية.