تضمن التقرير الثامن الذي سلمه رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي سيرج برامرتس الى الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون اكثر من محطة يمكن التوقف عندها والتمعن بقراءتها لاستشراف الوضع في لبنان خلال الفترة المقبلة لاسيما وان لبنان يعيش منذ اغتيال الحريري في فبراير العام 2005 تداعيات زلزال الاغتيال على كافة الصعد والتي تبلورت بالازمة السياسية الحادة المسدودة الافق حتى الان . ولبنان الذي معروف عنه ميزته في انه بلد الازمات والتسويات لم يشهد في تاريخه ازمة كالتي يعيشها الان لتعدد اولياء الحل والربط بشؤونه وتشعب التدخلات الى مستوى يجعل المؤتمر الدولي لبحث قضيته امرا مطلوبا . وهذا على كل حال ما تؤكده المعطيات في كل يوم لعل اخطر ما في تقرير المحقق الدولي هو تحذيره من ان تدهور الوضع السياسي في لبنان قد ينعكس سلباً على التحقيق اي ان التدهور سيتجاوز على ما نحن عليه الان وقد يصل الى مستوى انفراط العقد السياسي اللبناني كاملا بحيث لم يعد هناك مجال للتلاقي بين لبنان على وطن واحد موحد خصوصا وان براميرتس رجح ان تكون العوامل السياسية وراء جريمة اغتيال الحريري اي بمعنى ادق الانقسام السياسي اتخذ طابع التصفية الجسدية والشطب من المعادلات السياسية وبالتالي فان هذا الامر يبقى في اطاره الشخصي وانما يهدد الوحدة وصيغة التعايش اللبناني اللبناني لا سيما اذا ثبت ان جهات لبنانية واقليمية تقف وراء جريمة الاغتيال في ضوء قول المحقق الدولي ان لديه تصور محدد في عدد من الاشخاص الذين ربما شاركوا بدافع مصلحة خاصة في شكل ما في الاعداد والتنفيذ للهجوم على الحريري او كانت لهم معرفة مسبقة به اضافة الى ذلك هناك . الدوافع المحتملة للجريمة المرتبطة بالانشطة السياسية لرفيق الحريري والعلاقات السياسية والشخصية بين رفيق الحريري والقادة والمسؤولين السياسيين في لبنان وسوريا وبلدان اخرى في هذه المرحلة ولاسيما الفهم لسياق المحيط باعتماد قرار مجلس الامن 1559 (2004) وتحديدا حول بعض النواحي المتعلقة بالدور الذي يمكن ان يكون قد اداه رفيق الحريري وقادة سياسيون لبنانيون ودوليون بارزون في اعتماد القرار، وكذلك بنظرة بعض الاطراف الخارجيين الى هذه الادوار. لكن التقرير قال انه لا يزال يتوجب التحقيق اكثر في بعض الاحداث المحيطة باعتماد القرار 1559، الفرضية التي تعمل عليها اللجنة هي انه من المحتمل ان تكون هذه الاحداث قد أدت دوراً مهماً في تجهيز البيئة التي ادت الى تكوّن الدوافع لاغتيال الحريري. وركز التقرير على سلسلة الاحداث التي ادت الى التصويت لتعديل الدستور اللبناني لتمديد ولاية الرئيس اميل لحود وصلتها بالتحقيق وقد توصلت اللجنة الى فهم مرض لدور الفاعلين السياسيين المختلفين وموقفهم في شكل عام في هذه المرحلة وللتأثير الذي يمكن أن يكون قد مارسه هذا الأمر في الدافع وراء تنفيذ الهجوم. الا ان المحقق الدولي لم يسقط احتمال أن تكون مجموعات متطرّفة مثلاً استهدفت الحريري لأنّه كان يُعتبَر على نطاق واسع في لبنان والعالم العربي شخصيّة بارزة في طائفته. لا يمكن الاستبعاد أنّ دوافع اغتيال الحريري نجمت ربّما عن مزيج من العوامل السياسية والمذهبية ومن الواضح ان التحقيق دار في دائرة انشطة رفيق الحريري في الأيام التي سبقت الهجوم في اشارة الى حصر الجريمة في اطار لبناني اقليمي خصوصا وان لجنة التحقيق أعدّت لائحة شاملة بالاجتماعات المهمّة التي أجراها رفيق الحريري على مرّ أشهر عدّة قبل اغتياله وهي تعني لقاءه مع الرئيس السوري بشار الاسد وما سربه الحريري بعد اللقاء انه كان لقاء تهديد بالتصفية . وقد ربطت اللجنة جريمة اغتيال الحريري بالعديد من الأحداث الأساسية التي طبعت المشهد السياسي اللبناني في السنوات الأخيرة وقد كشف هذا الربط نقاطاً مشتركة مثيرة للاهتمام وكذلك بعض الاختلافات التي قد تكون ذات أهمية في المواقف التي اتّخذها الأفراد المستهدَفون في الاغتيالات التي حدثت في العام 2005. وفي هذا الخيط في التحقيق، الفرضية التي تعمل عليها اللجنة هي أن بعض هذه العلاقات هي على صلة بمجالات مهمة في التحقيق في اغتيال الحريري. ويشير تثبيت اللجنة لاستنتاجاتها والمقارنة بينها في كل من القضايا إلى وجود نقاط تشابه إضافية متعلّقة بالمتفجّرات والسيّارات المستعملة في العديد من الهجمات.وتشير التحاليل الامنية التي اجرتها اللجنة بالتعاون مع منظمات اخرى ان الوضع الامني في لبنان في الاشهر المقبلة يبدو قاتماً ويعود هذا الى حد كبير الى الآثار السلبية مجتمعة للمأزق السياسي المستمر بين الاكثرية والمعارضة في لبنان وتدهور الوضع الامني في المنطقة. من المتوقع على نطاق واسع ان تشهد المرحلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية اللبنانية المقررة في وقت لاحق هذا العام، ارتفاعاً للتشنج يتسم بمزيد من الحوادث الامنية المحتملة. علاوة على ذلك، ليس واضحاً ماذا سيكون تأثير انشاء المحكمة الخاصة بلبنان في الوضع الامني في لبنان واللجنة في شكل خاص في الاشهر المقبلة.