ظاهرة غريبة تكررت في عدد من المحافظات خلال الفترة الأخيرة هي سرقة ملفات القضايا من بعض المحاكم وكان أقربها سرقة134 ملف قضية من مبني محكمة منيا القمح. وسبقها الابلاغ عن سرقة16 ملف قضية من محكمة الخانكة وفي سابقة ثالثة كان الابلاغ عن سرقة عدد من الملفات من احدي محاكم المنصورة الأمر الذي يثير تساؤلات عدة عن حقوق المتقاضين من أصحاب الملفات التي سرقت وما مصير القضايا التي اختفت ملفاتها؟ وكيف تأخد العدالة مجراها في ظل هذه الظاهرة؟ في البداية يقول حسين أحمد محمود( محاسب بشركة الأسمنت): أين حق المتقاضي الذي سرق ملف قضيته بينما لم يكن مقصودا بالسرقة كما حدث في ملفات محكمة منيا القمح مؤخرا اذا كان المقصود بالسرقة ملفا واحدا بعينه بينما تمت سرقة134 ملفا مع ضياع بعض المستندات من الكثير من هذه الملفات ؟ وماذا عن ضياع أصل الشيكات المقدمة بهذه الملفات؟! ويطالب زكريا فرحات المهدي بتفعيل قانون تأمين المحاكم حماية لمصالح المتقاضين ويتساءل من المسئول عن ضياع أي مستند وحيد بالملف كالشهادات او الشيكات؟ ومن الذي يتحمل المسئولية؟ وعن المسئولية الأمنية يقول الخبير الأمني اللواء فؤاد علام: هذه الجريمة ليست جديدة علي المجتمع, وانما هي موجودة منذ زمن بعيد كما أنها لاتمثل ظاهرة حتي الآن. أما الجديد بهذه الجريمة فهو أنها بدأت تعكس بشكل أكبر الفساد المستشري بين الكثير من الموظفين والعاملين بالمحاكم من محضرين وكتبة وهو فساد لايتمثل في حوادث السرقة فقط وإنما بما يقومون به من تدخلات في القضايا نفسها فيمكن شطب القضايا وسقوطها بعدم رفق الاعلان مثلا, واشياء كثيرة أولها اخفاء أحد الأدلة او دس دليل زيادة في القضية والتغيير في مجملها, والحصول علي الرشاوي لذلك فالأمر يحتاج الي ثورة في عمل الكتبة والمحضرين وموظفي المحاكم الذين يضمون بينهم الكثيرين من ضعاف النفوس. من جانبه يري عبد العظيم المغربي الحقوقي وعضو اتحاد المحامين العرب ان هذه الظاهرة تعبر عن جريمتين اساسيتين وعامتين في المجتمع: الأولي هي جريمة الاهمال والثانية الفساد وفيما يتعلق بالاهمال فان من يذهب الي سراديب المحاكم او النيابات يكتشف ان أوراق التحقيقات والقضايا بملفاتها في حالة فوضي وبعثرة في أدراج خشبية مفككة ودون أين نظام وحينما يتم الاطلاع علي القضايا يقوم سكرتير الجلسة اوالنيابة بتسليم المحامي المكلف ملف القضية او التحقيق كي يطلع عليها دون أن تكون الأوراق او المستندات مرقمة وبالطبع فهذا لن يحول دون سرقة المستندات او بتر بعضها او ادخال التزوير عليها, ونهاية بسرقة الملف بالكامل. ويضيف.. للأسف الشديد لابد من القول إن الرشوة تؤدي دورا أساسيا في ذلك, وهذه الظواهر يعلمها جيدا التفتيش الاداري ومفتشو النيابات وعلي الرغم من ادعائنا بأننا قد دخلنا عصر الادارة الاليكترونية فإن ذلك لايمثل أكثر من واحد في الألف مما ينبغي توثيقه إليكترونيا في جميع أعمالنا الادارية. أما ظاهرة الرشوة فيصفها الدكتور المغربي بأنها أصبحت قانونا عرفيا مسلما به في جميع المحاكم والنيابات بمصر. ولكن أين يكمن العيب- يقول إنه يقع علي الجهاز الاداري والمحضرين وسكرتاريات المحاكم والنيابات وهنا حجم الضرر كبير حيث ضياع الكثير من الحقوق علي الدولة والأفراد. وأحيانا ما تؤدي هذه الأفعال الي ارتكاب جرائم القتل- بسبب الاحساس بغيبة القانون- ليسود قانون الغاب. وعن عقوبة هذه الأفعال يقول إنه في حالة ضبط الجاني تصل عقوبته الي الأشغال الشاقة المؤبدة, وأحيانا يكون الجاني موجودا خاصة في مافيا سرقة أراضي الدولة وعقارات المواطنين, وللأسف الشديد هناك فئة من شباب المحامين والعاطلين الذين لاتربطهم بمهنتهم أواصر حقيقية يساعدون في هذه الجرائم وعن الإجراءات التي يجب أن تتخذ للقضاء علي هذه الظاهرة يقول: لأن الجناة سارقي هذه الملفات يمكن ان يكونوا من داخل المحكمة أو من خارجها ممن لهم مصلحة في ذلك لذلك لابد من تشديد الإجراءات الأمنية بتخصيص شرطة قضائية تكون مهمتها حماية المحاكم وتأمينها علي أن تكون منفصلة عن القوات العادية وهذا مطلب متكرر للقضاة ولكن للأسف لم يستجب له, حيث لا توجد شرطة متخصصة في حماية المحاكم سواء داخل قاعات المحاكم أو داخل أروقة حفظ المستندات, ولكن ما يوجد بالمحاكم هو قوات أمن عادية تغادر مكانها بانتهاء المهمة وكذلك يجب تعميم ميكنة حفظ الملفات القضائية بتسجيلها بالكمبيوتر وذلك الأمر قد بدأ بالفعل في بعض المحاكم بالقاهرة ولكن للأسف لم يصل بعد إلي محاكم الاقاليم احتفظ بالأصول : عن أسباب الظاهرة يقول احمد رجب المحامي والمستشار بالتحكيم الدولي إن القضية ترجع إلي انعدام الضمير وانتشار الرشوة المقنعة فيمكن تسريب الملف أو مستند منه عن طريق أي من العاملين بالداخل أو يمكن اتلاف الملف عن طريق اللعب في الأوراق بشئ من التزوير أو الاضافة وهذه يتم حصرها في قانون العقوبات تحت أكثر من جريمة في حالة ضبط القائم بها( رشوة وتربح من أعمال الوظيفة التزوير أو الاتلاف للمستند) ويتم ذلك بحسب قيد ووصف النيابة العامة وبحسب مشاركة هذا الموظف في الفعل خاصة أن بعض المتقاضين يقومون بإيداع ملف القضية عند رفع الدعوي, ولأن هناك فترة زمنية طويلة ما بين تاريخ إيداع المستندات ونظر القضية تتداول هذه المستندات ما بين أمين سر الجلسة, وهنا يمكن أن يحدث اللعب في هذه الأحوال فيمكن استخدام بعض المواد الكيماوية لإزالة بعض الأدلة.. ولضمان عدم حدوث ذلك عند رفع الدعوي تقدم بصورة المستند,مع كتابة إقرار لتقديم أصل المستند عند تحديد أول موعد للجلسة وتقدم للقاضي ويوقع عليها بكلمة نظر وتوقيعه الشخصي, وبذلك يكون لدينا بعض الاطمئنان. متاعب المحامي : أما الضرر الواقع علي المحامي فيري أشرف عبد الرشيد محمد( المحامي) أنه من جراء عدم تأمين الملفات داخل المحاكم يتم النظر إلي المحامي علي أنه متخاذل وقد يصل الأمر لتوجيه الاتهام له بالإهمال وهو إهدار لهيبة المهنة وأيضا تهديد في الرزق وذلك أن الإهمال في حفظ الملفات بلغ حدا خطيرا فعلي سبيل المثال في محكمة شمال الجيزة حجرة الحفظ عبارة عن حجرة خشبية فوق سطوح المحكمة وكذلك محكمة النزهة دواليب الحفظ عبارة عن صاج مفتح وصدأ وحتي مع عوامل الجو فهي معرضة لضياع مابها, كما أنها معرضة للحريق في أي وقت نتجة إلقاء عقب سيجارة أو خلافه ولأنها حجرات مهمة أكثر من حجرات السكرتارية فيجب تأمينها بشكل محكمة حتي لا تضيع مصائر الناس.