العقبات أمام الحكومة الإسلامية في تركيا تتراكم بسبب تصاعد أعمال العنف المتزامنة مع التوتر حول الملف الكردي البالغ الحساسية. صحيفة حريات دايلي نيوز كتبت أن "الاعتداءات الإرهابية الأخيرة في البلاد والانتقادات الموجهة للمبادرة الديمقراطية - التي أطلقتها الحكومة لحل الأزمة الكردية الممتدة منذ عشرات السنين - أدت إلى تصاعد التوتر في تركيا". وتعرضت الحكومة التركية لنكسة في 11 ديسمبر/ كانون الأول 2009 بعدما قررت المحكمة الدستورية حظر حزب المجتمع الديمقراطي، لاتهامه بإقامة صلات مع حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة ودول عدة منظمة إرهابية. وكانت المحكمة الدستورية فشلت عام 2008 في حظر حزب العدالة والتنمية - الذي يترأسه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان - بسبب انتهاكه للعلمانية. ورحب حزب الشعب الجمهوري - الذي أسسه كمال أتاتورك - بقرار حظر حزب المجتمع الكردي، معتبره "القرار الصحيح"، بينما قال وزير الطاقة تانر يلدز إن هذا القرار "لا يحل أي مشكلة". قرار المحكمة الدستورية عرقل مساعي الحكومة إلى "الانفتاح الديمقراطي" على الأكراد، بغية سحب تأييدهم لحزب العمال الكردستاني، ووضع حد للنزاع الذي أدى إلى مقتل 45 ألف شخص في ربع قرن. المحلل أحمد انسل - من جامعة جالاتساري في اسطنبول - قال إن هذا القرار "نسف تام للانفتاح الديمقراطي". القرار يقضي أيضا بمنع قياديي حزب المجتمع الديمقراطي من ممارسة النشاط السياسي ل5 سنوات. ويعتزم نواب الحزب ال19 مقاطعة البرلمان، ويفكرون في الاستقالة. وتنطوي الاقتراحات التي تقدمت بها الحكومة على السماح للأكراد في تركيا – 12 مليونا من أصل 71 مليونا - باستخدام لغتهم. وانتقد الأكراد هذه الاقتراحات واعتبروها غير كافية. كما انتقدتها المعارضة التركية التي اتهمت أردوغان ببيع الوحدة الوطنية. وبالتزامن مع هذه الاقتراحات - التي رأى محللون أنها ترمي لتعزيز فرص تركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي - سمحت الحكومة في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول بدخول 8 من متمردي حزب العمال الكردستاني دون اعتقالهم، بعدما تركوا قاعدتهم شمال العراق. غير أن مبادرة السلام هذه ارتدت سلبا على الحكومة، إذ استقبل المقاتلون ال8 استقبال الأبطال في ديار بكر ما أثار احتجاجات شديدة للمعارضة القومية والكمالية. وقامت الحكومة أيضا بتحسين ظروف احتجاز رئيس حزب العمال عبد الله أوجلان - 61 عاما- الذي يقضي عقوبة السجن المؤبد منذ 1999. وهنا أيضا فشلت المبادرة، إذ تحدث أوجلان عن تردي ظروف احتجازه عما كانت عليه، مما تسبب بتظاهرات عنيفة مساندة له أوائل ديسمبر/ كانون الأول 2009، أسفرت عن مقتل طالب كردي. ورد حزب العمال بقتل 7 جنود شمال البلاد. وقتل الجيش التركي في المقابل 9 متمردين، في دوامة عنف دموية لم تشهد البلاد مثلها منذ أشهر. وفي هذا الجو المتوتر، دعا الرئيس عبد الله جول إلى "جمع كل الأحزاب السياسية". ولم يصدر رد من المعارضة بعد على هذه الدعوة.