لم تتمكن والدة الأسير الفلسطيني سامر حامد من حبس دموعها وهي تستغيث "كل من له ضمير حي" أن يعيد ابنها البكر إلى البيت، قبل أن تنفذ السلطات الإسرائيلية قرارها بإبعاده مع ثمانية أسرى آخرين إلى خارج البلاد. وتذكر أم سامر البالغة من العمر (31 عاما)، كيف اعتقل ولدها في تموز(يوليو) 2006 من بيته بقرية سلواد شمال رام الله، بعد ولادة طفلته الأولى بستة أيام فقط، ومنذ ذلك الحين لم تتح لعائلته زيارته أو الاتصال به. ورغم انتهاء حكمه البالغ 11 شهرا، فإن سلطات الاحتلال قررت عدم الإفراج عنه، وهو منذ أكثر من عامين معتقل استنادا للقانون الإسرائيلي المسمى "قانون التسلل"، إلى حين إبعاده بدعوى "أنه لا يستحق البقاء في البلاد". وتبين الأم، حسبما نقلت "الجزيرة نت" أن سامر عاد من الأردن ليعيش في قريته في مايو(أيار) 2000، وتزوج وحصل على الهوية الفلسطينية كباقي أفراد اسرته الذين أصبحوا جميعا مواطنين فلسطينيين ويحملون جوازات سفر ويتنقلون على المعابر بشكل اعتيادي. وكشف نادي الأسير الفلسطيني مؤخرا عن قرار الاحتلال الإسرائيلي إبعاد تسعة أسرى فلسطينيين، ممن قدموا إلى الضفة وغزة منذ سنوات بتصاريح زيارة قانونية وحصلوا على هويات فلسطينية لاحقا عن طريق معاملات "جمع الشمل". ويروي شقيق الأسيرين طالب وعمر بني عودة (22 و23 عاما) معاناة أسرته منذ ثلاثة أعوام في انتظار الإفراج عنهما، مضيفا أن شقيقيه اعتقلا منذ عام 2006، وانتهت مدتا حكميهما وأبلغا بقرار الإبعاد بحجة أنهما ليسا فلسطينيين رغم تمكن العائلة من استصدار هويات لهما بموافقة إسرائيلية. ويضيف أن سلطات الاحتلال تعرض عليهما اخيرا الإبعاد من الضفة إلى قطاع غزة عوضا عن الأردن، ولكنهما يرفضان ويطالبان بالعودة إلى قريتهما طمون شمال الضفة الغربية. ومن بين الأسرى المهددين بالإبعاد، منير أبو ضباع من قطاع غزة، والذي اعتقل خلال الحرب الأخيرة، وتسلم قرارا بإبعاده إلى الأراضي المصرية بحجة أنه ولد هناك. وتسكن عائلة أبو ضباع في مدينة غزة منذ ما يزيد عن عشر سنوات وقد حصل مع عائلته على لم شمل وهوية فلسطينية منذ أكثر من عامين. كما يشمل القرار الأسير حماد أبو عمرة من سكان مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وقد عاد منذ سنوات إلى الضفة، وتعرض للاعتقال وأنهى محكوميته منذ شباط (فبراير) الماضي. وحسب رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، فإن كافة الأسرى التسعة المهددين بالإبعاد اعتقلوا على خلفية أنشطة عادية ولا تتسم بأية خطورة، وحصلوا على هويات فلسطينية بواسطة وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية وبموافقة من المؤسسات الأمنية الإسرائيلية. ويؤكد فارس أن الجانب الفلسطيني قدم للمحكمة العليا الإسرائيلية التماسا ضد إبعادهم، وأبرز بطاقات هوياتهم التي تثبت مواطنتهم الفلسطينية وحقهم في الإقامة، إلا أن قاضي المحكمة رد بالحرف الواحد "صحيح وافقنا على لم شملهم، وكان ذلك خطأً لذا قررنا التراجع". ورغم أنها قد تعد سابقة في إبعاد أسرى فلسطينيين بشكل جماعي وبخلفية "عدم المواطنة"، فإن المحاولة ذاتها وقعت عام 2003 عندما قررت إسرائيل إبعاد ثمانية أسرى فلسطينيين إلى الأردن للمبررات ذاتها، وانتهى أمرهم بالعودة إلى عائلاتهم بعد أن رفضت السلطات الأردنية استقبالهم. وشدد رئيس نادي الأسير على أهمية الدور الأردني خصوصا والعربي عموما في عدم السماح للاحتلال الإسرائيلي بتفريغ الأرض الفلسطينية من أصحابها، عبر رفض استقبال المبعدين والثبات على ذلك. ولا يتوقف التلويح الإسرائيلي بإبعاد الأسرى بدعوى "عدم المواطنة" فقط، بل يشترط الاحتلال إبعاد عدد من كبار قيادات الأسرى الفلسطينيين، والذين تشدد حركة حماس على ضرورة الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل مقابل الجندي الاسير جلعاد شاليط. ويحذر رئيس نادي الأسير من أن الشرط الإسرائيلي جاء في ظل ثبات الفصائل الآسرة على مواقفها، وفي محاولة لتفريغ الصفقة من قيمتها في الوعي الفلسطيني وعدم السماح للفلسطينيين بأن يشعروا بتحقيق أي إنجاز من خلالها. ولم يتسن ل"الغد" الحصول على اي رد رسمي من الحكومة حول هذا الموضوع على الرغم من محاولتها الاتصال باكثر من مصدر رسمي منذ يوم الخميس الماضي.