دخلت الحرب الاعلامية والسياسية بين السعودية وايران منعطفا جديدا امس الثلاثاء حيث لوح الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ب'قرارات مناسبة' ستتخذها بلاده إذا لم يتلق مواطنوها معاملة 'مناسبة' خلال أدائهم مناسك الحج في السعودية. وأضاف، في تصريح أورده له تلفزيون 'العالم' الإيراني الذي يبث باللغة العربية، ان 'موسم الحج يعتبر فرصة استثنائية للدفاع عن القيم الإسلامية، وان اجتماع المسلمين وخاصة الحجاج الإيرانيين سيفشل مؤامرات الأعداء ويزيد من وحدة المسلمين'. تأتي تصريحات نجاد في أعقاب ما ورد على لسان المرشد الأعلى للثورة السيد على خامئني في خطبته الأخيرة أمام المسؤولين عن الحج، إذ قال "إن حجاج بيت الله الحرام لا يمكن أن يتخذوا موقف اللامبالاة إزاء المشاكل التي يواجهها العالم الإسلامي وخاصة في العراق وأفغانستان وفلسطين وجزء من باكستان" مما يثير مخاوف و بعض المراقبين ان يكون النظام الايراني يهدد بقيام الحجاج الايرانيين بمظاهرات صاخبة اثناء موسم الحج على غرار تلك التي وقعت في منتصف الثمانينات وادت الى صدامات دموية مع الشرطة السعودية واسفرت عن مقتل 400 حاج على الاقل مما احدث ازمة حادة بين البلدين. وردا على تلك التصريحات حذر وزير الحج السعودي الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي من استغلال الحج لأغراض سياسية. وضخ جملة من القضايا الخلافية التي تشق الصف الإسلامي وتعكر صفو الحج على ملايين حجاج بيت الله الحرام.وأضاف أن القاصي والداني يعلم ما تقوم به المملكة وقيادتها الرشيدة من بذل كل الجهود ومن خلال لجنة الحج العليا لتسهيل أداء النسك لكافة حجاج بيت الله الحرام الذين تربو جنسياتهم على أكثر من 85 جنسية وكلها ولله الحمد تثني على جهود المملكة والتطور الدائم المشهود في المدينةالمنورة ومكة المكرمة والمشاعر المقدسة". لم تكتفى ايران بتصريحات نجاد بل أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي انتقد بدوره التعرض 'للمسلمين الشيعة' في الأماكن المقدسة في السعودية، واعتبر ان هذه 'الاعتداءات' تستهدف وحدة المسلمين وتخدم الأهداف الأمريكية وأجهزة المخابرات الأجنبية، وحث الحكومة السعودية على القيام بواجبها في التصدي لذلك. وتتساءل جريدة "الوطن" السعودية معقبة على تصريحات خامئني "ما الذي يريده سماحته؟ أن تعود سيرة المظاهرات الإيرانية التي عكرت مواسم حج حقبة الثمانينات والتي ضاق بها حجاج بيت الله الحرام، من كل الجنسيات قبل السعوديين. ثم من الذي سيمثل تظلمات "طوائف" المسلمين وأحزابهم في العراق وأفغانستان وإيران وفلسطين وغيرها في حج هذا العام؟" وهل تسمح المملكة يتحول المشاعر المقدسة الى ساحة وسوق للخصام السياسي وتصفية الحسابات للايرانيين وغيرهم؟! جريدة"القدس العربي" استعرضت خلفيات هذا التصعيد تقول: كانت حدة الصراع الإقليمي بين إيران والسعودية قد تزايدت على اثر المعارك الدائرة في صعدة بين المتمردين الحوثيين وقوات الجيش اليمني. وتدعو صحف سعودية بلادها إلى عدم السكوت على التدخل الإيراني في شمال اليمن الذي من شأنه إقلاق أمن المملكة، وطالب كاتب سعودي حكومة بلاده بمواجهة إيران وإشعال ألف حريق في بلاد فارس، في إشارة إلى إيران، لأنهم، بحسب الصحيفة، على ما يبدو لا يفهمون سوى هذه اللغة. يأتي ذلك بينما تواصل قناة 'العالم' الإيرانية استضافتها لاقطاب المعارضة السعودية امثال الدكتور سعد الفقيه رئيس الحركة الاسلامية للاصلاح المعارضة، والدكتور محمد المسعري، وتتهم ايرانالرياض واعلامها بشن حرب إعلامية شاملة على إيران واستثمار الوضع الداخلي اثناء الانتخابات الاخيرة ودعم الاصلاحيين الايرانيين. ويقول محللون ان السعودية 'تدافع بقوة عن نفوذها في منطقة الخليج، ولا تريد أن تقع بين كماشة النفوذ الإيراني على حدودها مع العراق، وعلى حدودها الجنوبية الغربية من ناحية اليمن'. وقال خبير في الشؤون الأمنية والدراسات السياسية إن إيران تشن منذ انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية حملة واسعة ضد السعودية من خلال وسائل الإعلام المقربة منها، عبر ربطها بتنظيم القاعدة أو بالعداء للشيعة، وتحويل الأنظار عمّا يحدث في داخلها. وقال مصطفى العاني، مدير قسم الأمن الوطني ودراسات الإرهاب في مركز الخليج للأبحاث في دبي بالإمارات العربية المتحدة، إن مركزه يراقب تزايد الحملة الإعلامية من أوساط إيرانية أو مقربة من طهران ضد السعودية. وأوضح العاني 'منذ انتخاب نجاد هناك حملة واضحة ضد الرياض، وقد شاركت فيها الفضائيات المحسوبة رسمياً على إيران، والتي تتحدث منذ فترة عن خلافات في الأسرة الحاكمة بالرياض وعن (اضطهاد الشيعة) بالسعودية أو عن علاقة المملكة بتنظيم القاعدة'.