لاشك في أن سقوط حائط برلين قد فتح الباب أمام طوفان لاعبات التنس الأوروبيات الشرقيات الموهوبات اللاتي يتطلعن جميعا لمقاسمة مثيلاتهن من الغربيات في الاغتراف من ثروات اللعبة البيضاء. وفي الوقت الذي ظل الرواد التشيكيون أمثال مارتينا نافراتيلوفا وإيفان ليندل يقودون فيه الطريق لمدة عقد كامل أمام باقي الأوروبيين الشرقيين قبل أن ينشقوا بحثا عن الحرية مستخدمين الرياضة كقناة للفرار عبرها من بلادهم , فقد كانت آنا كورنيكوفا في تسعينات القرن الماضي هي من أشعل حقا فتيل الثورة الروسية المزدهرة حاليا بملاعب التنس. ورغم أن الروسي مارات سافين نجح في الوصول إلى صدارة التصنيف العالمي للاعبين المحترفين , وبعدها وصلت شقيقته الصغرى دينارا سافينا إلى صدارة التصنيف نفسه على مستوى السيدات ليصبحا أول شقيقين رجل وإمرأه يحققان هذا الإنجاز , فلطالما كان التركيز على نجمات التنس المذهلات في روسيا. وبعد مرور عقد ونصف العقد على انتقال الطفلة كورنيكوفا إلى ولاية فلوريدا الأمريكية في سن التاسعة , فقد امتلأت ساحة التنس النسائي الان بلاعبات قادمات من دول كانت خاضعة للحكم الشيوعي فيما مضى. وحتى شهر سبتمبر 2009 , تقدمت سافينا اللاعبات الروسيات المصنفات اللاتي يشغلن 13 مركزا في قائمة المصنفات المئة الأوليات على العالم , بينما تشغل 13 لاعبة روسية أخرى مراكز تقع بين المئة والمئتين على العالم. وتوجد للتشيك خمس ممثلات في قائمة المصنفات المئة الأوليات مقابل أربعة لسلوفاكيا بينما تشغل ممثلات جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق مثل بيلاروس وأوكرانيا ثلاثة مراكز لكل منهما. وبوركت رحلة كورنيكوفا منذ البداية من شركات التسويق الرياضي الدولية الكبرى التي سرعان ما لاحظت بدايات ما أصبح لاحقا نهرا متدفقا من المواهب ولم تكن الأحوال فيما كان يطلق عليه وقتها كومنولث الدول المستقلة تساعد على ممارسة التنس وتدريباته في بداية التسعينات بسبب الطقس شديد البرودة وعدم وجود إمكانيات مالية لبناء ملاعب مغلقة. وتقول كورنيكوفا : "كل شيء في حياتي كان يتمركز حول التنس والتدريبات" وتضيف : "كنت أعرف بطريقة ما رغم أنني كنت مجرد طفلة صغيرة أنني لم يكن أمامي العديد من الخيارات الأخرى. في هذه الفترة كانت الحياة في روسيا قاسية ولم تكن هناك كل هذه الفرص كالموجودة في الولاياتالمتحدة". وانتقلت كورنيكوفا مع والدتها ألا ووالدها سيرجيه , وكلاهما رياضيين سابقين , إلى فلوريدا قبل خمسة أعوام من دخول الابنة ذات الشعر الذهبي الطويل عالم الاحتراف وهي في الرابعة عشرة من عمرها. وكان أعلى تصنيف وصلت إليه كورنيكوفا هو الأولى على مستوى الزوجي والثامنة على مستوى الفردي وأحرزت 17 لقبا على مستوى الزوجي ولكنها لم تحرز أي ألقاب فردية. وأجبرت مشاكل الظهر المتكررة اللاعبة الرائدة في جيلها على الاعتزال في عام 2003 . ولكن جمال كورنيكوفا الأشقر الخلاب إلى جانب شخصيتها المميزة منحاها مستقبل مهني ناجح كمتحدثة رسمية للعديد من المنتجات لتمهد الطريق لظهور مواطنتيها ماريا شارابوفا وإلينا ديمنتييفا على الساحة. وتعتبر شارابوفا , الحائزة على ثلاثة ألقاب جراند سلام والتي تصغر كورنيكوفا بستة أعوام , هي خليفة كورنيكوفا الشرعية التي حققت الحلم إلى حد كبير حيث أحرزت لقب ويمبلدون عام 2004 لتضع نفسها في مكانة النجمة الأولى. وبدأت انطلاقة حلم التنس الروسي الحديث في عام 2004 عندما أحرزت اللاعبات الروسيات ثلاثة ألقاب ببطولات الجراند سلام الأربع بذلك العام حيث فازت أناستازيا مسكينا بلقب بطولة فرنسا المفتوحة وشارابوفا بلقب ويمبلدون وفازت سفتلانا كوزنتسوفا بلقب أمريكا المفتوحة , بينما وصلت مواطنتهن إلينا ديمنتييفا إلى مباراتي نهائي في البطولات الأربع. وعملت شارابوفا القادمة من مدينة سيبيريا مع والدها يوري على تطوير مستواها في فلوريدا وتقول النجمة الشقراء : "كان أمرا شبه مستحيل (أن أتدرب بانتظام في روسيا) , فلم تكن هناك تجهيزات كافية لذلك , ولم يسمح الطقس بالتدريب المنتظم. كان الأمر مكلفا للغاية في ذلك الوقت بسبب العدد المحدود من الملاعب والتجهيزات , كان الأمر مستحيلا من الناحية العملية" وتضيف شارابوفا : "عندما تضطر للاختيار تجد نفسك تنتقل إلى بلد آخر وتعتاد على الحياة والثقافة وطريقة سير الأمور هناك , ثم تكون صداقات هناك وتقضي أكثر من نصف حياتك هناك .. ولكنني أعرف من أين تأتي جذوري فكل أسرتي , بخلاف والداي , موجودة في روسيا وعندما أكون في المنزل أتحدث الروسية وأقرأ بالروسية. إننا أسرة روسية كبيرة عندما أكون متواجدة بالمنزل".