بعد طول إنتظار للوصول إلى حل سلمى بين طرفى الخلاف جنوب وشمال السودان ، إتفق شريكى السلام مؤخراً على وضع الية للخروج من الازمة السياسية الناجمة بسبب تعليق مشاركة وزراء الجنوب في الحكومة المركزية بالخرطوم . الرئيس السوداني عمر البشير ونائبه الأول زعيم (الحركة الشعبية لتحرير السودان) سلفاكير اعلنا انهما تجاوزا كل الخلافات في القضايا العالقة في اتفاق السلام الموقع بينها ما عدا النزاع على منطقة أبيي الغنية بالنفط وترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها، وهي القضايا التي أدت إلى تعليق مشاركة وزراء «الحركة الشعبية» في الحكومة الاتحادية منذ ثلاثة اسابيع. كما اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة تدرس مختلف المسائل السياسية والأمنية والعسكرية التي كانت محور اختلافات وإقرار جدول لتنفيذها بحلول نهاية العام. الرئيس السودانى عمر البشير أكد على التزام حكومته تطبيق اتفاق السلام وترجمة كل بنوده، موضحاً أن اجتماعه مع سلفاكير حسم كل القضايا الخلافية (ما عدا أبيي) من جانبه اكد سلفاكير أن الطرفين تجاوزا الأزمة تماماً واتفقا حول مختلف القضايا، موضحا أن قضية أبيي سيجري التداول حولها خلال الاجتماعات الرئاسية المقبلة، مشيراً إلى ان هناك جداول زمنية سيتم وضعها لتنفيذ القضايا المتفق عليها. ومن المقرر ان يقوم سلفاكير بزيارة لواشنطن بدعوة منها، وينتظر ان يلتقى الرئيس جورج بوش وكبار المسؤولين. كما سيزور نيويورك لإجراء محادثات مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ستركز على تطور عملية السلام في جنوب البلاد وجهود حكومة الجنوب لتسريع عملية السلام في دارفور عبر توحيد الفصائل المتمردة. وزير شؤون الرئاسة في حكومة إقليم حكومة الجنوب "لوكا بيونغ" اوضح إن انهاء تعليق مشاركة وزراء «الحركة الشعبية» في الحكومة الاتحادية رهن بعض القرارات التي سيصدرها البشير وسلفاكير خلال الايام المقبلة. وتوقع تجاوز الخلاف على منطقة أبيي خلال يومين أو ثلاثة، وقال إن لجنة فنية مشتركة سيتم تشكيلها لوضع القرارات في اطار زمني لا يتجاوز نهاية (ديسمبر) المقبل، موضحا أن البشير وسلفاكير سيتخذان قرارات في الفترة المقبلة لتفعيل روح الاتفاق. كانت الحركة الشعبية التي وقعت اتفاق السلام مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم في يناير 2005 قد علقت مشاركتها بالحكومة المركزية يوم 11 اكتوبر الماضي احتجاجا على ما وصفته بعراقيل يضعها الحزب امام تطبيق الاتفاق وعدم تنفيذ كل بنود اتفاق السلام . . وفى محاولة للخروج من الازمة اجتمع الرئيس السودانى عمر البشير مع نائبيه سلفاكير وعلي عثمان طه واللجنة العسكرية المشتركة التي حسمت موضوع انتشار قوات الطرفين شمالاً وجنوباً وانسحاب الجيش الحكومي و «الجيش الشعبي» من مواقع النفط قبل حلول التاسع من (يناير) المقبل والذى يتزامن مع مرور ثلاثة أعوام على توقيع اتفاق السلام. وانتهى الاجتماع إلى اتفاق على رؤية مشتركة لإنهاء الأزمة التى نشبت منذ الثامن عشر من الشهر الماضي، واتفقا حول معظم القضايا محل الخلاف. وشكل الجانبان لجنة فنية مشتركة لوضع القرارات التي تم الاتفاق عليها وتنفيذها في جدول زمني لا يتجاوز العام الحالي، ويتوقع أن يصدر الرئيس ونائبه في الأيام المقبلة قرارات لتفعيل روح الشراكة بين الحزب والحركة، تتبعها احتفالات رسمية . ومن المتوقع أن تنتهي اللجان الفنية لترسيم الحدود والاحصاء السكاني من اعمالها قبل نهاية العام، ليبدأ الترسيم والاحصاء في شباط (فبراير) المقبل، الا ان هناك تفاصيل متصلة بالعمليتين لا تزال تحتاج الى مزيد من النقاش. فما زالت قضية أبيي مستعصية وتحتاج الى حوار. من جانبها أعربت الادارة الأميركية عن ارتياحها لتجاوز شريكي الحكم الأزمة التي نشبت بينهما، ونفت بشدة اتهام الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) لها بتحريض «الحركة الشعبية» لافتعال الأزمة. المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان اندروناتسيوس اجرى محادثات في الخرطوم مع نائب الرئيس علي عثمان طه ووكيل الخارجية مطرف صديق ووزير شؤون الرئاسة في حكومة الجنوب لوكا بيونغ. واعلن ان طرفي السلام تجاوزا الأزمة بعد اشتباكات بين قواتهما خلال الاسبوعين الماضيين أوقعت عشرة قتلى من الطرفين . ووصف اندروناتسيوس محادثاته مع المسؤولين في شأن دارفور بأنها كانت مثمرة وبناءة، موضحا أن السبيل الوحيد لحل مشكلة دارفور لا يتأتى إلا عن طريق التفاوض الذي يتوجب انجازه متزامناً مع الوقت الذي تصل فيه القوات المشتركة من الأممالمتحدة والاتحاد الافريقى الى دارفور، مضيفا انه لا يمكن انتظار وتأجيل الحل السياسي الى حين وصول القوات المشتركة كما ترغب بعض الفصائل المتمردة. وشدد ناتسيوس على ضرورة انضمام أهل دارفور وكل الفصائل للعملية السياسية الجارية الآن في سرت الليبية، ورأى انه السبيل الوحيد الذي يمكن أن يضع حداً لمشكلة دارفور. وأكد القائم بالأعمال الأميركي في بالخرطوم "البرتو فرنانديز" تأييد واشنطن للانجازات التي تمت في اتفاق السلام باعتباره مشروعاً مهماً وتاريخياً جدير بالذكران الخرطوم تتعرض حالياً لحملة أميركية وأوروبية، وخاصة من جانب لندن وبون، لفرض مزيد من العقوبات على الخرطوم، إلا أن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون طلب مزيدا من الوقت للمضي قدما نحو حل لنزاع دارفور بالطرق الديبلوماسية. وكانت معاهدة السلام التى توصل إليها طرفى الخلاف الجنوبى والشمالى بالسودان عام 2005 قد توقفت عدة مرات . و تقضى المعاهدة بانهاء 21 عاما من الحرب الاهلية في البلاد اودت بحياة نحو 51 مليون شخص ونزوح اربعة ملايين آخرين . وينص الاتفاق المعروف باسم "اتفاق السلام الشامل" على سيطرة الحركة الشعبية على الحكومة المحلية في جنوب السودان ومساهمتها في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في الخرطوم ،فيما ترغب الحركة الشعبية في تنفيذ بعض النقاط المتفق عليها وتشمل ترسيم الحدود وإعادة انتشار الجيش السوداني المرابط في الجنوب وإجراء تعديل حكومي يتيح لها إعادة تعيين وزرائها في حكومة الوحدة الوطنية. .. 4/10/2007