قبل ساعات من مسيرة الاحتجاج الحاشدة التى دعت اليها زعيمة المعارضة بينظيربوتو ضد حالة الطواريء فى البلاد، احتجزت الشرطة الباكستانية بوتو لمدة أسبوع تبدأ من اليوم الثلاثاء. المظاهرة التي كان من المقرر أن تقودها بوتو خططت لها ان تنطلق بالسيارات من لاهور الى اسلام أباد لمطالبة مشرف بانهاء قانون الطوارئ الذي فرضه في الثالث من نوفمبرالجاري واطلاق سراح الالاف من خصومه المحتجزين.. قيادة الشرطة أعتبرت منزل الزعيمة الباكستانية "سجنا فرعيا" ونشرت حوله الحرس لمراقبة الأوضاع ، فيما قامت مئات من عناصر الشرطة بتطويق المنزل والمنطقة المحيطة به ، لضمان عدم دخول أو خروج أي فرد . من جهتها رفضت زعيمة حزب الشعب الباكستاني بينظير بوتو الإقرار بالواقع الجديد الذي فرضته السلطات الباكستانية ضدها ، وأُبلغت عناصر الشرطة - عندما قدمت لإبلاغها بصدور مذكرة بفرض الإقامة الجبرية - بأنها غير موجودة لتسلمها والتوقيع عليها . ودعت بوتو الرئيس برفيز مشرف التنحي عن رئاسة البلاد وقالت إن الوضع سيتدهور في البلاد إذا استمر في السلطة، واتهمته بالفشل في استعادة الديمقراطية الحقيقية في باكستان، معلنة إنها لن تتولى رئاسة الحكومة في باكستان إذا استمر مشرف في الرئاسة.. واوضحت بوتو إن كل ما فعله مشرف منذ توليه السلطة هو فرض حالة الطوارئ مرتين والتخلص من كبار القضاة ثلاث مرات وشن حملات اعتقال في صفوف السياسيين ومنظمات المجتمع المدني. وكانت بوتو قد أعلنت وقف محادثات تقاسم السلطة مع مشرف فى وقت سابق قبيل اعتقالها ،والتى كانت قد بدأت منذ شهور وأفضت حتى الآن الى عودة بوتو إلى باكستان بعد ثمان سنوات قضتها في المنفى. يشار الى ان الحكومة الباكستانية كانت قد فرضت على بوتو الإقامة الجبرية لفترة وجيزة الاسبوع الماضى خلال إقامتها في منزل لها في مدينة "روالبندي" قرب العاصمة ، وفي محاولة مماثلة سعت لإجهاض أي تحرك تنوي المعارضة الباكستانية القيام به ضد حالة الطوارئ التي فرضها الرئيس الباكستاني . كانت المعارضة الباكستانية قد تقدمت بعريضة تطعن في شرعية إعلان حال الطوارئ في البلاد إلى المحكمة العليا التي أصدرت بدورها إخطارين إلى الرئيس الباكستاني برويز مشرف ورئيس الوزراء بهذا الشأن. وتشير العريضة المقدمة إلى أن "رئيس الدولة فقط هو من يملك حق إعلان الطوارئ وليس قائدا في الجيش"، وأصدر الإطارين رئيس القضاة الجديد عبد الحميد دوغار الذي يرأس لجنة مؤلفة من ثمانية أعضاء في المحكمة. ومن المتوقع أن تستأنف المحكمة الباكستانية العليا هذا الأسبوع النظر في الطعون المقدمة ضد إعادة انتخاب الرئيس الباكستاني برويز مشرف لفترة جديدة على أن تصل إلى قرار في مطلع الأسبوع القادم. كان الرئيس الباكستاني برويز مشرف قد أعلن فرض حالة الطوارىء بالبلاد وسط تصاعد أعمال العنف في باكستان في ظل أزمة سياسية خانقة تعيشها البلاد منذ أحداث المسجد الأحمر في يوليو الماضي .. مبرراً ذلك بموجة العصيان وهجمات الجماعات المسلحة وتدخل القضاء في الشؤون العامة. و بموجب الطوارئ تم فرض الحكم العسكري وتعليق العمل بالدستور، لكن مع استمرار عمل مجلس الوزراء والبرلمان والمجالس الإقليمية. وقام مشرف بعزل معظم كبار القضاة واحتجز محامين واعتقل معظم المعارضين السياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان منذ أن علق العمل بالدستور وأعلن حالة الطوارئ في الثالث من نوفمبر. وعلل مشرف اتخاذ هذه الخطوات بوجود سلطات قضائية مناوئة تعرقل المعركة ضد المتشددين وتتدخل في إدارة البلاد. مشرف اعلن أنه سيتم حل الجمعية الوطنية الباكستانية والمجالس الإقليمية خلال الأيام القادمة مع اكتمال مدد ولاياتها. وقال إن قراره بفرض حالة الطوارئ كان أصعب قرار اتخذه إلى الآن . فيما يقول دبلوماسيون إن هدف مشرف الرئيسي من فرض حالة الطوارئ كان استباق إصدار المحكمة العليا لحكم بعدم شرعية إعادة انتخابه في السادس من أكتوبر لأنه لم يكن يحق له خوض الانتخابات بينما لا يزال قائدا للجيش. قرار مشرف فرض حالة طوارىء أثار إنتقادات حادة محلية وعالمية .. فقد أدان القرار كل من حزب "الرابطة الإسلامية" المعارض جناح رئيس الوزراء الأسبق "نواز شريف" ، وكذلك حزب "الشعب الباكستاني" المعارض بزعامة رئيسة الوزراء السابقة "بينظير بوتو" وأعربت "كوندليزا رايس" وزير الخارجية الأمريكية عن أسفها الشديد لقرار فرض الطوارىء, ووصفته بانتكاسة شديدة للديمقراطية ، كما أعربت بريطانيا عن قلقها البالغ إزاء إعلان مشرف , وحثته على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر (يناير القادم), فيما اتهمت "منظمة مراقبة حقوق الإنسان" (هيومان رايتس ووتش) مشرف بإخراج باكستان عن المسار إلى النظام الديمقراطي المدني وترسيخ الحكم العسكري.. وقدم منافسون للرئيس الباكستاني طعونا للمحكمة العليا على أساس انه لم يكن يحق له خوض الانتخابات أصلا وهو قائد للجيش. يذكر ان مشرف أعلن أن الانتخابات العامة ستجرى في التاسع من يناير القادم في ظل حالة الطوارئ التي فرضها قبل تسعة أيام. قرار مشرف فرض حالة الطوارئ في البلاد يعد إمتداداً لسياسة القبضة الحديدية التي يتعامل بها مشرف مع الأحداث الداخلية هناك .. وهو ماوصفه مراقبون باكستانيون بالإنقلاب العسكري الثاني الذي يقوده الرئيس علي خصومه السياسيين . وعلى صعيد الضغوط الدولية على الرئيس الباكستاني ، أمهلت رابطة الكومنولث الرئيس الباكستاني برويز مشرف حتى الثاني والعشرين من الشهر الجاري لرفع حالة الطوارئ أو تعليق عضوية بلاده في الرابطة . جاء هذا التحذير من وزراء خارجية الرابطة في اجتماع لهم في لندن ، حيث طالبوا مشرف أيضا بالتخلي عن منصبه كقائد للجيش وإطلاق سراح كل أعضاء الأحزاب السياسية الذين جرى اعتقالهم .. حكومة مشرف باتت فى حرج في ظل حالة من السخط والانتقادات المتتالية لسياسته ,و التي تدفع البلاد إلى مزيد من العنف في حلقة مفرغة من فوضى لاتنتهي. ورغم محاولة مشرف التمسك بالسلطة بكل ما أوتى من قوة, واستخدام ما لديه من أوراق اللعبة السياسية إلا أن آثاراللعبة لم تتضح بعد بكل ابعادها .. 13/11/2007 المزيد من التقارير والملفات