اذا سُئلت من آلهة الإقتصاد اذا ماكان لدى الجواب على سؤال واحد حول مصير الاقتصاد العالمي؟ فانى أعرف ما أود أن أسأل عنه وهو "متى يبدأ المستهلك الأمريكي فى الانفاق مرة أخرى؟"وأنا أعلم أن هذا لا يبدو معقدا مثل سؤال حول الانتاج الصناعي وتقلبات أسعار الفائدة أو خطة التحفيز الصينية ولكن اجابة السؤال السابق هى مفتاح لفهم متى سنخرج من هذا الركود وكيف سيبدو الانتعاش . صعود قوى مثل الصين والهند والبرازيل هو أمر حقيقي ولكن في الوقت الراهن لا يزال هناك غوريلا واحدة فقط يبلغ وزنها 800 رطل انه المستهلك الأمريكي انه أكبر العوامل المؤثرة في الاقتصاد العالمي فالانفاق الامريكى يوازى الانفاق فى الصين والهند اذا جمعا معا و ضربا فى اثنين . الغوريلا تظهر الان بعض علامات الحياة، واذا كان من النادر أن يصبح تقرير إحصائي فى مقدمة الاخبار فان هذا ماحدث في نهاية يوليو ، مع إطلاق تقارير مؤشر اسعار شيللر التى تصدرت اخبار صحيفتى "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" حيث أفادت التقارير ان سوق الاسكان الأمريكية يبدو أنها قد توقفت عن الهبوط. وهذه اخبار كبرى لان انهيار الاسكان كان القوة الدافعة وراء كل من الركود الاقتصادي والأزمة المالية. مع العلم انه عادة مع انتهاء الركود يعود الانفاق مرة اخرى على الاسكان والسيارات والأجهزة المنزلية و تتبعها اوجهه استهلاكية اخرى . ولكن الركود هذه المرة مختلف فقد دخلت الولاياتالمتحدة فى دوامة التراجع الاقتصادى مع انغماس الطبقة الوسطى الأمريكية بعمق في الديون ، ففي عام 2007 ، كان مجموع ديون الأسر 13.8 تريليون دولار ، حيث تضاعفت تقريبا ديون الأسرة الواحدة بين عامي 1997 و 2007 من نحو 25،000 دولار إلى 46،000 دولار. وهذا يعني أن هذه الاسر ستقضى السنوات القليلة المقبلة فى إعادة بناء ميزانياتهم و ذلك سيكون بتقليل الانفاق في زيادة الادخار. . وفي الواقع انهم يفعلون ذلك بالفعل. معدل الادخار ارتفع ليصل الى ما يقرب من 7 فى المائة ، وهو أعلى معدل منذ 15 عاما. لكن العديد من الخبراء يعتقدون أنه من اللازم ان يصل الى 8 أو 9 في المئة - وهو المتوسط التاريخي فيما قبل مرحلة سنوات فقاعة الائتمان - قبل ان يبدأ الاميركيون فى الانفاق من جديد وهذا يعني إما فترة أطول من الكساد أو انتعاش أضعف بكثير مما يتوقع الكثيرين . الحكومة الصينية الأواني الانفاق من المال في الوقت الحالي بناء الجسورالصناعات الألمانية تعيد تجهيز آلياتها ولكن في نهاية المطاف عليهم جميعا أن يكونوا قادرين على التصدير الى الاميركيين من جديد. وصلنا إلى الاعتقاد بأن الأمريكيين مشفرين وراثيا للاستهلاك. في الواقع الامر ليس له علاقة بالحمض النووي. وتاريخيا ، يعرف الامريكيون بانهم من المتطهرين وباسرافهم ، وبالجد في العمل. و في أوائل السبعينيات من القرن العشرين بلغ معدل الادخار الأمريكي أكثر من 10 في المئة. لكن وقع تغييرا في الأوضاع الاقتصادية جعل الاميركيون يبدأون فى الانفاق و ذلك مع التوسع في الائتمان بشكل كبير في العقود الثلاثة الأخيرة ، وخاصة في السنوات الثماني الأخيرة. كذلك التضخم فى السبعينيات جعل الناس تشعر بالقلق من ان مدخراتهم يمكن خسارتها ، هذا فضلا عن سلسلة من السياسات والبرامج الحكومية الداعمة للديون والإنفاق ، فيما لم يصنع شيئا لمكافأة الادخار. و الاعظم اثرا بطبيعة الحال ، كان الخصم من الضرائب لفوائد الرهن العقاري ، والتي تكلف البلاد ما يقرب من 100 مليار دولار سنويا. . لكن رجاء لا تقل لي انها خلقت مجتمع الملكية ، فان مارجريت تاتشر إلغت برنامج مماثل في بريطانيا ، وكندا ليس لديها نظام كهذا – و الدولتين لديهما نفس المعدلات الامريكية لملكية المنازل- فهذه السياسة لا تشجع على ملكية المنزل ؛ بل تشجع على تراكم الديون. الخلاصة هي أن الناس تستجيب للحوافز. . فاليابان كان معدل الادخارلديها منخفض نسبيا حتى الخمسينيات و الستينيات وعندما وضعت الحكومة السياسات ارتفعت معدلات الادخار. وعلى العكس من ذلك ، حينما حاولت طوكيو على مدى العقدين الماضيين تشجيع انفاق المستهلكين ، انخفض معدل الادخار هناك . قد يكون لدى الصينين او قد لا يكون لديهم الميل إلى الادخار ، ولكن الارتفاع الحالي في معدل المدخرات يعكس سياسة الحكومة لخلق وفورات عالية. وبالإضافة إلى العوامل الموضوعية الاخرى فان الصينيين يعلمون أنه ليس لديهم مظلة تامين حكومية، وانه يتعين عليهم دفع تكاليف الرعاية الصحية الخاصة بهم والتقاعد لذلك فهم يدخرون والياباني على النقيض من ذلك فهم يشيخون بسرعة والمتقاعدين ينفقون مدخراتها بمعدل سريع. ماذا يعني هذا بالنسبة لأميركا؟ أشك في أن هذا البلد سوف يعود لمعدلات الادخار المرتفة التاريخية ، و الانتعاش الوليد يشيخ ، مما يعني أنهم سوف يوفرون أقل ، وينفقون أكثر من ذلك. صحيح ان الائتمان اصبح غير متاح تقريبا كما كان عليه قبل عامين ولكن بالمقارنة مع بقية العالم ، فان أميركا لا تزال مغمورة فى سهولة الحصول على النقد ، والانخفاض التاريخى لأسعار الفائدة. وربما الأهم من ذلك كمجتمع قررنا على مدى واسع الإنفاق على حساب الادخارى فكل البرامج والحوافز لجعلك تخرج المحفظة لا تزال سارية. على سبيل المثال فإن الولاياتالمتحدة هي الدولة الوحيدة فى البلاد الصناعية المتقدمة التى ليس لديها ضرائب وطنية على المبيعات. . اخيرا فان المستهلكين الامريكين من المرجح أن يبدأوا بالانفاق في وقت أبكر مما يتصور الكثيرين وهذا امر جيد بالنسبة للعالم ، ولكن هل هو جيد لاميركا؟