عدم الترحيب بالنقاب على أرض فرنسا.. موقف أعلنه الرئيس "نيكولا ساركوزي"، فقامت الدنيا ولم تقعد.. القاعدة تهدد وصحف تندد ومتشددون يتهمون الرئيس الفرنسي بالعداء للإسلام.. ولم يلتفت كثيرون إلى مبرر فرنسا وهو التعرف على الوجوه لأسباب أمنية وناقشوا الأمر كقضية دينية.. لماذا رد الفعل بهذا الحجم ما دامت فرنسا لا تحظر الحجاب؟ والفارق كبير بين هذا وذاك، فحظر الحجاب هو رفض للحرية التي تعد أعلى القيم التي تزهو بها الحضارة الغربية. النقاب، البرقع، اليشمك.. تعددت الأسماء لتغطية الوجه وتنوعت الأهداف بين اتقاء الفتنة أو الحر أو حماية البشرة من العوامل البيئية المحيطة. "النقاب"، أو "اليشمك" كما يسمى في تركيا، أو "البرقع" كما يطلق عليه البعض، وحدة من بين وحدات زي المرأة موجود كعادة وثقافة في مناطق عدة قبل نزول الديانات السماوية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلامية)، وعرفه الآشوريون والآراميون والبابليون والفرس والتركمان، وارتدته نساء اليونان والرومان للزينة، كما كان نساء القبائل البدوية يضعنه في الجاهلية. رجل طارقي ملثم بل والأكثر من ذلك أن الرجال هم من يخفون وجوههم ما عدا عيونهم دون النساء في مناطق محدودة. ومع اختلاف العادات والثقافات، يغطي الرجال من قبائل "الطوارق" - الأمازيغية الممتدة من جنوب صحراء ليبيا والجزائر وحتى شمال مالي والنيجر - وجوههم دون النساء. ويطلق عليهم أيضا "الرجال الزرق" لكثرة استعمالهم القماش الأزرق في ملابسهم. رجال الطوارق – وهم مسلمون يتبعون المذهب المالكي – يتلثمون بقماش طوله 4 أو 5 أمتار بحيث لا يظهر سوى العينين. ولا يرفع الطارقي لثامه حتى عند تناول الطعام. امرأة خليجية مسنة تضع البرقع "البرقع" تراث انتشر أكثر في المناطق الصحراوية، حيث يضعنه النساء حفاظا على وجوههن من الرمال وحرارة الشمس. وتختلف أشكاله من منطقة لأخرى، ففي بعض دول الخليج – منها الإمارات وسلطنة عمان والبحرين ومناطق بدوية سعودية - يأخذ شكل القناع المفصل من قماش لامع من اللون الذهبي أو النحاسي، يغطي جزء من الخدين والأنف والفم فقط، إلا أن هذا النوع قارب على الاندثار فلم تضعه الفتيات حاليا، وأصبح رؤيته مقتصرا على النساء المتقدمات في العمر المنتميات لأجيال اتخذته عادة قوية ارتبطت بثقافة مشددة لديهن، حتى تمسك به بعضهن لدرجة النوم به وعدم السماح لمحارمهن برؤية وجوههن مكشوفة من غير البرقع، وبالتأكيد أن هؤلاء يرتدين البرقع بوصفه عادة وثقافة وتراث نشأن عليه في بيئتهن، ولم يضعنه بدافع التدين، لأنهن ببساطة يخالفن الدين بمثل هذه العادات. بدويات يرتدين البرقع المطرز وفي مناطق أخرى، يأخذ البرقع أو النقاب شكل الستار المنسدل مع تطريزه وتزيينه بالحلي من الفضة وأنواع الخرز الملون، ويكثر هذا الشكل عند البدويات في سيناء وفلسطين وغيرها. ويعد هنا بمثابة قطعة إكسسوار يناسب كامل زيهن وزينتهن. وعند بعض القبائل لا تضعه المرأة في منطقتها الصحراوية أثناء عملها بالرعي مثلا وإنما تلجأ لوضعه إذا سافرت إلى الحضر. ومنه ما هو أسود اللون والمنتشر في كثير من الدول الإسلامية، وربما هو الأقرب للمقصد الشرعي الإسلامي، وترتديه بعض النساء مع إظهار عيونهن، وأخريات يضعن فوقه قماش خفيف يشبه التل أو الشاش تخفين به عيونهن مع التمكن من رؤية الطريق أثناء السير. البرقع الأفغاني وفي أفغانستان يتسم النقاب أو البرقع باللون الأزرق ويغطي الوجه بالكامل، حيث تحيط منطقة العينين خيوط مشغولة بالإبرة (الكروشيه) أو قماش مثقوب كالشبك. ومن الجدير بالذكر أنه بعد سقوط حكم طالبان في 2001 طلب من النساء خلعه والتحرر منه إلا أن أغلبية الأفغانيات ما زلن يتمسكن بارتدائه. أما "اليشمك" و"الحبرة" فقد عرفا قديما في تركيا وانتشرا منها إلى مصر ودول الشام وكل منطقة الحكم العثماني. ويتكون من قطعتين، خمار أسود ونقاب أبيض. وظلا في تركيا إلى أن ألغاهما "كمال أتاتورك" عام 1925 واستعاض عنهما بالقبعة الغربية ضمن ثورة على الملابس طالت أيضا إلغاء "الطربوش" بالنسبة للرجال. وسواء وضع "البرقع" للعادة أو بهدف العبادة، فكل حر بشأن ما يرتديه، لكن أيضا لكل دولة حق في تأمين أراضيها كما ترى بشرط عدم التعدي على الحريات الدينية والعقائدية. ولم تكن فرنسا هي الدولة الأوروبية الأولى التي تعلن عدم ترحيبها بالنقاب أو البرقع الذي يخفي وجه واضعه، وإنما سبقتها في ذلك هولندا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا. وقبل انتقاد الدول الأوروبية، علينا النظر إلى الدول المنتمية للعالم الإسلامي، مثل تركيا – المسلمة العلمانية - التي تحظر "الحجاب" في الجامعات والمؤسسات الحكومية، ورفض غالبية أعضاء برلمانها نائبة حاولت الانضمام إليه وهي ليست منقبة وإنما محجبة، وذلك في واقعة شهيرة عام 1999، حيث طردت النائبة المحجبة في حزب الفضيلة المنحل "مروة قاوقجي" من البرلمان، علما بأن ثلثي نساء تركيا محجبات. بينما قبلت بروكسل "ماهينور أزدمير" أول نائبة محجبة في البرلمان البلجيكي. ومن جامعة القاهرة، خاطب الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" العالم الإسلامي مقرا بحق المرأة المسلمة المحجبة في التعلم والعمل، وحث دول العالم على منحها كامل حريتها فيما ترتديه، بل وعين "داليا مجاهد" المسلمة المحجبة مستشارة له!.