للأفلام تأثير ارتفاع النسبة بعد الخلع للتعليم والإعلام دور تحقيق: إيمان أنور حالة طلاق بمصر كل 6 دقائق! هذا ما كشفته إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، مما يشير إلى تعرض 240 امرأة للطلاق يوميا. الإحصائية أشارت إلى أن عدد المطلقات في مصر يبلغ مليونين و459 ألف مطلقة، وأن 5.34 % ينفصلن في السنة الأولى و5.12 % ينفصلن في السنة الثانية وأن 40 % من حالات الطلاق تكون في سن ال30. ظاهرة غريبة ودخيلة على المجتمع المصري الذي كان حتى وقت قريب ينفر من الطلاق. سوء التنشئة وعن تلك الظاهرة تقول د. عزة كريم - أستاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية - إن الطلاق المبكر انتشر بسبب المتغيرات التي حدثت داخل المجتمع، وهي متغيرات اجتماعية، واقتصادية، وصحية. د. عزة كريم أما المتغيرات الاجتماعية فأبرزها: * سوء اختيار الزوج نتيجة لتأخر سن الزواج عند الفتيات وحالة "الهلع" التي تصيب الأهالي، والتي ينتج عنها تقديم تنازلات تؤدي في النهاية إلى ارتباط الفتاة بشاب ليس كفء لها سواء من الناحية الاجتماعية أو حتى من الناحية التعليمية، مما يؤدي إلى العديد من المشاكل بينهما بسبب هذه الفروق. * "سوء التنشئة الزواجية " بسبب عدم اهتمام الأهل بتعليم الأبناء منذ الصغر كيفية التعامل مع الطرف الآخر، مما يؤدي إلى حدوث "صدمة" بعد الزواج بسبب عدم اعتيادهم على تحمل المسئولية من قبل وبالتالي يختاروا الحل الأسهل وهو الطلاق. * انطلاق الفتاة إلى الحياة العملية وإحساسها أنها ند للرجل سواء في التعليم أو الفكر، مما يدعوها إلى الصدام معه باستمرار، وهذه الندية وذلك العناد يؤدي إلى ضياع الاحترام بين الطرفين. والزواج السليم لابد أن يقوم على الاحترام قبل الحب. * تدخلات الأهل في حياة أبنائهم بشكل مستمر والتعامل بحدة مع أزواج أبنائهم. * تقبل المجتمع لفكرة الطلاق والمطلقات، ففي الماضي كانت المطلقة تعامل بشدة وتمنع من الخروج والاختلاط، لكن المطلقة الآن لا تعاني من أي قيود وتعيش حياتها بشكل طبيعي. أما المتغيرات الاقتصادية فأبرزها: * انتشار البطالة بين الشباب وعدم مقدرة الشاب على توفير المتطلبات الاقتصادية الخاصة بزوجته، مما يؤدي إلى المشاحنات المستمرة التي تسبب الطلاق. * اختيار الشباب للزيجات السهلة من خلال اختيار زوجة ثرية تتحمل عنه أعباء الحياة. للأفلام تأثير وبالنسبة للمتغيرات الصحية، ترى د. عزة أنها تعد من أهم أسباب الطلاق في الوقت الحالي، وأبرزها الضعف الجنسي عند الشباب، والذي سببه: * التلوث سواء المناخي أو الغذائي. * اعتياد الشباب منذ سن المراهقة على مشاهدة الأفلام الإباحية سواء على الفضائيات أو على شبكة الإنترنت، مما يؤدي إلى ممارستهم للعادة السرية التي أثبت الطب أنها تؤدي إلى حدوث ضعف عند الشباب. من جانبه يرى د. حمدي ياسين - أستاذ علم النفس والصحة النفسية بجامعة عين شمس - أن انتشار الطلاق في الآونة الأخيرة يرجع إلى غياب ثقافة فهم الآخر، وإلى عدم توفير المجتمع السبل اللازمة لإنجاح الزواج بسبب الخلل القائم فى البنية الأسرية، والصراع بين الأفراد، وعدم القدرة على السيطرة على الغلاء. د. عادل المدنى وقال د.عادل مدني – أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة الأزهر - إن "مريضة لديه في ال21 من عمرها طلقت عندما كانت في ال19 بعد زواج قصير، وأصيبت بنوع من الاكتئاب نتيجة لمعاملة الأهل والمجتمع لها بطريقة سيئة لأنها مطلقة". وأضاف د. مدني أن سوء معاملة "حماتها" لها وتدخلها المستمر في حياتها دمرها وجعلها مطلقة في هذه السن الصغيرة. ارتفاع النسبة بعد الخلع من ناحية أخرى قال سعد النادي - المحامي بالنقض والدستورية العليا - إنه بعد صدور قانون "الخلع" عام 2000 ارتفعت نسبة الطلاق عن ذي قبل، حيث كانت هناك قيود أمام القاضي تصعب عليه الحكم بالطلاق، وذلك لأن أغلب القضايا كانت "طلاقا للضرر" والذي يستوجب وجود شهود وهو أمر صعب، كضرب الرجل زوجته في البيت بدون أن يراهما أحد، أما بعد "الخلع" فقد أصبح عند القاضي صلاحيات جديدة، فمن تريد أن تطلق "خلعا" ترد المهر وتتنازل عن حقوقها الشرعية، وبالتالي زادت نسبة الطلاق. وأضاف "من خلال عملي بهذه القضايا رأيت العديد من القصص المحزنة، منها فتاة تتزوج وهي لا تريد الاستقرار الأسري ولكن كل ما يهمها هو جمع المال وعندما لا يتحقق لها ذلك تطلب الانفصال، وأخرى تتزوج وعندها أحلام وردية لمستقبل سعيد وتفاجأ بعد ذلك بشخص مختلف عن من أحبته في فترة الخطبة، حيث يهينها ويضربها، وبالتالي تنتهي القصة بالطلاق". وأوضح النادي أن 80 % من المترددين على المحاكم شباب لا تزيد أعمارهم عن ال30 يأتون في قضايا طلاق. وأشار إلى أن العديد من الرجال يستخدمون حقهم الشرعي في الطلاق على الفورعندما يصطدمون مع زوجاتهم، أما المرأة فلا تملك ذلك الحق إلا في حالة اشتراطها في عقد الزواج أن تكون العصمة بيدها وأن يكون لها الحق في تطليق نفسها إذا أرادت، ولكن أغلب الرجال الشرقيين لا يقبلون بذلك. وأكد أن الجانب الاقتصادي يعد من أهم عوامل انتشار الطلاق بين الشباب، حتى إذا كان ارتباطهم قائم على الحب، لأن الحاجة المادية تحكم على هذه الزيجات بالفشل. وأضاف أن ارتفاع سن الزواج عند الفتيات إلى 35 و40 عاما أدى إلى ظلمهن من قبل أهاليهن الذين يزوجوهن لمن هم أقل منهن في كل شيء، بالإضافة لعدم تحمل الشباب للمسئولية. للتعليم والإعلام دور قالت د. عزة كريم لكي نقضي على هذه الظاهرة لابد من عمل الآتى: * توجيه الأهالي لأبنائهم منذ الصغر إلى أهمية الأسرة، وكيفيه الحفاظ عليها، والتضحية من أجلها. * توجيه التلاميذ في المدارس، من خلال المناهج التعليمية إلى أهمية الأسرة، حيث كان يدرس قديما في مادة اللغة العربية باب كامل عن الأسرة والواجبات الأسرية التي تفرضها كل الديانات. * على وسائل الإعلام التركيز على العلاقات الأسرية من الناحية الإيجابية، وعدم التركيز فقط على الجوانب السلبية، لأن للدراما تأثير كبير على حياة الناس. * عمل برامج تليفزيونية أسبوعية متخصصة في المسائل الأسرية لتوعية المشاهدين. * محاربة البطالة وتوفير فرص عمل مناسبة للشباب، مما يحدث حالة من الاستقرار وبالتالي يحسن هؤلاء الشباب اختيار زوجات المستقبل. وطالب د. عادل مدني الشباب بعدم التسرع عند اختيار شريك الحياة، وبعمل فترة خطبة مناسبة وعدم التعجل في الزواج حتى يكتشف كل من الطرفين عيوب ومميزات شريكه ويتكيف معها، كي لا تحدث صدمة بعد الزواج. ودعا الشباب إلى تأخير الإنجاب لنحو عام أو عامين حتى تنضج العلاقة بين الزوجين ولا يقع الأطفال ضحايا للطلاق. كما دعا الأهالى إلى عدم التدخل في حياة أبنائهم، وفي حال الخلاف عليهم باستشارة المختصين. الأطفال هم الضحايا ونبه إلى ضرورة عدم الزواج في سن صغير حتى يكون هناك نضج في العلاقة، معربا عن اعتقاده بأن يكون الحد الأدنى لسن الزواج هو 21 عاما للفتاة و28 عاما للشاب. من جانبه قال د. حمدى ياسين إن "الأسرة حتى وقت قريب كانت أهم ما يميز المجتمع المصري، والنقوش القديمة أظهرت مدى حرص المصريين القدماء على الأسرة وتوقيرهم لها، وبالتالي علينا أن نعمق هذه المفاهيم لدى أبنائنا، سواء من قبل الأسرة أو المدرسة، وعلينا أن نقوي الوازع الديني لديهم". ورغم أن الطلاق هو أبغض الحلال فإن ظاهرة الطلاق المبكر أصبحت من أشد الظواهر فتكا بالمجتمع ولقيمة الأسرة، وهي ظاهرة بحاجة لمتابعة ودراسة لحماية الأجيال الجديدة من التشتت والضياع.