مع تفشي انفلونزا الطيور في مصر وفي ظل المخاوف من انتقالها إلي الخنازير يصبح دور الطبيب البيطري مهما ورئيسيا في محاصرة الأوبئة والأمراض الحيوانية التي تزيد علي250 مرضا قد تنتقل إلي الإنسان فتصيبه بأمراض خطيرة. كما اوردت جريدة الاهرام المصرية وبالرغم من أهمية هذا الدور الحيوي والمهم الذي يقوم به الأطباء البيطريون تظل هذه الفئة من الأطباء منسية وتعاني من تدني الأجور وتواجه مخاطر المهنة, وضعف الإمكانات وصار من الضروري إنصافهم لاسيما أنهم يمثلون خط الدفاع الأول ضد مختلف الأمراض والأوبئة الحيوانية. والسؤال الآن: هل يلقي الطبيب البيطري نفس الاهتمام من جانب الحكومة والجهات المسئولة عنه؟ الاجابة جاءت بالنفي علي لسان المسئولين والاطباء البيطريين والاكاديميين حيث اكد الجميع أن الأطباء البيطريين منسيون خاصة الشباب منهم ولعل هذا ما دفع نقابة الأطباء البيطريين إلي عقد العديد من الجمعيات العمومية في الفترة الأخيرة للمطالبة بحقوق هؤلاء الأطباء وهذا ما أكده الدكتور مصطفي عبد العزيز نقيب الأطباء البيطريين مشيرا إلي أن هذا الظلم يقع علي عاتق45 ألف طبيب بيطري والذين يمثلون خط الدفاع الأول عن الإنسان حيث تحمي هذه المهنة الإنسان مما يقرب من250 مرضا قد ينتقل له من الحيوان سواء عن طريق الغذاء أو التعامل مع الحيوان, بالاضافة إلي دور الطبيب البيطري في حماية الثروة الحيوانية, والتي تعد من الثروات القومية في الدول. ولعل من أبرز هذه المشاكل ما يواجهه شباب الأطباء العاملون في مجال انفلونزا الطيور حيث تتعدد أدوارهم في حماية الإنسان والثروة الداجنة بدءا من منع الإصابة بالمرض في الطيور وتحصينها وجمع العينات ولم يكن العدد الذي تم التعاقد معه لمواجهة هذه الأزمة كافيا حيث تمت الاستعانة ب1200 طبيب فقط للقيام بهذه الأدوار في جميع محافظات مصر من حلايب وشلاتين وحتي مرسي مطروح وإذا قمنا بمقارنة المبالغ التي يحصل عليها هؤلاء الأطباء مع الجهد الذي يبذلونه سنجدها ضئيلة ولا تتعدي المبالغ المحددة لهم300 جنيه ولا تصل لهم بشكل كامل بالإضافة لعدم وجود تأمين صحي لهم وما يتعرضون له من إرهاق نفسي وجسماني ومالي. كما أن نقابة الأطباء البيطريين من جهتها سعت لحل هذه المشكلة وتم عقد اجتماع موسع لها في مارس من العام الماضي وتم تحديد مطالب الأطباء البيطريين في عدد من النقاط, وكان من أهمها تحريك الأجور الخاصة بالأطباء البيطريين لتبدأ من500 جنيه وأن يرتفع بدل التفرغ من15% إلي60% من المرتب الأساسي, وكذلك رفع بدل العدوي و الذي كان يقدر ب5 جنيهات فقط وارتفع إلي30 جنيها ونحن نطالب برفعه إلي150% من الراتب الأساسي, بالرغم من أن هذا المبلغ لا يكفي لحماية الطبيب البطري الذي يتعرض لاحتمالات العدوي بما يقرب من250 نوعا من الأمراض المشتركة التي قد تنتقل من الحيوان إلي الإنسان ومنها البروسيلا التي قد تدمر حياة الطبيب وتصيبه بالعقم ويتعرض إلي مخاطر من نوع آخر مثلما يتعرض له في المجازر من خطورة التعامل مع أصحاب الحيوانات خاصة إذا أعلن الطبيب أنها مصابة ولا تصلح للذبح وبتحقيق هذه المطالب يصل المرتب في شكله النهائي إلي ما يقرب من1200 جنيه في الشهر وهو مبلغ قد يوفر حياة كريمه لهذا الطبيب. أما المطلب الثاني ومازال الكلام للدكتور مصطفي فيتمثل في ضرورة الإسراع بتعيين2500 طبيب بيطري الذين وعد بتعيينهم خلال الفترة السابقة وأيضا العودة لنظام التكليف لتعيين الأطباء سواء بالنظام القديم في التعيين أو بنظام العقود التي تجدد كل خمس سنوات. أما المطلب الثالث فكان ضرورة حماية مهنة الطب البيطري من الدخلاء عليها حيث تمارس هذه المهنة في القطاع الخاص من خلال أشكال محددة وهي العيادة البيطرية, والمزارع الإنتاجية للدواجن, أو اللحوم, أو البيض, أو إنتاج الألبان, وأخيرا معامل التحليل البيطري, وللأسف فانه في ظل عدم وجود رقابة فعالة علي هذه القطاعات يتعدي البعض علي هذه التخصصات ويمارس هذه الأنشطة دون الحصول علي شهادة دراسية بذلك التخصص, لذلك نطالب بتعديل القانون416 لسنة1954 وهو قانون مزاولة مهنة الطب البيطري والذي ينص علي أن للطبيب البيطري الحق في فتح عيادة أو اثنتين بشرط أن يقوم بإبلاغ السيد وزير الصحة بذلك بخطاب مسجل وفي حالة عدم الإبلاغ يعاقب بغرامة100 قرش! لذلك نفاجأ بأن هناك أشخاصا غير متخصصين وليسوا من خريجي الطب البطري يقومون بهذه الأنشطة فالعقوبة القانونية ضعيف جدا ويتساءل كيف يتم اكتشاف هؤلاء بدون الرقابة علي العيادات ووجود أفراد لهم صفة الضبطية ويحق لهم إغلاق المنشأة التي لايديرها متخصص, ويضيف أن النقابة من جهتها وضعت عددا من الشروط التي يجب توافرها في هذه الجهات مثل المساحة, وتقديم رسم هندسي معتمد, وتقديم البطاقة الضريبية وذلك ليتم تسجيل هذه العيادة بالنقابة. كما يواجه الأطباء البيطريون مشكلة جديدة خلال الأيام الماضية بصدور حكم من القضاء الاداري بحرمانهم من ممارسة مهنة التحاليل الطبية بالرغم من أن القانون367 لسنة1954 يعطي الحق لكل من يحصل علي شهادة أعلي في مجالات الميكرو بيولوجي والكيمياء الحيوية والباثولوجي( علم الامراض) أو الباثولوجية الاكلينيكية من الأطباء البشريين أو الأطباء البيطريين أو الصيادلة أو المهندسين الزراعيين وخريجي العلوم, كل في تخصصه له الحق في الحصول علي ترخيص بمزاولة مهنة التحاليل الطبية من وزارة الصحة وله حق في فتح معمل في هذا التخصص, ولذلك من جانبها سوف تقوم النقابة برفع دعوي استئناف علي هذا الحكم. وبلغة الارقام والأعداد الحقيقية التي توضح الازمة تحدث الدكتور صابر عبدالعزيز مدير الادارة العامة للأوبئة وأمراض الدواجن بالهيئة العامة للخدمات البيطرية وعضو اللجنة القومية لأنفلونزا الطيور مؤكدا أهمية الدور الذي يلعبه الطبيب البيطري, وبالرغم من صعوبة وأهمية هذا الدور إلا أنه لا يلقي القدر الكافي من الاهتمام ليس فقط في الاجور التي تمثل أقصي درجة من التدني ولكن أيضا في الامكانيات التي يعمل بها. أما الجهات الحكومية فتعاني نقص أعداد الأطباء بها, فعلي الورق لدينا في الهيئة العامة والمديريات ما يقرب من11 ألف طبيب منهم اكثر من3000 طبيب خارج المهنة و2071 في اجازات مختلفة و134 منتدبين للخارج, وبالتالي تصبح قوة العمل الفعلية6715 طبيبا علي مستوي الجمهورية, وفي المقابل نجد أن عدد الوحدات البيطرية يصل إلي1687 وحدة بيطرية, وأقل عدد يجب ان يوجد بها3 أطباء وبالتالي نحن في حاجة إلي اكثر من5000 طبيب, وهناك222 ادارة في المراكز والتي يتبعها العديد من القري ويجب ألا يقل العدد بها عن15 طبيبا بالاضافة الي حاجتنا الي1500 طبيب للمجازر, ومع كل هذه الأعداد لم نتحدث عن المديريات التي يبلغ عددها29 مديرية ويجب ان يتراوح عدد الاطباء بها بين40 و50 طبيبا بيطريا وبالاضافة إلي الأعداد المطلوبة للهيئة. ويؤكد ماسبق الدكتور حسن شفيق رئيس الادارة المركزية للصحة العامة والمجازر, مشيرا الي ان هناك مشكلات اخري يتعرض لها الطبيب البيطري خاصة العاملين بالمجازر, ومع الجمهور خاصة اثناء الحملات الوقائية, وعمليات التحصين فكثيرا ما يتعرض الطبيب الي المقاومة من جانب المواطنين سواء اثناء التحصين او دخول المزارع وايضا داخل المجازر. أما الدكتورة ثناء محمد شديد عيد مدير عام أوبئة الدواجن بمحافظة6 اكتوبر فتشير الي أن هناك نقصا شديدا في اعداد الاطباء البيطريين العاملين في المحافظات خاصة في حملات انفلونزا الطيور. كما أن العديد من الشباب يترك المهنة لضآلة الراتب الذي لا يتعدي300 جنيه, والتي يخصم منها أيضا, ولا توجد أي مكافآت لهم بل ان هناك بعض العقود يحصل فيها الطبيب علي راتب شهري75 جنيها او150 جنيها وتسمي بعقود المشاريع الخاصة في المحافظات بالاضافة الي ضعف الامكانيات المادية مثل عدم توافر السيارات التي تنقل الاطباء الي القري ففي محافظة السادس من أكتوبر لا يوجد سوي عربة واحدة أساسية! ومن الناحية الاكاديمية يقول الدكتور أحمد عبد الغني وكيل كلية الطب البيطري للدراسات العليا وأستاذ الفيروسات جامعة القاهرة ان من أهم المشاكل التي تواجه دراسة الطب البيطري هي ارتفاع اعداد الطلبة الراغبين في دراسته فعلي سبيل المثال تسع الكلية200 طالب فقط ولكن الاعداد الحقيقية للطلبة تتعدي600 طالب.