الاهرام 1/5/2009 تخطئ اسرائيل كثيرا لو اعتقدت ان في استطاعتها شطب ما جاء في وثيقة مؤتمر دربان 2 المعقود في جنيف أخيرا, وذلك بشأن التصدي لمكافحة جميع مظاهر التعصب والعنف, خاصة في المناطق الخاضعة للاحتلال, هذا فضلا عما جاء في وثيقة دربان 1( عام2001) بشأن العنصرية والصهيونية. تخطيء إسرائيل اذا ظنت ان بمقدورها أو بمشاركة دول كبري شطب ما جاء بوثيقتي2009,2001 كما حدث لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم3379( الصادر في10 نوفمبر1975) والخاص باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتميز العنصري, ومن المعروف ان هذا القرار الدولي ما كان يمكن شطبه عام1991 لولا موافقة كل من الولاياتالمتحدة واسرائيل معا للبدء في عملية السلام بمؤتمر مدريد ثم أوسلو(1), أوسلو(2), ولكن سرعان ما تراجعت اسرائيل عن استكمال عملية السلام في منتصف التسعينيات, ولم تمارس واشنطن راعية عملية السلام أية ضغوط علي حليفتها اسرائيل وأكثر من هذا تبارت الإدارة الأمريكية مع الكونجرس الأمريكي في مواصلة دعم الموقف الاسرائيلي المتعنت بإصدار العديد من القرارات والقوانين وفي مقدمتها: أولا: قرار الكونجرس الأمريكي في اكتوبر1995 بشأن القدس كعاصمة موحدة وأبدية لاسرائيل والموافقة علي نقل السفارة الأمريكية عام1999 من تل أبيب إلي القدس. ثانيا: صدور قانون الكونجرس الأمريكي في8 اكتوبر2004 بشأن مواجهة الحركات المعادية للسامية لارتباطها بالعداء لاسرائيل والقانون موجه أساسا للدول العربية حكومات وشعوبا للحيلولة دون المساس باسرائيل, برغم أن شعوب الأمة العربية ساميون. ثالثا: خطابات ضمانات بوش في14 ابريل2004 وينص القانون علي فرض عقوبات علي الدول التي تمارس مقاومة الاحتلال الاسرائيلي. بمعني ان شرعية المقاومة الفلسطينية تصبح ارهابا, وتناسي الرئيس بوش آنذاك مركز بلاده التفاوضي كراع لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط, كما تجاهل بروتوكولات الملاءمة السياسية المعروفة أو المتعارف عليها, وعبر الرئيس بوش انذاك في خطاب لارييل شارون وكذا في مؤتمرهما الصحفي المشترك(14 ابريل2004) عن موقف امريكي منحاز لاسرائيل بتأييد خطة شارون علي حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني, وفي مقدمتها انكار حق الفلسطينيين في القدس القديمة كعاصمة لدولتهم وشطبها من قضايا الحل النهائي. هكذا تورطت الأممالمتحدة تحت الضغوط الأمريكية والاسرائيلية, وأقدمت في سابقة غير مسبوقة علي شطب قرار الصهيونية كشكل من أشكال العنصرية في17 ديسمبر1991 بعد16 عاما من صدوره عام1975. ولم يستسلم المفكرون والمثقفون والاعلاميون وانصار حقوق الانسان منذ ذلك الوقت لهذا القرار الجائر وشاركوا في مختلف المحافل والمنتديات الدولية لتعبئة رأي عام عالمي حول هذا المطلب العادل, وجاءت الفرصة سانحة أمام دعوة الأممالمتحدة لانعقاد المؤتمر العالمي ضد العنصرية في دربان( جنوب افريقيا) فيما بين28 اغسطس,7 سبتمبر2001 حيث تكثفت الانشطة العربية لإثارة مسألة دمغ الصهيونية بالعنصرية, والرد علي ادعاءات ومزاعم انصار اسرائيل الذين تلاعبوا بمفاهيم وأشكال العنصرية المختلفة علي هواهم, ولم يتورعوا ايضا عن تفسير معني العنصرية في المواثيق والقواميس الدولية بما يتلاءم مع مخططهم العنصري, ويدعون ان الاتفاقية الدولية لإزالة جميع أشكال التفرقة العنصرية علي أساس أنها أي تمييز أو استبعاد أو فرض قيود أو منح أفضليات بسبب الجنس أو القومية أو الاصل العرقي والذي يكون الغرض منه أو نتيجته الغاء أو إضعاف الاعتراف بحقوق الانسان وحرياته الأساسية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, أو غير ذلك من مجالات الحياة العامة. وللرد علي مثل تلك الادعاءات وتأكيد العنصرية الصهيونية في ضوء هذه الاتفاقية الدولية يكفي اعادة تفسير قانون العودة الاسرائيلي(1950) علي سبيل المثال, فالقانون في نصوصه وأهدافه قانون عنصري في مواجهة غير اليهود من جميع الجنسيات الاخري, وفي مقدمتهم بطبيعة الحال عرب فلسطين أصحاب الارض والديار والشرعية. وكان من الأهمية علي مؤتمر دربان 2 أن يدرك خطورة ما جري علي أرض فلسطين بصفة عامة وعلي أرض القدس العربية بصفة خاصة فيما بين دربان 1( عام2001), ودربان 2( عام2009) ويكفي الاشارة هنا الي فتوي محكمة العدل الدولية في9 يوليو2004, والفتوي ليست مقصورة علي عدم شرعية الجدار العازل فحسب وإنما تعزز حقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة, وفي مقدمتها حقه الثابت في تقرير المصير واقامة دولته وعاصمتها القدس. ومن الأهمية هنا ايضا توظيف فتوي محكمة العدل الدولية لتعزيز مالدينا من وثائق ملكية الأوقاف الاسلامية والقبطية, وأسانيد التاريخ والخرائط وشواهد الرحالة, وحقائق الوجود الفلسطيني, وذلك لمرحلة تعبئة رأي عام عالمي يؤازر قضيتنا العادلة بالتحرك الدبلوماسي والإعلامي والشعبي علي مدي الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية حيث تعرض تطورات الاحداث علينا التحرك السريع والمستمر علي مختلف الجبهات تحسبا لمحاولة الادارة الأمريكيةالجديدة البحث عن صيغة جديدة لتسوية الأزمة بعد أن فشلت الإدارات الأمريكية السابقة في ايجاد حل عادل, ابتداء من مدريد واوسلو الي كامب ديفيد 2, وأخيرا أنابوليس في الخريف الماضي.