الاخبار : 26/4/2009 لأنه كان متطرفاً في تدينه وملتزماً بتعاليم إلإسلام، فقد تصور بسطاء الشعب الإيراني أن محمود أحمدي نجاد صادقاً في كل كلمة نطق بها خلال حملته الانتخابية للفوز بالرئاسة في 2005 في مواجهة الرئيس السابق محمد خاتمي! كان المرشح الجديد القادم من الحرس الثوري يتباهي بأنه لم ولن يغير مسكنه المتواضع الذي أقام فيه في حي شعبي، وأنه في حال فوزه برئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيظل يعيش كما عاش بين الفقراء والمحتاجين ليتعرف علي أوضاعهم واحتياجاتهم وآمالهم وآلامهم ليقوم بتقويمها وإصلاحها وتحقيقها لهم.. أولاً بأول! خلال الشهور العديدة التي سبقت الانتخابات الرئاسية عام2005 كان المرشح المتواضع، القصير الذي يفتقد لأي »كاريزما« رئاسية « جاذبة لإعجاب الملايين حريصاً في حملته الدعائية علي الابتعاد عن الحديث عن مشاكل السياسة الخارجية ومركزاً في الوقت نفسه علي متاعب سوء المعيشة التي يئن الملايين تحت وطأتها واعداً بأن كل قدرات وثروات الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستكون مجندة من أجل إصلاح الاقتصاد الوطني، ومنصبة علي رفع مستوي معيشة الفقراء والمحتاجين والمرضي والباحثين عن وظائف! ولم ينس المرشح القادم من المجهول أن يهاجم المرشحين المنافسين ورؤساء الدولة السابقين المرة بعد الأخري ويتهمهم بإضاعة أموال الشعب الإيراني علي قضايا خارجية، ولتمويل أناس نصابين عرضوا عمالتهم للنظام الثوري الإيراني في داخل بلادهم، وتنفيذ كل ما تطلبه طهران من أجل إسقاط أنظمة، وتنصيب أنظمة عميلة لإيران مكانها! وصدق بسطاء الجمهورية الإسلامية ما قاله، وردده، المرشح القادم من الظل أحمدي نجاد ومنحوه أصواتهم: لينهي آلامهم، ويحقق آمالهم! ونعود إلي حديث الدكتور زادة كيان : أستاذ العلوم السياسية، والخبير في الشئون الإيرانية، بجامعة باريس VII مع صحيفة »لو موند«، والذي نبّه فيه القراء إلي أن ما قاله الرئيس الإيراني يوم الإثنين الماضي أمام المؤتمر الدولي لمناهضة العنصرية، واتهم إسرائيل بأنها عنصرية من رأسها إلي قدمها، كان رسالة منه إلي الشارع العربي وليس إلي الشارع الإيراني الذي لم يعد يصدق كلامه، ولا وعوده وكانت فترة رئاسته التي تنتهي خلال أقل من شهرين بمثابة كارثة علي الإيرانيين. ويضيف أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشئون الإيرانية قائلاً: إن الإيرانيين يأخذون علي الرئيس محمود أحمدي نجاد أنه بعثر آلاف الملايين من الدولارات علي مساعدة ودعم الفصائل الفلسطينية، وعلي فصيل »حزب الله لبنان«، بدلاً من استثمار تلك الميليارات لإصلاح الاقتصاد وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل أمام جيش العاطلين من خريجي المعاهد والجامعات. وسخط أغلبية الإيرانيين علي رئيس جمهوريتهم، لم يعد خافياً عن الرئيس نفسه. فهو وإن كان لا يعير فقراء شعبه أدني اهتمام، إلاّ أنه بالقطع يتنصت عليهم، ويعرف جيداً رأيهم السييء فيه، ونظرتهم المعادية له. ومن رأي خبير الشئون الإيرانية في حديثه الأخير مع صحيفة »لوموند« أن الرئيس أحمدي نجاد الذي يعلم مدي سخط الإيرانيين أراد بذهابه إلي جنيف وإلقاء كلمة أمام المؤتمر الدولي لمناهضة العنصرية هاجم فيها إسرائيل ودافع عن الفلسطينيين أن يحوّل أنظار وأفكار الناخبين الإيرانيين عن قضاياهم الداخلية إلي قضايا إقليمية، تفرض نفسها علي المعركة الانتخابية الحالية حيث لا صوت يعلو علي صوت المتطرفين، والمتشددين! و يالفرحة بعض الأخوة العرب مما قاله وفعله: صديقهم، وراعيهم وحاميهم ومتخم جيوبهم الرئيس الإيراني في جنيف يوم الاثنين الماضي. بعد مرور 48ساعة فقط علي الحدث الجلل وغير المسبوق، سارع وزير الخارجية السورية وليد المعلم بإعلان أن نسبة واسعة وعريضة من الرأي العام العربي تدعم وتساند ما فعله وما قاله الرئيس الإيراني في جنيف«. ولا أعرف مصدر هذه المعلومة التي تطوّع بإعلانها، ولم ينتظر تصديقاً عليها من أي مركز من مراكز استطلاع الرأي علي مستوي الأمة العربية: من المحيط إلي الخليج الفارسي!