رغم الافراج عن الرهينة الأمريكي أمس الأول بعد احتجازه عدة أيام فقد عادت قضية القرصنة البحرية قرب السواحل الصومالية مجددا إلي الأضواء خاصة بعد احتجازهم زورقا يرفع العلم الإيطالي, وعلي متنه16 بحارا, بينهم 10 إيطاليين, في خليج عدن. وبينما تتواصل الجهود الدولية للقضاء علي هذه الظاهرة المتفاقمة, والتي فرضت نفسها علي أجندة العمل السياسي والدبلوماسي لمختلف الدول.. يطرح السؤال نفسه حول مدي تهديد مايحدث من قرصنة لحاضر الممر الملاحي لقناة السويس ومستقبله ومدي تأثيره علي الدخل القومي المصري لعائدات هذا المنفذ المهم ؟ هكذا.. لا يكاد يمر يوم, حتي يستيقظ العالم علي اختطاف سفينة أو احتجاز رهائن من المدنيين علي متنها أو طلب فدية كبيرة لإطلاق سراحهم والنتيجة ترويع وإرهاب وضحايا. ونقل بحري يواجه تهديدات ومخاطر. وفي ظل عمليات القرصنة يبقي النقل البحري مهددا إلي درجة عزوف كثير من السفن عن العبور في بعض الممرات الملاحية, وهو مايعكس انخفاضا في إيرادات قناة السويس بنسبة8% مقارنة بإيرادات شهر ديسمبر من عام2007, حسب تقرير وزارة التنمية الاقتصادية الذي صدر مؤخرا, والذي يتناقض مع ماذكره مسئولو هيئة قناة السويس الذين يؤكدون عدم تأثر إيرادات القناة. فإلي أي مدي يمكن أن يسفر التكاتف الدولي في القضاء علي جذور القرصنة البحرية التي أصبحت تهيمن علي السواحل الافريقية مهددة حركة التجارة العالمية, خاصة بعد أن تبدلت أساليب القرصنة وأصبح القراصنة يستخدمون الأسلحة الأتوماتيكية والتقنيات الحديثة ووسائل الاتصال والمطاردة الأكثر تطورا بما يهدد أرواح البحارة والعاملين علي هذه السفن ويهدد مستقبل حركة الصيد ؟ الأكثر خطورة هو تهديد نشاط الممر الملاحي لقناة السويس نتيجة تغيير مسار حركة الملاحة العالمية إلي طرق أخري بعيدا عن مناطق القلق, حتي وإن كانت بعيدة مثل رأس الرجاء الصالح بما يؤثر علي الاقتصاد العالمي ويزيد من وطأة الكارثة الاقتصادية التي تجتاح العالم نظرا لما تمثله من تبعات مالية مرهقة. الدكتور محمد فرغلي مدير الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري يشير الي تفاقم الظاهرة, وخطورتها في حالة تحويل المسار الملاحي بعيدا عن شرق, وغرب قناة السويس بما يترتب عليها من آثار بالغة, منها مضاعفة المدي الزمني لطول المرحلة البحرية للسفن من خليج عدن الي أوروبا, فضلا عن زيادة كميات الاستهلاك, وزيادة حجم الانبعاثات الغازية, والارتفاع الحاد في قيمة التكلفة الاجمالية للنقل البحري. ويشير الي تنامي ظاهرة القرصنة, وذلك من واقع إحصاءات المنظمة البحرية العالمية والتي بدأت تجميعها ومقارنتها منذ عام1984, حيث تم رصد440 هجمة للقراصنة علي السواحل الصومالية منها أكثر من120 هجمة وقعت خلال عام2008 وحده وهناك نحو16 سفينة ونحو280 بحارا ينتمون الي25 جنسية محتجزين كرهائن في الصومال, كما فقد اثنان من البحارة حياتهما حتي الآن جراء هذه الهجمات. كما يمكننا إدراك الأهمية الاستراتيجية لهذا الممر الملاحي اذا عرفنا ان نحو12% من الاجمالي العالمي لتجارة البترول المنقول بحرا تستخدم هذا الممر بالاضافةالي الكميات الهائلة من البضائع والسلع النهائية التي تنقل من الخليج الي أوروبا, ومن منطلق دورها في المساهمة لمحاربة هذه الظاهرة التي تهدد أوضاع الملاحة في منطقتنا تقوم بعقد عدة ورش عمل لاستطلاع الآراء ووضع استراتيجية للحد من هذه الظاهرة بمشاركة المنظمة البحرية العالمية بحضور ايفيموس ميتروبوليس السكرتير العام الذي يؤكد أن المنظمة الدولية لها دور مهم في مكافحة هذه الظاهرة, مؤكدا أيضا ضرورة إصدار التشريعات القومية للمكافحة لمساندة المنظمة الدولية في قراراتها, مشيرا إلي أن أعمال القرصنة هذه أثرت بشكل بالغ علي خط سير المعونات التي ترسل للدول, فلم تعد تصل الي تلك الدول الافريقية الفقيرة والتي تسود بها القلاقل والاضطرابات فزادتها وطأة أعمال القرصنة, خاصة بالصومال. ويطالب سكرتير المنظمة الدولية بأن تكون هناك تقارير سنوية وإحصاءات لما يتم ترفع للمنظمة, مشيرا الي استفادة المنظمة من هذه الاحصاءات للحد من هذه الظاهرة في بحر الصين.. وقال ان حوادث القرصنة ارتفعت بشكل خطير في القارة الافريقية مؤخرا, ففي عام2000 حدثت471 حادثة قرصنة وسطو مسلح علي السفن كان منها140 حادثة في بحر الصين وحده, و50 حادثة فقط بالسواحل الافريقية, بينما خلال عام واحد وهو2008 كان إجمالي حوادث القرصنة305 حوادث50% منها حدثت بالسواحل الافريقية ترتب عليها مايزيد علي600 بحار تم قتلهم أو احتجازهم, وهناك حوادث اختطاف لسفن بالكامل, كما أن الأرقام الحديثة تشير الي أن هناك عشرات من البحارة الذين يتم احتجازهم حاليا في الصومال, أما المزعج في هذه الظاهرة فهو لا يتعلق فقط بعدد الهجمات ولكن بطبيعة هذه الهجمات التي تغيرت من مجرد سرقة للمعدات إلي اختطاف كامل للسفن وطلب الفدية بمبالغ كبيرة.. وهذا التحول في طبيعة الهجمات يشير الي أن هناك عصابات عالمية ارهابية لديها تخطيط جيد وتتبع تكتيكات محددة ومزودين بأسلحة متطورة كما أن بروز هذه العصابات يرتبط جيدا بضعف الحكومات في هذه المناطق.. والمناطق الساخنة, فلا يكاد يمر يوم واحد في الصومال وخليج عدن دون وقوع حادثة أو أكثر, كما أن القراصنة يستخدمون في هجماتهم زوارق سريعة جدا وتحمل أسلحة أوتوماتيكية, وقنابل يدوية ولذا نحذر السفن المارة بأن تكون بعيدة عن شواطئ الصومال بمقدار200 ميل. مراقبة.. وتدهور يضيف سكرتير المنظمة العالمية: من هنا كان من المهم استخدام الوحدات البحرية الحربية في مراقبة هذه الأماكن الساخنة وبالفعل يتم استخدام بعض الوحدات إلا أن المشكلة تتمثل في أن معظم الحوادث كانت تتم داخل المياه الإقليمية للصومال وهذا يمنع تدخل هذه الوحدات إلا أن هناك محادثات للسماح بتدخل الوحدات البحرية الحربية في المياه الأقليمية إذا لزم الأمر, وبالمناسبة هذه الوحدات البحرية تتبع الأممالمتحدة, وفي عام2007 طالبنا بنوع من التنسيق مع تلك الوحدات الحربية البحرية وزودناها بطاقة الخطوط الملاحية التي تستخدمها السفن. كما قرر مجلس الأمن بعد الحصول علي موافقة الحكومة الانتقالية في الصومال مراقبة المياه الإقليمية هناك وسوف يطبق خلال ستة اشهر ولكن للأسف رغم كل هذه المجهودات فإن الموقف في تدهور حيث نتلقي يوميا حوادث قرصنة تحدث في العالم, لذلك علينا ان نتأكد من سلامة أطقم السفن, ونزيد المساعدة الإنسانية للصومال حتي تتغلب علي ظروف الفقر الناتج عن النزاعات القبلية ومراقبة خليج عدن كإحدي المناطق التي تسود فيها تلك الهجمات, كذلك أجاز مجلس الأمن قرارا يسمح باتخاذ اتفاقات وترتيبات بين مجموعة الدول المتقاربة أو المجاورة لتسهيل عمليات الكشف عن القراصنة. الوعي.. والتنسيق يتفق معه في الرأي اللواء بحري شيرين حسن رئيس قطاع النقل البحري السابق ورئيس ميناء بورسعيد السابق مشيرا الي أن محاربة القرصنة في منطقتنا تتطلب تكاتفا دوليا للقضاء علي الجذور الحقيقية لأسباب ظهورها في العصر الحديث, مضيفا أننا نعلم جيدا أن هذه الظاهرة سوف تؤثر علي حياتنا اليومية لإعاقتها التجارة الدولية الآمنة بما يؤثر علي الحياة اليومية لكل البشر بإعاقة المنتجات للوصول الي الأسواق, ولذلك علينا نشر الوعي بخطورة هذه الظاهرة وسط الحكومات والمنظمات غير الحكومية وكل هيئات المجتمع الدولي للتصدي لهذه الحوادث.. وهناك معلومات خفية بأن من يقومون بهذه الهجمات جماعات علي أعلي مستوي من التنظيم والتسليح, والسؤال الآن: من وراء هؤلاء ومن الذي يقوم بتسليحهم, وإمدادهم بالمعلومات؟! حيث إنني اعتقد أنهم كأفراد غير قادرين علي الوصول الي هذه الدرجة الاحترافية العالية. ويري ربان احمد يوسف شاهد عيان لواقعة خطف السفينة سيروستار السعودية أن تاريخ القرصنة يرجع الي أكثر من3 آلاف سنة مضت, وكانت هجمات القراصنة تنشط في البحر المتوسط, والمياه الضحلة بالقرب من الشواطيء ومن أشهر من تم أسره في أعمال القرصنة يوليوس قيصر الذي تم أسره مرتين, أما القرصنة الحديثة فتعتمد علي استخدام أسلحة أتوماتيكية, وأجهزة اتصال حديثة كأجهزة الراديو. القواعد القانونية عن القواعد القانونية لتوصيف القرصنة يقول الربان عصام بدوي مساعد برامج السلامة البحرية الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا ان المادة105 من اتفاقية الأممالمتحدة لعام 1982 تنص علي القبض علي هؤلاء القراصنة ومحاكمتهم.