بالرغم من تمخض قمة مجموعة العشرين عن دفعة قوية للتجارة العالمية المتعثرة بدعم الصادرات الا ان الغموض لا يزال يكتنف وعود التوصل الى اتفاق في جولة الدوحة من مفاوضات التجارة. وأفاد قادة العشرين بتخصيص 1.1 تريليون دولار لمحاربة التباطوء الاقتصادي يشمل حزمة لتمويل ما قيمته 250 مليار دولار من التجارة على مدى العامين القادمين. وكان نمو التجارة منذ الحرب العالمية الثانية قد انتشل الملايين من الفقر كما أن تشعب سلاسل التوريد في اقتصاد عالمي تتزايد معدلات العولمة فيه يعني أن المصدرين يعتمدون على واردات تصل الى عشرات الدول. وفي خضم ذلك، تراجعت التجارة في الشهور الاخيرة جراء الازمة المالية العالمية، فعلى سبيل المثال فقد انخفضت صادرات اليابان الى النصف في فبراير/ شباط 2009 عن مستواها قبل عام. وتتوقع منظمة التجارة العالمية تراجعا عالميا هو الاول في 25 عاما بنسبة 9% خلال العام نظرا لهبوط الطلب وعدم توافر الائتمان اللازم لتمويل الصادرات. وبينما يتوقع خبراء ومنهم فريدريك اريكسون مدير المركز الاوروبي للاقتصاد السياسي الدولي ومقره في بروكسل ان تسهم الموارد الجديدة في انعاش التجارة، الا ان وعد التوصل الى اتفاق في جولة الدوحة التي طال أمدها من محادثات منظمة التجارة العالمية - وهو فقرة ثابتة في بيانات كل المؤتمرات الدولية - خلا من التفاصيل ولم يحدد موعدا نهائيا لابرام الاتفاق الذي تشتد الحاجة اليه. وبحسب البيان فان من شأن التوصل الى اتفاق في محادثات الدوحة أن يضيف ما لا يقل عن 150 مليار دولار سنويا للاقتصاد العالمي. لكنه لم يحدد موعدا نهائيا لابرام الاتفاق الذي تشتد الحاجة اليه. وبدأت المفاوضات من اجل اتفاق جديد للتجارة العالمية في عام 2001 بعد وقت قصير من الهجمات التي شنت في الولاياتالمتحدة في 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على أمل دعم الاقتصاد العالمي ومساعدة الدول الفقيرة، لكنها انتقلت من أزمة الى أخرى وهي تواجه خطر التعطل لسنوات أخرى. وكانت القوى التجارية الرئيسية قاب قوسين او ادنى من التوصل الى اتفاق في يوليو/ تموز 2008 لكن المحادثات الوزارية انهارت في نهاية المطاف بسبب الخلافات بين الولاياتالمتحدة ودول صاعدة رئيسية. وتمحور الخلاف في طلب الولاياتالمتحدة من دول مثل الصين والهند والبرازيل بفتح أسواقها بدرجة أكبر أمام الشركات الامريكية في حين طالبت الهند بحماية مزارعيها الفقراء من زيادة الواردات وأبدت الصين شكوكا في دعوات لاقامة مناطق تجارة حرة في قطاعات صناعية محددة مثل الكيماويات. وكان باسكال لامي رئيس منظمة التجارة اقترح حلا وسطا انذاك يمكن الدول الكبرى من اتخاذ قرار صعب، بخفض الدعم الزراعي الأوروبي بنسبة 80%، وخفض الإعانات الزراعية الأمريكية بنسبة 70%. ولا يوقف الاقتراح الإنفاق الأمريكي الإجمالي في الدعم الزراعي الذي بلغ 9 مليارات دولار عام 2007، بل سيسمح بزيادة الدعم إلى نحو 14.5 مليار دولار الا انها لم تحظى بقبول الجانبين. ورغم دعوة مجموعة العشرين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 للتوصل الى اتفاق اطار في جولة الدوحة بنهاية 2008 رأى باسكال لامي المدير العام للمنظمة أن الخلافات لاتزال من الاتساع بما لا يسمح بدعوة الوزراء للاجتماع في ديسمبر/ كانون الاول من العام نفسه. وأبلغ لامي أنه من الممكن الاتفاق على اطر القضايا الاساسية في ملفي السلع الزراعية والصناعية بنهاية 2009 وأنه قد يدعو الوزراء الى اجراء محادثات قبل أو بعد العطلة الصيفية في أوروبا. وفي الصدد ذاته، كان دبلوماسي بالاتحاد الاوروبي صرح الخميس بان مثل هذه المحادثات قد تجري خلال قمة مجموعة الثماني التي تستضيفها ايطاليا في يوليو/ تموز 2009 وستوجه الدعوة الى قوى صاعدة مثل البرازيل والصين والهند للمشاركة فيها. وتخشى كثير من الدول النامية من أن الغرض الاصلي لجولة الدوحة - ازالة التشوهات التي تضر الدول الفقيرة من النظام التجاري العالمي - قد يطويه النسيان في خضم المساعي الرامية لتحقيق أكبر قدر من حرية النفاذ الى الاسواق للشركات الامريكية وهو ما سيكون ضروريا لنيل موافقة الكونجرس الامريكي على أي اتفاق. (رويترز)