وضعت أزمة الائتمان العالمية وعجز الحكومة عن تقديم المزيد من المساعدات أثرياء روسيا في مفترق طرق بين الافلاس وتفاقم الاستدانة الخارجية. واستدان بعض ملوك المال في هذه الدائرة مبالغ ضخمة للتوسع في سنوات الازدهار في ظل حكم الرئيس السابق فلاديمير بوتين مما اضطر البعض نتيجة تراجع ايرادات شركاته لاستجداء دائنين غربيين لاعادة جدولة سداد الديون بعد ان اثقلت كاهلهم ديون ضخمة. وقدر البنك المركزي الديون الخارجية للقطاع الخاص الروسي بنحو 500 مليار دولار من بينها 130 مليار دولار يحين موعد سدادها خلال 2009. وفي السياق ذاته، يمر اعضاء نادي الثراء الفاحش في روسيا باسوأ عام منذ تسعينات القرن العشرين، إذ فقد 32 روسيا ادرجت اسماؤهم على قائمة فوربس لاغنى اغنياء العالم اكثر من 250 مليار دولار مجتمعين خلال 2008. وكانت القائمة قد ضمت خلال العام نفسه 87 مليارديرا روسيا. وحقق كثير من الروس ذوي الثراء الفاحش ثرواتهم من مجالات محددة منها المعادن والصلب أو شركات النفط ولكن أسعار جميع منتجاتهم هوت جراء الازمة المالية العالمية مما جعلهم يستنجدون بالدولة. وهو ما علق عليه، اوليج كيسليوف من اتحاد الصناعيين والممولين الروس او "نقابة الاغنياء" كما يطلق عليها، قائلا ان الاثرياء الذين كونوا ثرواتهم من الموارد الطبيعية لا يملكون اموال لسداد ديونهم. وفي تعليق مماثل، أكد ايجور شوفالوف النائب الاول لرئيس الوزراء بوتين انه من المنتظر ان تعجز كثيرا من الشركات عن سداد ديونها وان الدولة لن تتحمل هذه الديون. يذكر، انه مع تزايد صعوبة الحصول على المال جمدت روسيا تسهيلات بقيمة 50 مليار دولار تقدمها مؤسسة "في.ايه.بي" التابعة للدولة للمساعدة في اعادة تمويل ديون اجنبية بعد قيامها بتوزيع 11 مليار دولار. وأفاد مصرفيون بان المسؤولين ربما يريدون دفع ذوي الثراء الفاحش لتحويل اموالهم من الخارج، ويعتقدون ان الدولة ستتحمل في نهاية الامر بعض ديون هؤلاء الاثرياء -بسعر جيد- لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد. وهو ما دفعهم الى القول بان روسيا عند مفترق طرق لان العديد من هؤلاء الاثرياء افلسوا بصفة اساسية ولن يجتازوا الازمة بمفردهم، ويبقى سؤال حول سبيل انقاذهم فهل يتم بالاموال العامة المخصصة للمتقاعدين عن العمل ام ان كثيرا منهم يواجهون النهاية. وعلى سيبل المثال، تراجعت ثروات بارونات التعدين في سيبيريا رغم ان اصولهم لا زالت ضمن الافضل حالا على مستوى العالم. وخلال الاسبوع الثاني من مارس/ أذار 2009 ذكرت شركة "روسال" أكبر مصنع للالومنيوم في العالم انها توصلت لاتفاق مع معظم الدائنين الغربيين لمنحها فترة سماح شهرين تستأنف بعدها تغطية ديونها الخارجية البالغة 7.4 مليار دولار. ويعمل في روسال -التي يسيطر عليها اولج دريباسكا احد اكبر الاثرياء الروس- 90 الف عامل وتقدر ديونها بنحو 14 مليار دولار. ووفقا لفوربس، تراجعت ثروة دريباسكا الى 3.5 مليار دولار من 28 مليار خلال 2008، وانخفضت ثروة اليكسي مورداشوف المسيطر على "سيفيرستال" أكبر شركة لصناعة الصلب في روسيا الى 4.3 مليار من 21.2 ميار دولار. وفقد فلاديمير يفتوشينكوف الذي يهيمن على مجموعة شركات سيستيما للخدمات 90% من ثروته تقريبا لتتقلص الى 1.2 مليار دولار من 10 مليارات دولار. وفي تصور لمستقبل الاثرياء، يقول كيسليوف ان الصورة النهائية لشركات الاثرياء تتمثل في ذهاب بعض الحصص للدولة والبعض الاخر لدائنين غربيين ويبقى لاصحاب الثراء الفاحش بعض حصصهم الا ان هذه الحصص قد تنخفض الى صفر. وفي ابرز صور اثار الازمة على الروس، هبوط مبيعات معرض المليونيرات الذي افتتح في موسكو الاسبوع الاخير من نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 حتى ان شركات بيع اليخوت عرضت اثنين بسعر واحد ورغم ذلك لا تجد مشترين. وتبادل افراد مجتمع الصفوة في روسيا الذين اضيروا جراء الازمة تهنئة بعضهم البعض لمجرد ان واتتهم الشجاعة لحضور المعرض الذي يكون عادة عرضا مبهر للتباهي بالثراء، ويرى البعض في الازمة تحديا لاتتجاوزه سوى الروح الروسية. (رويترز)