ذلك هو السؤال الذي يطرحه الكثيرون من هواة البحث في الخرافات وعلاقتها بالعلم، إن كانت هناك علاقة في الأصل، والسبب في طرح السؤال اليوم، هو أن خرافة «الجمعة اليوم الثالث عشر من الشهر» الشهيرة خاصة في المعتقدات الغربية، تتكرر ثلاث مرات هذه السنة (فبراير، مارس ونوفمبر)، وهي المصادفة الأولى في القرن الواحد والعشرين، أما الثانية فستكون سنة 2015، والثالثة سنة 2026. أي أن متبعي هذه المعتقدات يؤمنون بأن النحس الثلاثي كفيل بأن يطبع العام كله، خاصة أن هؤلاء يؤمنون بأن النحس مرتبط بأيام الجمعة وبالعدد 13، وعليه فالنحس يكون مؤكداً ومضاعفاً حين يتم التزاوج بين الاثنين كما اوردت جريدة " القبس " الكويتية. لكن.. ما أصل هذه المعتقدات التي يؤكد العلم الحديث براءته منها؟ يقول المتخصصون الذين حاولوا البحث في أصول هذه المعتقدات الغربية والغريبة انها تعود إلى أصول دينية (يهودية ومسيحية) بالدرجة الأولى مثل هدم المعبد يوم الجمعة وصلب السيد المسيح يوم الجمعة والعشاء الأخير الذي حضره ثلاثة عشر شخصاً، فمات أحدهم في اليوم التالي بسبب خيانة أحد الحاضرين! ويقول الباحثون ان الخوف من يوم الجمعة ومن العدد 13، خاصة إذا اجتمعا، يعتبر من المعتقدات الخرافية الأكثر انتشاراً في العالم كله.. فالعديد من المستشفيات على سبيل المثال لا توجد فيها غرف تحمل الرقم 13.. كما أن معظم العمارات العالية تتجنب إطلاق الرقم 13 على الطابق الثالث عشر وتكتفي بتسميته 12 مكررا.. كما أن المطارات الغربية في الغالب تخلو من بوابة تحمل الرقم 13! ومن الطرائف التي يسجلها التاريخ أن الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت كان يرفض السفر بكل أنواعه في اليوم الثالث عشر من الشهر، حتى ولو لم يصادف يوم جمعة، كما كان يرفض حضور مأدبة أو دخول غرفة أو أي مكان، إذا كان عدد الموجودين فيه 12. كذلك الأمر بالنسبة الى نابليون والرئيس الأميركي هيربرت هوفر، فكلاهما كان من أتباع تلك المعتقدات الغربية فلا يتخذ قراراً، بل لا يقوم بأي نشاط في اليوم الثالث عشر إذا صادف يوم جمعة! ومن الطرائف أيضاً أن الأديب الأميركي مارك توين دعي إلى عشاء وكان الضيف الثالث عشر، فحذره أحد الأصدقاء من تلبية الدعوة، لكنه أصر على الذهاب. وفي اليوم التالي قال لصديقه: لقد ذهبت لكن الطعام لم يكن يكفي إلا لاثني عشر شخصاً فبقيت من دون عشاء! الكتابة عن الطعام.. تجرنا إلى عادة طريفة مرتبطة بهذه الخرافات، ففي العديد من الدول الأوروبية، وبالذات فرنسا، تقضي العادات باستئجار شخص غريب لينضم إلى المائدة إذا كان عدد المدعوين ثلاثة عشر، وفي الغالب يكون أول من يصادفونه في طريقهم. ويقول البعض إن الرقم 13 «يعاني» من وقوعه بعد الرقم 12.. فالأخير «رقم كامل».. 12 شهراً في السنة.. 12 برجاً في علم الفلك.. 12 ساعة في الساعة (غير الرقمية).. 12 عدد آلهة قدماء اليونان.. 12 عدد خيبات أمل هرقل.. الدزينة فيها 12... إلى آخره. ماذا يقول العلم؟ يقول الباحثون إن هذه الاعتقادات تعود أيضاً إلى أيام فيثاغورس، ذلك الفيلسوف والعالم الرياضي اليوناني القديم الذي أطلق مقولته الشهيرة «العالم مجرد أرقام».. ومن بعده، حاول تلاميذه الربط بين الأرقام والأحداث التي تقع. وفي كتاب صدر سنة 2005 للباحث الأميركي ماريو ليفيو بعنوان «المعادلة التي لا يمكن حلها»، محاولة لتفسير ما فعله تلاميذ ذلك الفيلسوف والرياضي اليوناني القديم، ومن ثم الغوص في ما يسمى علم الأرقام. يقول المؤلف إن الناس ينجذبون أو ينفرون، بلا وعي أو تفكير، من أرقام معينة مزروعة في عقولهم الباطنة من أيام الطفولة. لكن المؤلف ينقل عن عدد كبير من المختصين أن العلم الحديث بريء من هذه الخرافات التي لا أساس لها. وعلى الرغم من أن الأرقام الرسمية تؤكد أن عدد حوادث السيارات، على سبيل المثال، التي تقع أيام الجمعة الثالث عشر من الشهر، أقل من حوادث الأيام الأخرى، بسبب تجنب الكثيرين قيادة السيارة أصلاً في ذلك اليوم، فإن المؤمنين بهذه الخرافات يتمسكون بالقول إن العديد من الكوارث وقعت أيام الجمعة الثالث عشر من الشهر، ومن هذه الكوارث الإعصار شارلي الذي ضرب ولاية فلوريدا يوم الجمعة 13 أغسطس 2004.. والعاصفة المدمرة التي اجتاحت ولاية نيويورك يوم الجمعة 13 أكتوبر 2006.. وطائرة شركة كونتيننتال التي سقطت على منزل في ولاية نيويورك أيضا في الساعة الأخيرة من يوم الخميس 12 فبراير 2009.. وأخيراً المذنب «2004 MN4» الذي سيقترب كثيراً من الأرض يوم الجمعة 13 إبريل سنة 2029. وفي المقابل يقول آخرون إن دورة أثينا للألعاب الأولمبية افتتحت يوم الجمعة 13 أغسطس 2004.. ولم يحدث أي مكروه خلالها. وبالطبع، لا يخلو الأمر من وجود من يستغل المناسبة لأغراض خاصة.. فالشركة المصنعة للعبة الفيديو الشهيرة «ريزيدنت أيفل» الشيطانية، كما يقول اسمها، طرحت يوم الجمعة الماضي، الموافق 13 مارس، النسخة الرابعة من هذه اللعبة الواسعة الانتشار.