الحياة: 12/3/2009 هل يستطيع العرب احتمال رؤية العراق يغرق في فتنة مذهبية واقتتال عربي - كردي فيما تغادر القوات الاميركية أراضيه؟ هل يستطيع العرب احتمال ضياع جهود السلام وفكرة الدولتين والمبادرة العربية للسلام بسبب الانقسام الفلسطيني الذي يوفر فرصة ذهبية للحكومة الاسرائيلية الجديدة للتملّص من كل التزامات السلام؟ هل يستطيع العرب احتمال رؤية لبنان يتحول دولة معطلة مشلولة فاشلة مصيرها مفتوح على احتمالات العرقنة والصوملة؟ وهل يستطيع العرب احتمال رؤية الطائرات الاسرائيلية تغير على المنشآت النووية الإيرانية ورؤية ايران ترد باشعال ما تيسر من جبهات في الاقليم؟ هل يستطيع العرب رؤية السودان يتفكك وتتحصن «القاعدة» او ما يشبهها في جزء من اراضيه وتنطلق منها في مغامرات مدوية؟ هل لا يزال العرب قادرين على جبه السياسات العدوانية الاسرائيلية واستيعاب الشهيات الايرانية المفتوحة ومن دون الاضطرار الى اللجوء الى الطب التركي لمداواة وضعهم في الاقليم وعلاقاتهم في ما بينهم؟ هل صحيح ان فشل المثلث السعودي - المصري - السوري في بلورة رد عربي موحد لملء الفراغ الذي خلفه اسقاط نظام صدام حسين أحدث ثقوبا واسعة في جسد الامن العربي ما سمح بتحويل اجزاء من الارض العربية الى ساحات لحروب الأدوار وان المثلثات البديلة رسخت الثقوب ووسعتها؟ وهل يمكن الاعتقاد بأن أي ضلع من اضلاع المثلث العربي الطبيعي يزداد قوة بإضعاف الضلعين الآخرين ام ان كل خلل داخل المثلث يضعف كامل اضلاعه؟ وهل يتعين على باراك اوباما ان يأخذ مصالح العرب في الاعتبار حين يرى ان التنابذ وافتراق الخيارات والقراءات بلغ حد الحديث عن الطلاق داخل المثلث العربي الطبيعي؟ وهل طبيعي مثلا ان تكون طهران اقرب من الرياض والقاهرة الى دمشق وان تندلع داخل المثلث نفسه معارك تحجيم وليّ أذرعة؟ بعض هذه الاسئلة كان مطروحاً منذ سنوات وبعضها الآخر طرح حديثا وبحدة. بدا العرب اشبه بركّاب يتشاحنون على سفينة مثقوبة. ينهمكون بتسجيل النقاط على بعضهم فيما تزداد السفينة غرقا. ولم يكن سراً أن اللغات تباعدت وأن الجروح ازدادت عمقا وأن المرارات استحكمت. لهذا كان لا بد من ان يرتفع صوت ما منبّهاً الى المصير المحدق بالسفينة وركابها. وان يعلن طي صفحة المرارات والتخبط ودفن زمن الجروح والخلافات، داعيا الى استعادة روح التضامن ولغته وترميم الارادة وبلورة رؤية موحدة في النظر الى الاخطار. تصدى الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذه المهمة في قمة الكويت. اطلقت المبادرة دينامية اسفرت عن إسقاط لغة القطيعة والجفاء وفتحت الباب للقمة المصغرة التي شهدتها الرياض امس. لا نريد الاستعجال والإفراط في الآمال. ولا نريد التقليل من حجم الصعوبات وثقل الماضي القريب وتعقيدات تميز بعض الملفات. لكن قمة الرياض تبقى حدثاً كبيراً. فهي تبعث الى العرب وأهل الاقليم والعالم برسالة مفادها ان ركاب السفينة المهددة بالغرق قرروا انقاذ سفينتهم. واسترجعوا قدرتهم على الاجتماع تحت السقف العربي. وانهم قرروا العودة الى البحث عن تصور موحد معتمدين لغة منتصف الطريق. وان ما يجمع بينهم يفوق ما يفرق. ان اعادة اعمار العلاقات داخل المثلث السعودي - المصري - السوري على قاعدة المصارحة والشعور بوحدة المصير ستؤدي في حال نجاحها الى اطلاق عملية واسعة لإعادة إعمار العلاقات العربية - العربية برمتها. وواضح ان قيام علاقات تعاون جدي بين اطراف المثلث يمكن ان ينعكس ايجابا في العراق وفلسطين ولبنان، ما يبعث برسالة صريحة الى اللاعبين الآخرين سواء كانوا من داخل الاقليم او من خارجه. كل عربي يأمل ان تكون القمة الرباعية في الرياض اكثر من صورة ترمي الى تمرير قمة الدوحة من دون خلافات كبرى. كل عربي يتمنى ان تكون قمة الرياض تعبيرا عن قرار عربي لا عودة عنه ببناء تصور عربي موحد لحماية الامن والاستقرار في عالم يجتاز مرحلة من الاضطراب المالي وغياب آليات واضحة للقيادة. فهل يستطيع العرب منع سفينتهم من الغرق؟