اخبار الخليج فى 3/3/2008 المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي صدرت في عام 1996م شددت على حظر كل أشكال التحريض على الكراهية الدينية، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة العشرين على: «أنه يجب منع أي تحريض على التعصب القومي أو العرقي أو الديني بشكل يحرض على التمييز أو العداوة أو العنف بمقتضى القانون«. ويبدو أن الحكومة الدنماركية لا تبدي أي اهتمام أو احترام الى هذه المعاهدة اذا ما تعلق الأمر بموضوع يخص الاسلام والمسلمين، فقد قامت 17 صحيفة دنماركية في منتصف شهر فبراير المنصرم بإعادة نشر الرسوم الكاريكاتيرية الاثني عشر المسيئة لنبي الاسلام «محمد« عليه وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، التي نشرت أواخر عام 2005 وأثارت استياء وسخط المسلمين في جميع أنحاء العالم. ولم يجد وزير الخارجية الدنماركي «بيير ستينج مولر« أي مبرر سوى القول ان اعادة نشر هذه الصور المسيئة جاء كرد فعل لحكاية مخطط قتل أحد الرسامين المتورط فيه ثلاثة شبان من مسلمي الدنمارك. وفي اعتقادنا أن العقلاء لا يقبلون هذا التبرير غير المنطقي ولا يتوقعون صدوره عن وزير للخارجية، لأنه من غير العدل والانصاف أن يتحمل أكثر من 1300 مليون مسلم إهانة نبيهم وعقائدهم ومقدساتهم بسبب حماقة ثلاثة منهم. ونحن هنا لا ندافع عن هؤلاء الحمقى الثلاثة ولا نختلف مع الحكومة الدنماركية في حقها محاكمتهم أمام القضاء على ما تورطوا فيه من فعل مشين لا يقره الاسلام (دين السلام والمحبة) وذلك بعد اثباته بالأدلة القاطعة، ولكن في الوقت نفسه نقول: انه ليس من حق أحد في الدنمارك حكومة أو إعلاما أو أي طرف آخر أن يحاكم المسلمين جميعا أو يجرمهم جراء تصرف أخرق صادر من ثلاثة أشخاص، أو ان يتخذ منه ذريعة لإهانة نبيهم والنيل من عقائدهم. ولو سلمنا جدلا أنه لا يوجد في الدنمارك قوانين تجرم مثل هذا السلوك المشين تحت ذريعة «حرية الرأي والتعبير«، فهناك طبعا التزامات أدبية وأخلاقية تفرض على المسئولين في الحكومة إدانة ذلك المسلك انطلاقا من الحرص على حماية المعتقدات الدينية والتعددية الثقافية اللتين هما من صلب الديمقراطية الغربية. للأسف الشديد، لا يبدو ان الحكومة الدنماركية في وارد الاعتذار للمسلمين عما لحق بهم وبنبيهم ومقدساتهم من اهانة وازدراء، ومثل هذا الموقف ليس بغريب على الحكومة الدنماركية التي ثبت أنها لا تكن للمسلمين أي احترام أو تقدير أو مودة. ما هو المطلوب؟ وكيف يكون الرد؟ بالطبع لا يمكن السكوت على ما يجري، ولا ينبغي أن يكون الرد متسما بالعنف والتهور، وأعمال الشغب - من فوضى وتخريب وحرق الممتلكات - هي تصرفات غير حضارية تضر ولا تنفع، تسيء الى المسلمين عامة والقاطنين في الدول الغربية خاصة. ونحن نرى أن الحل على مستويين، عاجل وآجل. العاجل: أن تعلن الشعوب العربية والاسلامية مقاطعتها للبضائع الدنماركية، على أن تستمر هذه المقاطعة فترة زمنية لا تقل عن سنة واحدة حتى لو اعتذرت الحكومة الدنماركية. من حقهم التذرع والكيل بمكيالين حول التزامهم مبادئ «حرية الرأي والتعبير«، ومن حقنا أن نمارس حريتنا في مقاطعة بضائع من يتعمدون اهانة وازدراء نبينا وديننا. أما الآجل، فيتمثل في الآتي: 1- أن تتوافق الدول العربية والاسلامية - استنادا الى المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية المذكورة في مقدمة المقال - على استصدار قانون من البرلمان الأوروبي يحرم الازدراء بالانبياء والأديان ومقدسات الشعوب. (مستعار من مقال للأستاذ فهمي هويدي). 2- تكثيف وتفعيل مؤتمرات الحوار والتقريب بين الأديان والحضارات عبر فتح أبواب الحوار الفكري والثقافي بين مؤسسات الفكر والاعلام العربية من جهة وبين مؤسسات الفكر والاعلام الغربية من جهة أخرى. 3- دعوة المفكرين والأكاديميين الغربيين المؤيدين للقضايا العربية والاسلامية والمؤمنين بحوار الأديان والحضارات الى الدول العربية والاسلامية لمناقشتهم ومحاورتهم وتوضيح الصورة لهم، ودعم مراكزهم العلمية ماديا ومعنويا وحثهم على إعداد الدراسات والبحوث العلمية التي تصب في هذا الاتجاه. 4- الدعمان المادي والمعنوي للمراكز الاسلامية في الدول الغربية التي تتبنى الاسلام الوسطي والمعتدل قولا وفعلا، والتضييق على الحركات الاسلامية المتطرفة التي تتبنى خطابات التكفير والحض على كراهية الآخر. الجميع يعلمون أن هناك جهات صهيونية وماسونية ومسيحية متصهينة تعمل بكل ما أوتيت من قوة ونفوذ على تأجيج الصراع بين الحضارات وخصوصا الصراع الاسلامي - المسيحي، وتشويه الدين الاسلامي من أجل خدمة اسرائيل والصهيونية، وهذا يستوجب كل أشكال الرد الحضارية والفكرية والثقافية. وحتى لا تتمادى دول أوروبية أو غيرها في الاساءة الى نبي المسلمين ومقدساتهم، لا بد ان تكون الرسالة الى الدنماركيين قوية وواضحة تعبر عما أصاب الشعوب العربية والاسلامية من صدمة وألمين نفسي ومعنوي نتيجة تصرفهم غير الحضاري، وتذكرهم وتذكر غيرهم أن الاستمرار في إهانة المسلمين لن يمر بغير عقاب.