الاهرام 27/2/2009 لديكم بلد جميل!, أتمني لو أننا يمكننا الذهاب إلي هناك!.. ولكن نحن خائفون من هجوم إرهابي!. هذه كلها الرسالة التي حملها لي البريد من الدانمارك, وبرفقتها صفحتان من جريدة مترو كوبنهاجن لمناظر سياحية في شرم الشيخ والغردقة وتوقفت أمام الرسالة التي جاءت قبل أيام من تفجير المشهد الحسيني, وساعتها لم يكن في الأجواء ما يشير إلي أي تهديدات إرهابية!. وتملكني شعور بالدهشة إزاء هذه المخاوف برغم حملة الترويج للسياحة في مصر! والآن تبدو الخيوط كلها مترابطة وتصل بنا إلي أمر واحد: الأمن والأمان!, ففي غيبة الأمن لا تبدو السياحة وحدها مهددة بل الاستثمارات الأجنبية والتقييم الائتماني لمصر وأشياء كثيرة أهمها مدي استقرار هذا البلد وما هو النموذج الذي يقدمه للآخرين وهل البلد جاذب لأهله أم طارد لهم وللآخرين وأخيرا أن الصورة الذهنية لأي بلد ليست في مدي الحسن والجمال الذي يتمتع به, بل مدي قربه أو بعده عن كونه واحة أمان في هذا العالم المضطرب! وهنا تبدو مهمة تسويق مصر بوصفها بلدا آمنا صعبة وسيكون ضروريا معالجة هذا الأمر بمزيد من الصبر والحنكة بعيدا عن حملات ساذجة من نوعية نورت مصر. وبعيدا عن ذلك فإن حادث التفجير في المشهد الحسيني لابد من التوقف عنده وأهم ما فيه أن التهديد الإرهابي مازال موجودا ولا اعتقد أن القول بأن الظاهرة الإرهابية تراجعت وأن ما نشهده إرهاب عشوائي بدائي يجعلنا نستريح. بل بالعكس! لأن العشوائي يمكن أن يتطور, كما أن جذور الإرهاب وذرائعه لازالت موجودة! وعلينا أن نتعامل بحرفية لنصل إلي الجذور! وأحسب أن الإرهاب مازال يؤرق مصر مثلما يهدد السعودية والجزائر واليمن وبلدانا أخري وأول أسباب المخاوف من تجدد العنف: هذا الاضطراب في المنطقة سواء في فلسطين والعراق والسودان, فضلا عن الاحتقان العربي وهذا التحريض غير المسبوق بين معسكري الاعتدال والممانعة, والأهم التشكيك في وطنية وشرعية النظم العربية وليس بعيدا غياب الأمن الاجتماعي من جراء البطالة والفساد والاختلال الرهيب في المستويات الاجتماعية وضبابية المستقبل للأجيال الجديدة! ويبقي أن الظروف الراهنة بالمنطقة تشير إلي أن القادم أخطر! فنحن أمام مفترق طرق ما بين الاستقرار والقلاقل الاجتماعية من جراء الأزمة المالية العالمية ونتيجة لعدم وصول عوائد التنمية لقطاعات عريضة من الناس, كما اننا في لحظة فارقة: ما بين إعلان وفاة السلام والفوضي والحروب الصغيرة والنيران الكبري ولعل أكبر الحرائق ستأتي من الحرب الأهلية في العراق بعد الانسحاب الأمريكي, وهذا كله سوف يؤثر علي الجميع إلا من يبدأ وبسرعة في تحصين البيت من الداخل!