الاروقة المعتمة ورائحة الرطوبة العطنة والجدران التي سقط طلاؤها تعطي الانطباع بسجن حصين من سجون العصور الوسطى. وتشير الكتابة الروسية على الابواب المعدنية الثقيلة الى الغرض الحقيقي للمبنى . انه سرداب مبنى يعرف في العاصمة ريجا باسم "المنزل على الناصية" والذي كان مقرا للمخابرات السوفيتية (كيه.جي.بي) في لاتفيا. وبمجرد أن أعلن عن عزم شرطة لاتفيا اخلاء المبنى سارع البعض الى الدعوة بتحويله الى مكان لذكرى الذين عانوا أثناء الاحتلال السوفيتي الذي دام 50 عاما. ويتذكر المنشق السوفيتي السابق يانيس روزكالنس كيف نقل من زنزانته في الدور الاول الى السرداب الذي يمتليء الان بأثاث قديم وقطع معدنية كبيرة يعلوها الصدأ. وقال وهو يقف في غرفة احتجاز مهجورة "مررنا على زنزانات كهذه. الحمامات كانت في نهاية الممر حيث كان يقتل الناس بالرصاص في أيام ستالين (الزعيم السوفيتي"). وتابع روزكالنس الذي اعتقل عام 1983 لتحريضه المواطنين على السوفيت وأرسل الى سجن في سيبيريا قائلا "أتصور أنه يجب أن يقام متحف تذكاري هنا. انني مستاء للغاية لان هذا المكان يعاني من فوضى كاملة.. جانب من التاريخ يدمر هنا." ونقل مقر الجهاز المخابراتي السابق على (الكيه.جي.بي) الى هنا في عام 1940 بعد أن ضم الدكتاتور جوزيف ستالين لاتفيا للاتحاد السوفيتي بالقوة. ثم بدأ ما يسمى في لاتفيا "عام الارهاب" عندما حدثت عمليات ترحيل جماعية لسيبيريا وعمليات اعدام في سرداب مقر المخابرات في "المنزل على الناصية". كانت الاستجوابات تجري في الدور السادس في المبنى الذي كان يقع على ناصيتي ما كان يعرف بشارعي لينين وانجلز. في احدى الزنزانات كانت هناك لوحة عليها وثائق باللغة الروسية تتضمن تفاصيل الاجراءات الادارية المختلفة. وكانت أبواب معدنية ضخمة مكتوب عليها كلمة "ملجأ" بالروسية. في احدى الغرف كومة من الاثاث القديم وفوقها لوحة بلاستيكية لمؤسس الشرطة السرية الروسية فليكس جيرجنسكي. وفي زنزانة أخرى كومة من الصناديق القديمة بعضها مليء برصاصات فارغة مستعملة. ويسارع مسؤول بالشرطة الى القول بأن الرصاصات لم تكن تلك التي استخدمت لقتل السجناء أثناء حكم ستالين. وتذكر هيلينا كيلمينا التي كانت محتجزة في الستينات في مذكراتها نكتة مريرة كانت تقال على المبنى. تقول النكتة "ما هو أعلى مبنى في ريجا. انه المنزل على الناصية.. فمن الطابق السادس يمكن رؤية سيبيريا." من باتريك لانين ( رويترز )