الأهرام المسائي 4/1/2009 ماحدث في غزة هو مأساة بكل ماتعنيه الكلمة سجلت بدماء الشهداء من الأبرياء علي جدران الزمن وستظل دليل إدانة للمجتمع الدولي الذي وقف صامتا في مقاعد المتفرجين وهو يري اسرائيل تنحر شعبا علي مذبح النزوات الصهيونية العنصرية ذات الصبغة الدموية فهي لاتعرف سوي لغة الدماء وهي تمارس لعبة السياسة في أحط أشكالها.. وتاريخهم الاجرامي الدموي معروف بين الشعوب وهم وراء كل مايعانيه العالم من عدم استقرار وعنف ولن يستطيع ذلك المجتمع الدولي الصامت ذلك الشيطان الأخرس الذي سكت عن الحق أن يبرئ يده من الدم الفلسطيني ومن تلك الجريمة التي بدأت بالحصار والتجويع والمعاقبة الجماعية لشعب فلسطين بنسائه وأطفاله في تلك المصيدة ذلك القطاع الذي صار رمزا للكارثة والمأساة الانسانية.. لقد تفجرت دماء الشهداء في قطاع غزة كأنهار بفعل الأيادي الاسرائيلية الآثمة إذ وصل عدد الشهداء حتي كتابة هذه السطور إلي2000 شهيد وسط ترقب لما هو أسوأ.. ولكن ان فعلت اسرائيل ذلك فلا غرابة فذلك هو دأبها وتلك هي بضاعتها وسجل الشهداء الفلسطينيين شاهد علي ذلك وتاريخهم لا يعدو أن يكون سوي سلسلة من المذابح والمجازر التي لاتنتهي ولا تنقطع إن ذلك الدم الفلسطيني هو دم الأغيار وهو لاحرمة له وفقا للعقيدة الصهيونية بل هو حلال ويعد ذلك من تمام ايمان اليهودي ان مافعلته ليفني لايختلف عما فعلته استر أو هدسة في عهد أحشويرس الملك الفارسي عندما احتالت عليه وتمكنت من ختم مجموعة من القرارات التي توصي بقتل كل من هم ضد اليهود وتمكينهم من المناصب العليا ونهب أموال المدن والمقاطعات في مملكة فارس وكان ذلك بناء علي توصية من خالها مردخاي.. ان مافعلوه بالفلسطينيين في غزة لايختلف عما فعله شمعون ولاوي أبناء سيدنا يعقوب عندما أتيا علي مدينة شكيم وقتلا كل أهلها وهم متوجعين ونهبا المدينة كما جاء بسفر التكوين الاصحاح(34) وعدد(25) ومافعلوه بغزة سبق وان فعله يشوع بن نون في مدينة عادي وأريجا وحرمها بحد السيف أطفالها مع نسائها مع شيوخها مع بهائمها وهو أول من وضع سياسة التحريم بحد السيف.. أن ماحدث سيحدث وسيظل كذلك طالما بقي الحال علي ماهو عليه ولكن مايبعث علي الامتعاض هو أن يترك البعض هذه المأساة ويبدأ في المزايدة علي دور مصر ويلقي بالاتهامات شمالا ويمينا ويلقي باللوم والتبعة علي الآخرين وهو مالم ولن يغل يد اسرائيل عن سفك دماء الفلسطينيين.. لقد تركوا القضية الأساسية وراحوا يزايدون علي دور مصر ويحملونها تبعة مايحدث ونسوا أين هم مما يحدث؟ وماذا قدموا.. فمصر لم تتخل يوما من الأيام عن القضية الفلسطينية وتاريخها شاهد علي ذلك وقد تحملت الكثير ولم تكل أو تمل وبذلت النفيس والغالي ولم تغلق قلبها أو أبوابها في وجه الفلسطينيين ولم تبخل بأي جهد مادي أو دبلوماسي أين كان هؤلاء المزايدون يوم خاضت مصر أربع حروب مع إسرائيل لقد أدركت مصر منذ البداية أن قضية فلسطين هي قضية كل العرب وأن أمن مصر القومي لاينفصل عن القضية الفلسطينية.. ان مأساة غزة لها أطراف عديدة وليست اسرائيل سوي واحد منها حتي وإن كانت الطرف الرئيسي وكذلك الموقف العربي الذي لم يتجاوز رد فعله سوي الشجب والادانة والالتفاف علي دور مصر ودورها الاقليمي ومع ذلك لن تنفصل مصر عن الشعب الفلسطيني يوما.. ولكن الطرف المهم في تلك المأساة بعد اسرائيل هو القيادات الفلسطينية( فتح وحماس) اللذان اعطيا الفرصة لاسرائيل ومهدا الأجواء لها وجعلاها تطيل أطناب الحصار وتعجل بالقتل والدمار وذلك بانخراطهم في ذلك الصراع الشاذ والغريب علي السلطة السياسية وتوزيع الحقائب الوزارية وراح كل منهما يحرق مقار الآخر ويقتل أفراده ويسحلهم في الشوارع علي مرأي ومسمع من العالم ودارت بينهما معارك ضارية انتهت بما يعرف بالانقلاب الحماسي واستقلال حماس بغزة وتم فصلها عن الصفة الغربية وراح كل منهما يتشدد في تمسكه بمطالبه وأحقيته في الحكم وتركوا الشعب الفلسطيني نهبا للجوع والضياع تحت ذلك الحصار المرير للقطاع وراحت حماس تتهم فتح بأنها عميلة اسرائيل في الوقت الذي اتخذت فيه فتح موقفا من كل من يلتقي بأحد قادة حماس في محاولة لتهدئة الأجواء ورأب الصدع وكيف أن أبومازن راح يشكو السيد عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية لالتقائه بهنية وقد رأي أن في ذلك نوع من الدعم والتأييد غير المباشر لحماس ومنحها قدرا من الشرعية والمصداقية علي حساب فتح وبذلك قد أوصدا الباب أمام أي محاولة للمصالحة بينهما وأصبح التوفيق بينهما مستحيلا لقد تمسكا بموقفهما وتخليهما عن الشعب وبذلك فقدت حماس شرعيتها السياسية لأنها لم تحافظ علي ذلك الشعب الذي اختارها وفي ذات الوقت فقدت فتح جزءا كبيرا من تمثيلها التاريخي للشعب الفلسطيني وبالتالي فقدت الكثير من شرعيتها السياسية التاريخية وقد أثبت كل منهما أنهما لم يستطيعا أن يملآ الفراغ السياسي الذي تركه كل من عرفات والشيخ ياسين.. لقد كانت مذبحة غزة نتيجة متوقعة لمعطيات ذلك الوضع المهترئ وفي محاولة لمداراة فشلهما قد حاولا تصدير القضية إلي مصر بل والأكثر من هذا وذاك هو القضاء التام علي القضية الفلسطينية التي فيما يبدو أن اسرائيل تسعي لأن تنهبه من خلال التصفية الجسدية كمال هو حادث في غزة وأيضا الجغرافية بالدفع بالفلسطينيين من خلال تضييق الحصار عليهما باغلاق المعابر المفتوحة عليها باتجاه مصرالتي سيظل دورها واضحا وضوح الشمس في عز النهار.. أن نقطة البداية في إنهاء مأساة غزة التي هي مأساة الأمة العربية كلها تبدأ من المصارحة والمكاشفة ورأب الصدع الداخلي والتخلي عن الأطماع الشخصية والأمجاد الزائفة والبعد عن العنتريات ومنطق الطبلة والربابة التي ماقتلت ذبابة ولك الله يافلسطين.