تمتعت تايلاند أو "أرض الابتسامات" برواجا سياحيا هائلا خلال الاعوام القليلة الماضية ونجحت في اجتذاب عدد كبير من السائحين خاصة العرب لتميزها بالسياحة الرخيصة، الا ان حالها تبدل وسط ضغوط انزلاق اقتصادها الى براثن الكساد وجاء اغلاق مطار بانكوك اثر خلافات سياسية لينهي عاما من الانباء الاقتصادية السيئة للدولة الآسيوية. وتصف فورنيسير مانوهارن رئيسة هيئة السياحة في تايلاند اغلاق مطار سوفارنابومي بأقوى صفعة واجهتها البلاد منذ ان بدأت في الترويج للسياحة قبل 48 عاما، مؤكده ان اغلاق المطار تتضاءل بجواره اثار أمواج المد عام 2004 وانشار مرض سارز على السياحة. وتم اغلاق المطار من جانب محتجين مناهضين للحكومة قبل شهر، وقدرت الحكومة خسائر اغلاق المطار -الذي تكلف انشائه 4 مليارات دولار - لمدة 8 أيام فقط بالغاء مليون أجنبي لحجوزاتهم في تايلاند. وأدى ذلك الى تراجع توقعات تدفق السائحين خلال ديسمبر/ كانون الاول 2008 الملقب بشهر العطلات الى نحو 500 الف أي ثلث ما كان متوقعا من قبل، وبذلك تشهد تايلاند أسوأ تراجع للسياحة في عشرات السنين. وبذلك يصبح هدف الهيئة في جذب 15.5 مليون سائح في عام 2008 بكامله و16 مليون في عام 2009 أمر بعيد المنال. وتراجعت نسبة الاشغال في فنادق بانكوك الى 25% وهي نسبة بعيدة تماما عن معدل 70% المعتادة في شهر ديسمبر من كل عام، مما اضطر الادارات الى اغلاق أدوار بكاملها وتسريح العاملين بعقود من الخارج ومطالبة طاقم العمل بأخذ عطلات غير مدفوعة الاجر. يذكر، أن 1.8 مليون شخص من سكان تايلاند يعملون في السياحة بشكل مباشر، وتمثل 6% من حجم الاقتصاد في الدولة التي تطلق على نفسها "أرض الابتسامات". وحتى اذا كان قطاع السياحة تجنب تسريح أعداد كبيرة من العمالة كما حدث في المصانع الا ان اعادة القطاع الى مساره الطبيعي يمثل مشكلة أخرى بالنسبة لرئيس الوزراء الجديد ابهيسيت فيجاجيفا. وفي ذروة أزمة اغلاق المطار ترددت شائعات عن أن احد الفنادق الفاخرة لم يكن لديه سوى نزيل واحد. ومن جانبه، قال واين باكينجهام المدير العام في فندق رويال اوركيد شيراتون - المحتوي على 740 غرفة- على ضفة نهر تشاو برايا في بانكوك، انه الفندق يشهد انى نسبة اشغال في تاريخه. وكانت سياحة المؤتمرات الاكثر تضررا لكونها أكثر مرونة من الافراد لتحذيرات السفر التي اصدرت اثناء اغلاق المطار الذي جاء تتويجا لشهور من المواجهات السياسية التي اتسمت بالعنف في بعض الأحيان. وتوقع باكينجهام ان يعبر سكان آسيا الازمة حيث سبق ومروا بظروف صعبة من قبل ونجحوا في اجتيازها، الا انه اكد ان الامر سيتطلب وقتا اطول خلال الازمة الراهنة وتوقع ان تعود الأمور الى طبيعتها بعد ما بين 12 و18 شهرا. وكان التباطؤ الاقتصادي العالمي واغلاق مطارات بانكوك قد دفعا العديد من الاقتصاديين للمقارنة بما حدث في الازمة المالية الاسيوية في عامي 1997-1998 عندما انكمش اقتصاد تايلاند بنسبة 10.5%. واذا بدأ رئيس الوزراء الذي درس الاقتصاد في جامعة أوكسفورد توجيه أموال المحليات الى السياحة في بانكوك أو الجنوب حيث توجد أفضل الشواطيء وأقوى تأييد لحزبه الديمقراطي فانه يغامر بابعاد الناخبين بدرجة أكبر في شمال وشمال شرق البلاد حيث يتركز التأييد للزعيم المخلوع تاكسين شيناواترا. وفي ظل تلك الاوضاع تتصاعد المطالبة بتدخل الحكومة حيث ان تراجع عدد السياح له عوقب أبعد بكثير من افتقار العاملين في الفنادق للاكراميات ووقوف المرشدين السياحيين دون عمل خارج القصر الكبير في بانكوك. فتراجع السياحة يضر سائقي السيارات الاجرة وباعة الهدايا التذكارية والاحجار والاف من العاملين في قطاع الخدمات من الخياطين الذين يخيطون الحُلل على جانب الطريق الى جودي. وقال الخياط توم كاسي من تشيناي في الهند الذي صحا من نومه على اريكة في متجره ليخدم أول زبون له انه يعمل منذ 16 عاما وهذه هي المرة الاولى التي يشهد فيها تراجع الاعمال بهذا الشكل. والوحيدون الذين مازالوا قادرين على الابتسام هم الزوار الاجانب الذين قرروا المجيء غير عابئين بالتوترات السياسية والذين يجدون أنفسهم الان يحصلون على أفضل خدمة ويشاهدون المزارات دون زحام. وهو ما عبر عنه مايكل جود وهو رجل أعمال من لندن، قائلا "مخاوفنا من أزمة الائتمان واغلاق المطار تبددت مع هدوء المكان، فكل شىء على ما يرام وكل المزارات كانت شبه خالية وحصلنا على مرشد خاص واضحت الرحلة اكثر مما حلمنا بها". وفي منحى آخر، ومع تأثر الاقتصاد المعتمد على التصدير بالفعل بالتباطؤ الاقتصادي العالمي يعتقد العديد من المحللين ان احتجاجات التحالف الشعبي من أجل الديمقراطية في المطار قد تكون هي العامل الحاسم في دخول تايلاند في حالة من الكساد. ومن جانبه، كشف رئيس وزراء تايلاند ابهيسيت فيجاجيفا عن رفع الحكومة قيمة خطتها للتحفيز الاقتصادي إلى 300 مليار بات (8.6 مليار دولار) في اطار سعيها لدعم اقتصادها الذي يوشك على الدخول في حالة كساد. ولفت الى ان المخصصات تأتي من زيادات اضافية على الميزانية وقروض من بنوك حكومية لدعم اسعار السلع واعادة تخصيص أموال لم تنفق لدى الحكومات المحلية. وافادت بيانات حكومية خلال الاسبوع الثالث من ديسمبر 2008، بان الحكومة كانت تخطط لانفاق 200 مليار بات في أوائل 2009 لدعم الاقتصاد الذي توقعت أن ينمو بحد أقصى 2% مقابل 3% خلال 2008. (رويترز)