في الأسبوع الحالي تضج هذه المستوطنة القطبية القصية، التي تعتبر نفسها مدينة في أقصى شمال العالم بالدهشة والآمال. ولا يعود السبب الى رؤية دب قطبي في الوادي المجاور الأسبوع الماضي (وقيل إنه في وضع جيد من ناحية التغذية وقرر المسؤولون تركه متجها نحو الساحل بدلا من اطلاق النار عليه كشيء يتعلق بالأمن العام). وينتظر سكان لونجييرباين البالغ عددهم ألفي شخص يعيشون على جزيرة تبعد مسافة 600 ميل عن القطب الشمالي، زائرا آخر بلهفة، يتوقع وصوله قريبا جدا. وبتجربتهم يعلمون ان هذا الضيف سيدفئ الهواء ويجعل الوان المدينة نابضة بالحياة، حيث الثلج الأبيض، والمياه العميقة الزرقة، والألوان الحمراء والصفراء والخضراء لخشب البيوت والبنوك والمطاعم والمدارس ودائرة البريد. وفي الثامن من مارس ستشرق الشمس ثانية في لونغييرباين، وهي المرة الأولى منذ أكتوبر وبينما ينظر الناس في معظم أنحاء العالم الى الضوء والظلال كشيء مسلم به جدلا، فإن أفق ضوء الشمس بالنسبة لسكان هذه المدينة بعد أشهر من الظلمة الدائمة، يعتبر أمرا في غاية الأهمية. وكان ايلكه مورغنر وأليسون بيلي، الطالبان المتخرجان من معهد الأبحاث هنا، ينطلقان عبر ستة أميال من الجليد ارج لونغييرباين في الأسبوع الحالي لأخذ قياسات من السهل الجرد عندما شاهدا قمة فضية من ضوء الشمس حول جبل. وعلى الرغم من أن درجة الحرارة كانت اربعا تحت الصفر (تصبح اربعين تحت الصفر مع صقيع الريح) فقد وضعا ادواتهما وراحا يحدقان. وبينما كانا يعملان راح الضوء يكبر ليملأ جزءا كبيرا من الوادي وفي طريق عودتهما الى البيت قاما برسم خط مستقيم للضوء بعربتهما الثلجية. وكانت هناك بين جبلين: الشمس وهتفا معا «انظر الى ذلك!». وتعانق الباحثان وراحا يقفزان وسط الثلوج ثم توقفا مندهشين من دون حراك. وعند عودتهما الى المدينة قدما تقارير حول الظاهرة الشمسية فتوجه طلاب آخرون بعرباتهم الثلجية لتدقيق الأمر. وتساءل احد الطلاب «كيف كان الأمر يبدو؟»، بينما راح آخرون يتجمعون حول عائد ينفض ملابسه الخارجية في قاعة انتظار المعهد، الذي يحمل اسم الدراسات الجامعية في سفالبارد، على اسم الجزيرة قال «شيء جميل ومتألق». ولونجييرباين، وهي في الأصل مدينة مناجم للفحم بالنسبة للأميركيين الذين أسسوها قبل قرن، تعيش في ظلام كامل من أواسط نوفمبر حتى يناير . وخلال النصف الأول من نوفمبر وفي فبراير عندما تكون الشمس تحت الأفق، فان النهار يكون فيه ضوء غير مباشر. ولكن الآن ومع ارتفاع الشمس بشكل أقرب إلى الأفق أصبح النهار يزداد طولا كل يوم بعشرين دقيقة من اليوم السابق، وأكثر إشراقا. وفي يوم السبت المقبل سيصل ضوء الشمس المباشر مع الظلال والدفء مع فجر حقيقي. وبعد ذلك سيستمتع المقيمون لعدة أسابيع بالتبدل ما بين الضوء والظلمة التي هي عادية في مناطق أخرى. وفي نهاية مارس سيتم التحول كليا: من أبريل وحتى نهاية سبتمبر سيكون هناك نهار دائم في هذه البلدة التي هي الآن تضم جامعة وفيها خدمات سياحية مزدهرة إضافة إلى عمال المناجم. ويمكن القول إن قدوم النهار أشبه بالولادة السنوية للحيوانات التي تمر بمرحلة سبات وإذا كان البشر لا يسبتون فإن المقيمين يقولون إنهم يشعرون بالتعب خلال الشتاء المظلم وعادة يقيل الطلبة الجامعيون على مكاتبهم. والآن مع عودة الحياة مرة أخرى تنام انغر ماري هغفيك، التي عملت في المطار لخمسة عشر عاما، أقل مما كانت تفعله في فصل الشتاء بساعتين إلى ثلاث. «إنه أمر رائع. كل شيء أصبح أكثر سهولة» وللاحتفال بقدوم الشمس ينظم مكتبها احتفالا فوق جبل في عطلة نهاية هذا الأسبوع. ويوم الجمعة قام عدد من الأطفال الموجودين في روضة رويال كندرغارتن بالرسم وقطع أوراق في شكل شموس ويضعونها على النوافذ. وتعلموا أغنية لمهرجان سيشاركون فيها الأسبوع المقبل. وتقول الاغنية: «الشمس جيدة الشمس عظيمة. الشمس دافئة إنها تسمِّر الجسد. الشمس تشرق كل صباح علي». فجأة سيبدأ الناس بسياقة سياراتهم ودراجاتهم تحت الضوء بدلا من الظلمة كذلك يمكنهم مشاهدة أطفالهم حينما يركضون أمامهم. ويمكنهم أن يتسلقوا الجبال الجليدية. كذلك تعني عودة الشمس عودة الدفء لهذه الأرض المثلجة على الرغم من أن ذلك المبدأ هو نسبي. فدرجة الحرارة في الصيف لا تزيد على 5 درجات دمئوية، وأعلى درجة سجلت كانت 21 مئوية. لكن بالنسبة للعديد من المقيمين لفترة طويلة هنا فإن فترات العتمة تمنح الفرصة للتأمل وقالت بريجيت بكن، التي انتقلت إلى هنا كي تعمل ممرضة منذ 30 سنة والآن هي تعمل في بوتيك بدأ يستقبل أول السياح: «الشتاء جميل، إذ لديك كل هذه الأمور التي تريد أن تعملها فأنت تكتب رسائل طويلة بدلا من مكالمات سريعة. إنه وقت تقل فيه نشاطك وتقرأ فيه كثيرا». والآن على تلك المشاريع غير المنتهية أن تنتظر حتى السنة المقبلة وقالت: «فجأة نحن في أواخر فبراير، ثم تعود الشمس فتجد نفسك مشغولا مرة أخرى».