الاهرام 20/12/2008 مشعل يريد نيتانياهو.. وحماس تريد الليكود, والطريق إلي ذلك هو إنهاء التهدئة وعدم استمرارها وفتح الباب للتصعيد الأمني مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية فلا يجد المواطن الإسرائيلي سوي الارتماء في أحضان الليكود والتطرف اليميني.. ومن ثم يأتي المعادون للسلام إلي حكم إسرائيل فيعلو صوت التطرف أكثر وأكثر, فتتمكن حماس في المقابل أكثر وأكثر.. وتستمر في ضمان السيطرة علي قطاع غزة وتهيئة المناخ أمام امتداد سيطرتها علي بقية المقدرات والأوضاع الفلسطينية. ليس مهما ولا ضروريا في معادلة من هذا النوع معاناة الشعب الفلسطيني.. ليس مهما زيادة ومضاعفة المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها أهالي غزة.. يمكن التضحية بمصائرهم. المصالح الوطنية الفلسطينية العليا ليست أعز ممن يعانون.. المهم فقط, وما لا يقبل التضحية هو مصالح حماس.. حكم حماس.. سيطرة حماس.. تحقيق حلم حماس في الهيمنة. هذا الحلم الذي عبر عنه ونطق به صراحة خالد مشعل.. قبل سنوات قليلة( مارس2005) جاء إلي مصر.. وزار الأهرام للمرة الأولي في حياته.. قال بوضوح إنه كما مكنت مصر حركة فتح من قيادة الشعب الفلسطيني في سنوات الستينيات, فان عليها الآن أن تمكن حركة حماس من هذه القيادة. ليس من شأن مصر أن تفرض علي شعب وأخوة وأهل.. قيادة أو شخصا.. أو طرفا أو حركة.. ليس من شأن مصر أن تخالف قواعد شرعية. مصر ليست بوابة لقيادة الناس بالغصب.. ليست طريقا لاهدار الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية.. مصر تنصر قضية وليس منظمة أو فصيلا.. مصر لا تقدم ولا تساعد في تقديم دم الفلسطيني ومصالحه في مزاد الانتخابات الإسرائيلية من أجل تحقيق مصلحة فصيل.. حماس تريد القيادة والحكم بأي ثمن.. ومصر تريد نصرة القضية بكل ثمن, ولهذا السبب تهاجم حماس مصر مستعينة حلفائها الفرس وبعض العرب والإخوان وبعض أصحاب الاتجاهات القومية والناصرية. لا يوجد أكثر من قضايا التهدئة والحوار الوطني والانتخابات وأزمة الحجاج دليلا علي أننا إزاء حركة تغلب مصالحها الفئوية والفصائلية علي المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا. لقد بذلت مصر ومازالت قصاري جهدها من أجل رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وإقرار التهدئة والعمل علي تثبيتها والحيلولة دون قيام إسرائيل بتنفيذ عملية عسكرية ضد قطاع غزة تزيد من معاناة الفلسطينيين خاصة أن التهدئة تعد مصلحة لجميع الأطراف. منذ سريان التهدئة يوم2008/6/19 حرصت مصر علي التدخل بصورة شبه يومية لدي جميع الأطراف من أجل تثبيت هذه التهدئة وعدم انهيارها, وحث الجانب الإسرائيلي باستمرار علي فتح معابر القطاع وتوفير الاحتياجات الأساسية لمواطني غزة انطلاقا من دور مصر الريادي تجاه القضية الفلسطينية وسعيها الدءوب لرفع المعاناة عن الفلسطينيين. قامت مصر أيضا بفتح معبر رفح البري علي مسئوليتها عشرات المرات خلال الفترة الماضية خاصة منذ سريان التهدئة للسماح بعبور الفلسطينيين في كلا الاتجاهين لاسيما الحالات المرضية والإنسانية والطلبة والعالقين علي الرغم من عدم توقيع مصر علي اتفاقية المعابر المبرمة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.. فماذا كان تصرف حماس في المقابل؟ أخذت حماس تتعمد إحداث انتهاكات للتهدئة رغم ما تشيعه من أن إطلاقها للصواريخ علي البلدات الإسرائيلية يأتي للرد علي الانتهاكات الإسرائيلية ذاتها. يشير الواقع المرير إلي عدم إعفاء حماس أيضا من مسئولية تصعيد الموقف الأمني, وبما يؤدي إلي تعظيم المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها أهالي غزة وذلك من خلال غض حماس الطرف والبصر عن مطلقي هذه الصواريخ في محاولة للضغط علي حكومة تل أبيب للقبول بتمديد التهدئة وفقا لرؤية حماس, دون الأخذ في الاعتبار مصالح ومعاناة الشعب الفلسطيني من جراء العمليات الإسرائيلية المضادة وقيام إسرائيل باغلاق المعابر والحصار الاقتصادي للقطاع وتقليص شحنات الوقود.. ومع ذلك كان لمصر دائما موقفها الايجابي في دفع إسرائيل للتراجع عن هذه الاجراءات وهو ما لم يلق سوي الجحود والنكران من مسئولي حركة حماس. تغليب حماس مصالحها الخاصة علي المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا, يتضح بجلاء أيضا من خلال إحجامها عن المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني بالقاهرة, متعللة في ذلك بذرائع وحجج غير منطقية, وأخري شكلية, بما يتسق في الواقع مع تنفيذ أجندتها الخاصة, وأجندات أخري إقليمية. الانتهازية جزء رئيسي من أسلوب التحركات السياسية لحماس, وهو ما يتضح من خلال مناورتها بابداء إيحائها للانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية, ولكن طبقا لشروطها الخاصة فضلا عن تمسكها فعليا بالسلطة علي أثر حركتها الانقلابية علي السلطة الشرعية, وعدم استعدادها علي الاطلاق للتخلي عنها أيا كانت الجهود المبذولة لرأب الصدع الفلسطيني.. وأيا كانت النتائج المدمرة للشعب وقضيته العادلة. لقد دعا الرئيس الفلسطيني أبومازن إلي إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية العام المقبل في خطوة تؤكد نهجه الديمقراطي وعدم تفرده بالسلطة كما أبدي حرصه علي نزاهة الانتخابات من خلال دعوته لمشاركة واشراف جهات عربية ودولية عليها بما يتفق مع مسئولياته كرئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية وإيمانه بضرورة إنهاء هذه الأزمة, فضلا عما أبداه من استعداد مع غالبية الفصائل الفلسطينية لمناقشة موضوع الانتخابات كإحدي القضايا الرئيسية التي كان سيتم الاتفاق عليها خلال اجتماع الحوار الوطني الفلسطيني الذي كان مزمعا عقده بالقاهرة وتم تأجيله بسبب تعنت حماس بالأساس. وعلي الرغم مما تمثله دعوة أبومازن من حل ديمقراطي للأزمة إلا أن حركة حماس تسعي لتسييس موضوع الاستحقاق الرئاسي في محاولة للضغط علي شخص أبومازن لدفعه لتقديم أكبر قدر من التنازلات لصالحها. لا عجب في أن الحركة التي قدمت الوقوف في صفها علي الوقوف بعرفة, يمكنها أيضا أن تهدر مصالح وطن بأكمله من أجل عيون مصلحتها الخاصة فتوحد هذه المصلحة بالحرص علي الانقسام وإفشال أي حل للأزمة حتي ولو كانت الانتخابات هي الحل. حماس كما تمنع الوحدة والمصالحة منعت حجاج غزة من العبور عبر منفذ رفح بعد أن قامت مصر بفتحه علي مصراعيه أمام أي حاج فلسطيني يرغب في التوجه للحج هذا العام, وكما في كل قضية طرحت حماس مجموعة من المبررات الواهية التي لا تنطلي دوافعها علي أحد مع توجيه بذاءات وتصريحات غير مسئولة لا ترقي إلي مستوي التعامل من خلال ادعاءاتها الكاذبة بتحميل مسئولية هذه الإعاقة لقوي وأطراف إقليمية لها تاريخها الناصع في التضامن الصادق والأمين لصالح دعم القضية والشعب الفلسطيني. حماس إثم لا يرضي الله عنه.. مادامت تمنع الحج.. لا لشيء سوي أنها لا تريد التعامل مع السلطة الفلسطينية الشرعية بقيادة أبومازن والتي تعد المسئولة عن تنظيم جميع ما يرتبط بشئون الحج من جوازات وإجراء القرعة وتسهيل الحصول علي التأشيرات. حماس إثم لا يرضي الشعب عنه.. مادامت تريد الليكود ليعذب الفلسطينيين اكثر مما هم يعذبون لتبقي هي, حتي لو ذهب الشعب وقضيته إلي الجحيم.