لم يعد لقب رئيس أمريكي سابق يحمل خسائر لصاحبه ، بل إن ملايين الدولارات تلاحقه أينما ذهب، الأمر الذي يجعل البيت الأبيض بيضة من ذهب لمن يقطن بداخله . وفي هذا السياق يقول الان ليتشمان أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية فى واشنطن إن الرؤساء المتقاعدين فى العصر الحديث أصبحوا يتكسبون جيدا بعد أن تنتهى أيامهم فى البيت الأبيض. ويبرز إلقاء المحاضرات الدولية فى الجامعات والمعاهد المتخصصة والمحافل الرسمية كمصدر يمكن أن يدر على صاحب لقب "الرئيس السابق"دخلا يقدر بآلاف الدولارات أو ربما الملايين. 50 مليون دولار لكلينتون ويبدو أن الرئيس السابق بيل كلينتون (الذى حكم من 1993 إلى 2001)وجد سبيلا أو أكثر للتربح بعد مغادرة المنصب,فنجح فى جمع أكثر من 50 مليون دولار من إلقاء المحاضرات فقط. وتقف أعمال ومصالح الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون عقبة فى طريق تولى قرينته هيلارى وزارة الخارجية فى الإدارة القادمة للرئيس المنتخب باراك أوباما,مما يثير التساؤل عن نوع الأعمال والأنشطة التى يمكن للرؤساء الأمريكيين السابقين القيام بها بعد مغادرة البيت الأبيض. وكانت مصادر مقربة من الرئيس الامريكى السابق بيل كلينتون قد صرحت بإن كلينتون وافق على جميع الشروط التي وضعها فريق نقل السلطة لإدارة الرئيس المنتخب باراك أوباما,لإزالة إحتمالات التضارب فى المصالح, حال تعيين زوجته هيلارى كلينتون وزيرة للخارجية. وقد عرض كلينتون إخضاع نشاطاته للتدقيق من أجل التحقق من مراعاتها الأصول الأخلاقية والكشف عن مقدمى الأموال لمؤسسته,في حال عينت زوجته هيلارى وزيرة للخارجية. وبموجب مسودة اتفاق,فإن كلينتون وافق على إعلان أسماء جميع المانحين الجدد الذين سيقدمون أموالا لمؤسسته,وكذلك أسماء جميع المانحين الكبار فى الماضى. وتجري محادثات منذ الاثنين الماضى بين مستشارى الرئيس المنتخب باراك أوباما والرئيس السابق فى محاولة لمعالجة المخاوف من إمكانية حدوث تضارب في المصالح,فى حال إسناد حقيبة الخارجية في الإدارة الأمريكية المقبلة إلى هيلارى كلينتون.وقد إلتقى أوباما السيدة الأولى السابقة الأسبوع الماضى في شيكاغو,ولم ينف أى منهما,فيما بعد التكهنات المتزايدة التي تسرى بشأن إختيارها وزيرة للخارجية. ريجان ربح 100 الف دولار فقط وقد استطاع الرئيس الأمريكى الراحل رونالد ريجان (1981-1989)استثمار لقب "رئيس سابق"لجمع مليونى دولار من إلقاء المحاضرات والخطب خلال رحلة لليابان,فيما لم يجن جورج بوش الأب (1989-93)سوى 100 ألف دولار من إلقاء المحاضرات. ويعلق ليتشمان على شغف الجامعات والمؤسسات والمعاهد بالتعاقد مع الرؤساء الأمريكيين السابقين لإلقاء محاضرات فى شتى المجالات بالقول "تحتاج إلى شخص يستطيع جذب الحشود ويحظى باحترام ويمكن أن يمثل قدوة,ولا يوجد أفضل من رئيس سابق لأقوى دولة فى العالم ليمثل ذلك " وربما تشير هذه الأرقام إلى أن الرئيس الأمريكى الأسبق فرانكلين بيرس (1853-1857 لم يكن مصيبا عندما تساءل ذات مرة "بعد ترك البيت الأبيض ماذا هناك سوى شرب الخمر". ويؤكد ليتشمان أن هناك هوة كبيرة بين رؤساء هذا العصر والرؤساء الأمريكيين فى الماضى,مستشهدا بالرئيس الأمريكى الأسبق توماس جيفرسون (1801 -1809)الذى اضطر لبيع مذكراته إلى الحكومة للحصول على المال,وهى المذكرات التى أصبحت نواة مكتبة الكونجرس. أما الرئيس الأمريكى هارى ترومان (1945 -1953)فقد اضطر للحصول على قرض للوفاء بالالتزامات الضرورية والأعباء الحياتية,مما شكل الدافع وراء قرار الكونجرس بتخصيص معاش للرؤساء المتقاعدين. ومنذ ذلك الحين,بدأ الرؤساء الأمريكيون المتقاعدون فى النظر للمستقبل بعين أخرى,فاستطاع ريتشارد نيكسون (1969 -1974)الحصول على 600 ألف دولار من مقابلاته التلفزيونية التى نالت شهرة كبيرة. وربما تحمل الأشهر القليلة القادمة أنباء عن حصول الرئيس جورج بوش الابن على مبلغ ضخم نظير كتابة مذكراته التى أعلن اعتزامه نشرها بهدف تعريف المواطنين الأمريكيين باللحظات الحاسمة التى اتخذ خلالها أهم القرارات فى فترة عصيبة من تاريخ أمريكا هى فترة حكمه التى بدأت فى 2001 وستنتهى فى يناير 2009 وشهدت أحداث 11 سبتمبر وحربى العراق وأفغانستان. (أ ش أ)