استغراب .. ورغبة! أبرز القضايا هل بتنا نعيش في زمن يقبل الفرد فيه على نفسه ان يوصم بالجنون لتحقيق مصلحة شخصية او الهرب من عقوبة قانونية مؤكدة؟ وهل باتت السمعة الحسنة بين الناس التي كانت رأسمال الانسان مجرد سلعة رخيصة يمكن الاستغناء عنها مقابل مكاسب افضل؟ وهل صار العقل الذي كان زينة المخلوق دليل ادانة يجب التخلص منه؟ لماذا نطرح هذه التساؤلات وغيرها؟ ببساطة، لان عدد حاملي الكارت الطبي الصادر عن مستشفى الطب النفسي في الكويت وصل الى قرابة 52 الف مراجع وفق آخر احصاء رسمي صادر عن المستشفى في اواخر العام الماضي، وهو ما يعادل نسبة 5% من عدد المواطنين في البلاد! هذه النسبة المرتفعة، اثارت لدينا ولدى العديد من القراء عدة استفسارات حول ماهية منح هذا الكارت والشروط التي يعطى على اساسها، حيث اوحت بوجود خلل في هذا الجانب. ويكشف ملف «القبس» بهذا الخصوص اليوم عن اعتقاد متفش جدا بين الناس حول قدرة حاملي هذا الكرت على تجاوز القانون ومخالفته من دون ان تطالهم العقوبات، ما يثير مخاوفهم لا سيما وسط ارتفاع النسبة كما ذكرنا. وفي الوقت الذي كشف فيه الرأي القانوني عن امكانية عدم محاكمة المختل عقليا عن بعض ما يرتكبه من جرائم او مخالفات، اوضح كذلك ان المسألة ليست بالصورة التي يتصورها الكثيرون، فالمعفيون عددهم وحالاتهم محدودة، وغالباً ما يكون مكانهم مستشفى الطب النفسي وليس بين الناس. اما الزيارة الميدانية لمستشفى الطب النفسي، فقد كشفت ل«القبس» عن مدى سوء الادارة والتسبب الموجودين في هذا المرفق الحيوي، ولا ابسط مثال على ذلك من تجوالنا لمدة ساعة كاملة بين اروقته ومع مرضاه من دون ان يسألنا احد من انتم او ماذا تريدون؟ فضلا عن سهولة الحصول على ملفات المراجعين المرمية على الارض او المعتمدة على العمالة الآسيوية في نقلها، والاخطر من ذلك كله ترك باب الصيدلية مفتوحاً دون وجود احد في الداخل، وهي كلها امور مسيئة رصدتها عدستنا وننشرها للقارئ من باب الامانة المهنية. نعم، المبنى جديد ولم يمض على افتتاحه اكثر من عام، لكن الاوضاع القديمة والخطيرة، ما زالت قائمة، بل يرى الكثيرون انها تفاقمت، فهل من جرأة على تصحيحها؟ استغراب .. ورغبة! في الوقت الذي أبدى فيه كثيرون من المواطنين استغرابهم من موافقة شخص على أن يوصف بالجنون لأي سبب كان، أبدت نسبة كبيرة رغبتها في الحصول على كرت الطب النفسي للتملص من بعض الالتزامات! أبرز القضايا برزت خلال السنوات الأخيرة عدة قضايا شغلت الرأي العام وأحيل المتهمون بها الى الطب النفسي لمعرفة مدى سلامة عقولهم، من بينها وحش حولي وأسود الجزيرة وابن الأسرة المتهم بتجارة المخدرات وقاتل ابنائه في الصليبية وغيرهم.