تدافعت الأسئلة على الساحة السياسية أمس حول أسباب إعلان النائب أحمد المليفي توجيه استجوابه إلى سمو رئيس مجلس الوزراء في السادس من شهر نوفمبر المقبل. وهو أمر لم تدرج عليه الساحة البرلمانية من قبل إذ كان تقديم الاستجواب هو الإعلان عنه. وكان هناك أكثر من جواب لهذا التصرف السياسي بدءاً من إعطاء فرصة للتفاوض حول الملفات العالقة فيما بينه وبين الحكومة، وأبرزها ملف التجنيس لمن لا يستحقون حسب رواية المليفي، ومعالجة الملف الرياضي، ويمكن القبول بإحالة مصروفات مكتب رئيس الوزراء إلى النيابة العامة للتحقيق فيها خاصة ان المسؤول إدارياً ومالياً عن الدواوين الثلاثة ليس رئس الوزراء، أو حتى فرصة لارتفاع وتيرة الضغط نوعاً وكما مما يعطي فرصة للتملص. ويرى بعض من تناولوا هذا السؤال وإجاباته المحتملة أمس ان هناك ملفات أخرى لا يعرفها سوى المليفي والطرف الآخر ويريد طيها قبل الانتخابات المقبلة، لأن بقاءها سيضع المليفي على «محك» لن يستطيع مواجهته فيما لو تأخر قليلاً حتى تتحرك كتلة العمل الشعبي تجاه معالجة ملف المصفاة الرابعة. وخلافاً لما حاول المليفي تسويقه حسب المتابعين على الساحة أمس من أن بعض موظفي مكتب سمو رئيس الوزراء هم الذين بدأوا في استفزازه من خلال «ميانه» على بعض الصحف بتصويره بالشخص المدعي الذي لا يملك أي أدلة، فإن القضية ليست كذلك حسب رأيهم، فالسياسي المحنك والمخضرم على شاكلة النائب المليفي لا يجر ولا يستدرج ولا يستفز بل يدرس ويتفحص الأدلة بكل مهنية وحرفية. أزمة المليفي الحقيقية كما يراها المراقبون هي الوعد والوقت عندما قطع على نفسه أمام ناخبي الدائرة الثالثة بمتابعة ملف مصروفات مكتب رئيس الوزراء والخوف من نفاد الوقت قبل أن يقوم بتحرك لتنفيذ ذلك الوعد، خاصة في ظل أجواء وملفات ساخنة أبرزها المصفاة واستجواب وزيرة التربية نورية الصبيح وملف الرياضة. ويرى المتابعون أن تحرك المليفي بتحديد موعد وليس تقديم استجواب ليس سوى سباق مع الزمن لحصر الملفات والمكاسب «التجنيس، الرياضة، مصروفات مكتب رئيس الوزراء» في ضربة واحدة تغنيه عن كل المعارك السياسية الأخرى التي لن يكون لها صدى كما في استجواب الرئيس المحمد.. أي ان ما سيعجز عنه بعصا فرعون سيحصل عليه بعصا موسى. ويبدو ان المخارج المطروحة لهذا المأزق ليست قادرة على تجاوز هذا الملف ومن بينها الدفع بسمو رئيس مجلس الوزراء إلى المنصة بهدف «بط الدمل» حسب أحد الأطراف النيابية المؤثرة في الساحة، وحتى لا يكون هناك تهديد في كل مرة على البرلمان بسبب إعلان نائب استجواب رئيس الوزراء. ويرى المراقبون في هذا الإجراء محاولة وان كانت صحيحة ظاهرياً فإنها تصب في توريط الحكومة في مأزق أكبر كما جرى في استجواب أحمد العبدالله وزير الصحة الذي تعهدت أكثر من كتلة نيابية بالوقوف معه لكنها تخاذلت بعدما رأت ورقة طرح الثقة تدور على النواب في الجلسة. ويتحدث بعض النواب عن جلسة سرية لمناقشة الاستجواب، لكن هذا الإجراء أكبر من قدرة الكتل السياسية على تحمله، وهي التي ما فتئت في كل مرة تذكر بمواقفها في حماية الدستور وعدم تفريغه من مضامينه، فكيف تأتي اليوم لتبصم على ذلك التفريغ، كما يندرج تحت هذا الأمر محاولة تأجيل الاستجواب لمدة سنة ليحكم المجلس على أداء الحكومة خلاله. ويبقى خيار ثالث أمام سمو رئيس مجلس الوزراء وهو التقدم باستقالة إلى سمو الأمير، وإعادة تشكيل الحكومة من جديد على أسس مختلفة عن الحكومات السابقة لطي أكثر من ملف أبرزها ملف المصفاة الرابعة وأزمة وزيرة التربية المستمرة منذ المجلس الماضي وتدوير بعض المواقع وإخلاء أخرى لخبرات سياسية وشبابية يمكن أن يكون أداؤها متوافقاً مع أجواء الكتل والتيارات السياسية.