يفتتح الأحد في مدينة دويسبورج الصناعية في قلب منطقة الرور أكبر مسجد في ألمانيا في جو نادر من التسامح. وفي سهول منطقة المناجم السابقة كانت المداخن المرتفعة التي تبعث الدخان الأسود الكثيف تجاور أجراس الكنائس، لكن منذ فترة قصيرة ظهرت مئذنة صغيرة يبلغ ارتفاعها 34 مترا لتجمل المنظر. والمسجد الواقع في حي ماركسلوه شمال دويسبورغ ويتسع ل1200 مصليا ومستوحى من الطراز العثماني وسيستقبل المسلمين الذي يشكل الأتراك غالبيتهم في ألمانيا. ويشبه المبنى في داخله مسجد الأزرق في إسطنبول، وقد زينت قبته التي يبلغ ارتفاعها 23 مترا بكتابات زرقاء وحمراء وذهبية، أما من الخارج فأكثر ما يلفت نظر الزائر هي النوافذ الكثيرة والكبيرة. وقالت إيلاف سات رئيسة الجمعية المكلفة النشاطات الثقافية والاجتماعية للمسجد "نحن منفتحون ونريد أن نبرهن على شفافية". وأضافت هذه السيدة التي ترتدي الحجاب وتتولى إدارة قسم الاستشارات المالية في وكالة مصرفية أن "المجتمع يحتاج إلى مثال". وإقامة هذا المكان الجديد للعبادة يبدو نموذجا للحوار" وقالت "إنني على قناعة أن الناس تخاف من الأشياء التي تجهلها". وتقوم الجالية المسلمة في الحي منذ ثماني سنوات بحملة توعية من أجل ضمان قبول هذا الجامع. وقد دعمت كنيسة "القديس بطرس" المجاورة للمسجد منذ البداية وعبر الجميع من كاثوليك وبروتستانت وجمعيات رياضية وشبابية عن آرائها في هذا المشروع الذي بلغت كلفة تنفيذه 7,5 ملايين يورو بينها ثلاثة ملايين من الدعم الذي قدمه الاتحاد الأوروبي ومنطقة رينانيا شمال فيستفاليا. وقال معظم الأطراف المحليين إن هذا الحوار هو الذي سمح بتجنب أية حركة احتجاج للسكان مثل تلك التي حدثت في كولونيا أو برلين أو ميونيخ حيث اصطدمت مشاريع لبناء مساجد بمعارضة السكان. وستلقى الخطب باللغة التركية وتخلى المسئولون عن المسجد عن الأذان. ولتعزيز أجواء التسامح أوضحت المسئولة نفسها أن المسجد يملك مكتبة كبيرة ومقهى وقاعات للندوات يتم تعليم اللغة الألمانية وتعاليم الإسلام فيها و"مفتوحة للجميع". وأيدت السلطات المحلية المشروع أيضا، وقال رئيس بلدية دويسبورج المحافظ أدولف سويرلاند "إنه مؤشر على اندماج المسلمين الذين يقولون بذلك إنهم يريدون العيش هنا وممارسة شعائر دينهم هنا". وتضم هذه المدينة العمالية أكثر من خمسين مسجدا معظمها في الباحات الخلفية للمباني أو في شقق. وأوضح سويرلاند أن "كثيرين لا يعرفون بوجودها". ويشكل حي ماركسلوه الذي أنشىء عند وصول مصانع تيسن وكروب نموذجا لتطور منطقة في طور التغيير منذ إغلاق المصانع وبعض المنشآت الصناعية الكبرى، ويشكل الأجانب أكثر من 50% من سكان المدينة، ويحمل ستة آلاف من 18 ألف نسمة في دويسبورج جواز سفر أجنبيا. والبطالة مرتفعة في هذه المدينة وتبلغ نسبتها أكثر من 12%، وقال سويرلاند إن "100% من السكان في بعض الشوارع أجانب". وسيحضر رئيس البلدية مع رئيس حكومة رينانيا شمال فيستفاليا يورجن روتجرز ومسئولون أتراك افتتاح المسجد الأحد ويتوقع أن يشارك فيه ما بين عشرة آلاف إلى 15 ألف شخص. ا ف ب