كشفت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية عن نتائج تحاليل الموجودات الأثرية التي اكتشفتها داخل كهف أم جرسان الذي تم استكشافه مؤخرا من قبل الهيئة في حرة خيبر شمال المدينةالمنورة والذي يعد من أكبر الكهوف في الوطن العربي. حيث يبلغ طوله 1500 متر، وكان يحتوي بداخله على موجودات أثرية من جماجم بشرية وعظام لحيوانات مفترسة وكتابات قد يعود تاريخها لآلاف السنين. وأوضحت الهيئة أنها قامت بجمع هذه الآثار وإرسالها إلى جامعة سيليسان للعلوم والتقنية في بولندا لتحليلها وتحديد أعمارها ونوعها، وأكدت نتائج تحليل المواد المكتشفة في الكهف أن أعمار هذه الموجودات تصل إلى 2300 سنة لبعض المواد التي كان يستخدمها البشر آنذاك مثل العصا الخشبية التي كانت تستخدم كأقواس، وبعض المواد التي كانت تستخدم للرسم والكتابة على الجدران. أما الجماجم المكتشفة داخل هذا الكهف فإن أعمارها اختلفت من جمجمة إلى أخرى حيث أظهرت نتائج الدراسة أن أعمار بعضها تصل إلى 2150 سنة، وبعض الجماجم البشرية الأخرى تتجاوز أعمارها 5400 سنة، في حين يصل عمر أقدم جمجمة مكتشفة داخل هذا الكهف إلى 6440 سنة. وكان فريق الهيئة الذي قام بدراسة الكهف قد حصل أيضا على بعض بقايا العظام لحيوان الوحش البقري الذي أثبتت نتائج التحاليل التي قامت بها جامعة سيليسيان أن عمر هذه العظام يصل إلى 4285 سنة. وأوضح رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الدكتور زهير نواب ل "الوطن" أن هذه النتائج جاءت بعد أن قامت الهيئة بإرسال عينات الآثار التي تم اكتشافها داخل هذا الكهف إلى معامل متخصصة في بولندا لتحليلها وتحديد أعمارها وأنواعها عن طريق خاصية كربون 14 للكائنات الحية، مؤكدا أن هذا الاكتشاف يأتي ضمن مشروع دراسة الكهوف والذي نفذته الهيئة منذ عام 2000 واستطاعت أن تنفذ دراسة ما يزيد على 300 كهف في مختلف مناطق المملكة، وبين أن المشروع يهدف إلى تحديد الأخطار التي قد تشكلها الكهوف على التوسع العمراني والحضاري لمختلف مناطق ومدن المملكة والمشاريع الحيوية التي تقام فيها، والاستفادة من هذه الكهوف في التعرف على التاريخ الجيولوجي للجزيرة العربية والتاريخ الطبيعي الذي تزامن مع تكوينها، وكذلك وضع التصورات الخاصة للاستفادة من هذه الكهوف في مجالات وطنية متنوعة مثل استخدامها كمخازن طبيعية استراتيجية أو كمناطق جذب سياحي تقوم على أساسها عملية تطوير للمناطق النائية من حولها. من جانبه، قال رئيس مشروع الكهوف بهيئة المساحة الجيولوجية محمود الشنطي ل "الوطن" إنه نظرا لما تتمتع به الكهوف من اختلاف أشكالها وتكويناتها الجمالية في أنحاء متفرقة من المملكة، فإنه يمكن استغلالها كمناطق سياحية مميزة نظرا لوجودها بمناطق برية جذابة، مؤكدا أن الهيئة ستعمل على إعداد مشروع متكامل يتعلق بسياحة الصحراء يتضمن سياحة الكهوف وجميع المناطق الصحراوية ذات القيم الجمالية أو العلمية. وأضاف أن الكهوف تعتبر سجلاً تفصيلياً عن المناخ والعمليات السطحية وأنواع الحيوانات والنباتات التي كانت تعيش في الماضي، إذ يكشف التحليل الكيميائي الدقيق للرواسب الكهفية معلومات حول تواجد نظائر مختلفة من الكربون والكبريت وبعض العناصر الشحيحة الأخرى التي كانت موجودة في الغلاف الجوي عندما تكونت الرواسب وتسمح بتحديد عمر تلك الرواسب. كما أن النوعين من المعلومات الكيميائية والزمنية يعطيان سجلاً للتغييرات المناخية. وبين أن دراسة العظام وبذور نبات "الطلح" و"البوغ" التي تكون عالقة في الغبار والطمي داخل الكهوف توفر معلومات حول أنواع الحيوانات والنباتات التي كانت سائدة في الماضي القريب في مناطق أصبحت حالياً صحراء. وأضاف الشنطي أن القيام بمسح الكهوف ورسم خرائط أنواع الرواسب الكهفية وتوزيعها يعطي معلومات حول ارتفاع وهبوط مستوى الماء الباطني والذي يعتبر بدوره مفتاحاً لفهم المعدلات المتغيرة لتصريف وتغذية المخزون المائي وزيادة ونقصان سقوط الأمطار.
