اثارت محادثات السلام في قبرص حربا كلامية بين السلطات الشيوعية والكنيسة الارثوذكسية النافذة التي تتهم الرئيس القبرصي ديميتريس خريستوفياس بالتفريط بمصالح القبارصة اليونانيين. وكان انتخاب خريستوفياس- مرشح الحزب الشيوعي في شباط/فبراير- رئيسا لقبرص جدد الآمال في السلام بالجزيرة المقسمة منذ 1974. ومفاوضات مباشرة بين الجانبين اليوناني والتركي في الجزيرة ستبدأ في الثالث من ايلول/سبتمبر 2008. غير ان الوجهة- التي اتخذتها المفاوضات التمهيدية- لم ترق للكنيسة الارثوذكسية النافذة جدا والمعتادة على الخوض في الشأن السياسي، وكانت منحت قبرص لدى استقلالها في 1960 اول رئيس لها كان الاسقف مكاريوس. والكنيسة تتبنى خطا متشددا، وقد شككت مؤخرا في العملية التفاوضية الى درجة الدخول في حرب كلامية مع السلطات. وقال نيكوس كاتسوريدس المتحدث باسم الحزب الشيوعي القبرصي (اكيل) "ان الكنيسة تملك الحق في التعبير عن وجهة نظرها من القضية القبرصية، غير انها ليست المؤسسة المختصة في رسم استراتيجية سياسية، وهذا الحق يعود فقط للحكومة المنتخبة من الشعب." والازمة بين الطرفين بلغت ذروتها في 19 آب/اغسطس في نيقوسيا لمناسبة المؤتمر الدولي للقبارصة (اليونانيين) في الخارج. فقد القى اسقف بافوس (جنوب غرب) جورجيوس- باسم الاسقف خريزوستوموس الثاني (الذي اعتذر عن المشاركة)- خطابا اتهم فيه بحسب ما نقلت الصحافة المحلية ضمنا الرئيس خريستوفياس بالانحياز الى مواقف الجانب القبرصي التركي، وطالبه ب"توضيحات". والرئيس القبرصي الذي كان حاضرا في المؤتمر رد بتأكيده "ان الدولة القبرصية ليس دولة ثيوقراطية (تقوم على حكم رجال الدين)، انها دولة عصرية". ورد عليه غداة ذلك اسقف بافوس على صفحات صحيفة "سايبروس ميل" الناطقة بالانجليزية بقوله ان "الدولة ليست ربما ثيوقراطية، ولكنها ايضا ليست شمولية، وللجميع الحق في تبني وجهة نظر". والكنيسة الارثوذكسية تؤكد موقفها المتشدد حيال القضية القبرصية. ففي العام 2004، انتقد الاسقف خريزوستوموس الاول الناخبين الذين ايدوا خطة الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان لتوحيد الجزيرة التي رفضت في نهاية الامر من قبل القبارصة اليونانيين، ووصفهم بانهم "غير وطنيين"، بينما قال احد الاساقفة بان مصيرهم "النار". غير ان الجانبين يبديان ميلا للتهدئة منذ الحادث الاخير. وفي الحزب الشيوعي، يجري التأكيد انه على القبارصة "الاتحاد للتوصل الى حل قابل للاستمرار في جزيرتهم" المقسمة. واضاف المتحدث باسم الحزب ان الرئيس قال انه "لن يقبل اي حل يمس بمصالح القبارصة (..)، ولن يشرف احدا ان يقدمه على انه كاذب". وتاريخيا، فان العلاقات متوترة بين اقدم حزب في الجزيرة (تأسس الحزب الشيوعي القبرصي في 1926) والكنيسة الارثوذكسية. فخلال الانتخابات الرئاسية الاخيرة، دعم الاسقف خريزوستوموس الثاني الرئيس السابق تاسوس بابادوبولوس الذي هزم من الدورة الاولى، ثم عاد ودعم اليميني يوانيس كاسوليدس في الدورة الثانية الذي هزم بدوره امام مرشح الحزب الشيوعي. وقبل الصيف، اشارت السلطات القبرصية الى الامتيازات الجبائية التي تحظى بها الكنيسة الارثوذكسية الفاحشة الثراء في قبرص، وهي احدى اكبر الكنائس تملكا للاراضي في الجزيرة، اضافة الى الفوائد المصرفية وانتاج المشروبات والفنادق او المناجم. (ا ف ب)