من المرجح أن تتجاهل السعودية اقتراح صندوق النقد الدولي بالتخلى عن ربط عملتها بالدولار رغم استمرار ارتفاع التضخم وتأخر خطط إقامة وحدة نقدية مع سائر دول الخليج العربية. وقال مسئول رفيع بالحكومة السعودية مطلع على وجهة نظر صناع السياسات إنه لم يرى أى شيء في تقرير صندوق النقد الدولي يقول إن بلاده مخطئه. وأضاف "شهدنا أسوأ ما في التضخم دون أن نضطر الى رفع قيمة عملاتنا ومن ثم فهناك جدوى اقتصادية للحفاظ على الربط بالدولار في الوقت الراهن." وأبقت الرياض على ربط الريال بالدولار حتى مع تراجع العملة الأمريكية على مدى العامين الأخيرين مما دفع معدل التضخم السعودي الى أعلى مستوياته في 30 عاما. ومع تحسن اداء الدولار تصبح مبررات التغير واهية. وفي تقرير صدرعن صندوق النقد الدولي بالأسبوع الثاني من اغسطس/اب 2008 قال فيه إن معظم مديريه يرون أن مزايا الربط تفوق تكاليفه اذا ثبت أن ضغوط التضخم الحالية مؤقتة. وأضاف التقرير"لكن اذا استمر التضخم وتأخرت الوحدة النقدية لمجلس التعاون الخليجي فقد أوصوا بالنظر في نظم بديلة لسعر الصرف." وارتفع التضخم في أنحاء الخليج أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم مع صعود تكاليف الاستيراد جراء ضعف الدولار الأمريكي. لكن كل دول مجلس التعاون الخليجي الست أبقت عملاتها مربوطة بالدولار عدا الكويت التي تخلت عنه في 2007 . وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين لدى البنك السعودي البريطاني "ساب" وهو الوحدة السعودية لبنك "اتش.اس.بي.سي" إن نخبة صناعة القرار السعودية ستتجاهل على الأرجح توصية صندوق النقد الدولي. واردف أن السعوديون لن يتخلوا عن الربط، إنها توصية أخرى لا أكثر ... فمذكرة الصندوق تضمنت نوعا من الإقرار عندما ذكرت مزايا الحفاظ على ربط العملة. وأكد أن صندوق النقد يمنح موافقة ضمنية على الموقف السعودي في هذه المسألة بسبب النفوذ الأمريكي في المؤسسات المالية الدولية مثل الصندوق. ويرى سفاكياناكيس أن تحرك حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لإصلاح نظام العملة لن يكون إلا في حالة صعود حاد للتضخم وتراجع في الدخل المتاح وسخط شعبي أعلى صوتا. من جهته أوضح شاهين فالي محلل العملة في "بي.ان.بي باريبا" أن البيان لم يكن بالقوة الكافية لحمل السعودية أكبر اقتصاد في مجلس التعاون الخليجي وأكبر مساهم عربي في الصندوق على اتخاذ إجراء. وأضاف فالي أن إصدار التوصية في وقت يظهر الدولار علامات على تعاف نسبي يثير حتى تساؤلات بشأن حاجة دول مجلس التعاون الخليجي الى رفع قيمة عملاتها لترويض التضخم. واضطر ربط العملات بالدولار دول الخليج الى الاقتداء بتخفيضات الفائدة الأمريكية رغم ازدهار اقتصاداتها بفضل ارتفاع أسعار النفط الى أكثر من خمسة أمثالها على مدى خمس سنوات. وقال صندوق النقد الدولي إنه من المتوقع أن يسجل التضخم السعودي 10.6 % بنهاية عام 2008 مما يعني استقراره في النصف الثاني من 2008 كما توقع حمد سعود السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي "البنك المركزي". ورفض السياري مرارا التخلي عن ربط العملة بالدولار متذرعا باعتماد السعودية على صادرات النفط المسعرة بالعملة الأمريكية والتأثير المحتمل على المستثمرين الأجانب. وتحاول المملكة جذب الاستثمار الأجنبي من أجل تنويع موارد اقتصادها وتوفير فرص العمل وسط نمو سكاني سريع. يأتي ذلك في الوقت الذى تسعى فيه دول مجلس التعاون الخليجي على إقامة وحدة نقدية وإطلاق عملة موحدة في العام 2010. ويعقد زعماء دول المجلس اجتماعا في ديسمبر/ كانون الاول 2008 لمراجعة الموعد النهائي. وارتبكت خطة العملة مرتين بالفعل بعدما قررت سلطنة عمان في 2006 عدم الانضمام وقطعت الكويت ربط عملتها بالدولار في مايو أيار 2007. (رويترز) (الدولار يساوي 3.75 ريال سعودي)