يعاني كبار الزعماء السياسيين في العراق من أزمات صحية متواصلة لا تنفصل كثيراً عن الأزمات أو التطورات السياسية العالقة في البلاد. إذ لم تمر ايام على عودة نائب رئيس الجمهورية السني طارق الهاشمي (66 عاما) الى بغداد بعد غياب طال اسابيع اجرى خلالها عملية جراحية في انقرة، غادر رئيس البرلمان السني محمود المشهداني (60 عاما) الى عمان للعلاج اثر تدهور حاله الصحية. وقال جبار المشهداني مدير المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان ان الحال الصحية للاخير الصحية «غير مستقرة ومدعاة للقلق، بسبب عدم استقرار ضغط الدم»، وهو يُعالج في مدينة الحسين الطبية في عمان حيث عاده الملك عبدالله الثاني، في ظل انباء عن انه سيجري عملية قسطلة في القلب. وكان المشهداني تعرض نهاية العام 2007 إلى وعكة صحية مماثلة نقل على أثرها إلى مستشفى ابن سينا. ويعتبر ارتفاع ضغط الدم والامراض القلبية اشهر الاعراض الصحية لدى كبار القادة العراقيين. ويقول بعضهم ان الازمات السياسية والامنية وحال العزلة التي يعيشها السياسيون داخل المنطقة الخضراء و»اجواء التآمر والشكوك ساعدت في ارسال اهم القادة العراقيين الى المستشفيات في الشهور الماضية». وكان الرئيس العراقي الكردي جلال طالباني (75 عاما)، اجرى، يعدما عانى من اضطرابات صحية مماثلة تكررت خلال العامين الماضيين، عملية جراحية في القلب في مستشفى «مايو كلينك» في الولاياتالمتحدة قبل زهاء اسبوعين، بعدما كانت مصادر قريبة الى الرئاسة العراقية افادت ان طالباني اجرى جراحة في الركبة اليسرى. وافادت «مايو كلينك» ان العملية تكللت بالنجاح، وان طالباني سيقضي فيها بعض الوقت تحت المراقبة، على ان يمضي فترة نقاهة في واشنطن. واختار رئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي ( 57 عاما) العاصمة البريطانية لندن لاجراء فحوصاته الصحية، بعد اضطرابات في ضغط الدم تعرض لها خلال عمليات البصرة بداية السنة، وعاد بعد شهور الى العاصمة البريطانية لاجراء فحوصات جديدة. واجرى نائب رئيس الجمهورية الشيعي عادل عبد المهدي (60 عاما) فحوصات في عمان، بينما كانت ايران مقصد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عبد العزيز الحكيم الذي اصيب بسرطان الرئة قبل عام وتوجه من طهران الى واشنطن في رحلة علاج طويلة قبل عودته الى بغداد، في حسن قصد رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني (62 عاما) ايطاليا لاجراء فحوصات طبية لم تكشف نوعيتها. كذلك اجرى خلف العليان من زعماء «جبهة التوافق» السنية سلسلة عمليات في ركبتيه نهاية العام الماضي وبداية هذه السنة ابعدته عن النشاط السياسي لشهور، فيما اجرى زعيم «القائمة العراقية» ورئيس الوزراء السابق الشيعي اياد علاوي عملية جراحية في لندن اثر اصابته بازمة قلبية. ولاحظ مراقبون ان اختيار الدولة التي يتوجه اليها المسؤول للعلاج ترتبط احيانا باغراض سياسية اكثر منها صحية، ويعكس قرب المسؤول الى هذه الدولة او تلك، فيما تلقي ظاهرة علاج المسؤولين في الخارج الضوء على ضعف الاداء الصحي داخل العراق وعدم ثقة المسؤولين انفسهم بواقع المؤسسات الصحية في بلدهم.