لم يعد جهاد مسعود يستطيع الخروج إلى أي مكان من دون أن يكون برفقته جهازه المحمول "اللاب توب". جهاد (34 عاما) الموظف في شركة خاصة يجد نفسه "أدمن" على اللاب توب، إذ يذهب بشكل يومي إلى المقاهي التي تتوفر فيها خدمة الانترنت اللاسلكي "الوايرلس" ليقوم بتشغيله وتصفح مواقع الانترنت المختلفة، من دون أن يشعر بالوقت. جهاد لا يستخدم اللاب توب لإنجاز عمله، بل يقضي معظم وقته في تفقد بريده الالكتروني والدخول الى المواقع الترفيهية، ويقضي أكثر من 8 ساعات يوميا بعد العمل في استخدامه بالمنزل والمقهى. وتشعر سهام عبدالرحمن أن العروض التي توفرها محلات بيع الكمبيوتر المحمول، جعلت نسبة كبيرة من الناس تقتنيه، وتفضله عن الكمبيوتر العادي. وتقوم سهام بإنجاز اعمالها المكتبية التي لا يتوفر لها الوقت لاستكمالها في المكتب، داخل منزلها على جهازها المحمول، ولكي لا تشعر بالملل فإنها تخرج احيانا كثيرة إلى أحد المقاهي لإتمام أعمالها المتراكمة. ولا تتوفر حتى اليوم احصاءات رسمية تبين مدى استخدام "الانترنت اللاسلكي" في الأردن، فيما تشير بعض الأرقام إلى أن عدد مستخدمي الشبكة "العنكبوتية" 1,1 مليون شخص، بنسبة انتشار 20%. في حين أن ام سمير تنتقد هذا الجهاز بشدة، لأنها ترى ولديها سمير ورنا الطالبين في الجامعة يجلسان لفترات طويلة على الجهاز المحمول، ما يجعلهما معزولين عن العائلة لفترات طويلة. وتبين ام سمير أن ابنيها يقضيان أكثر من 10 ساعات في استخدام الجهاز لأمور الدراسة والترفيه، مبينة أن ابنتها رنا تتناول وجبة الطعام مع العائلة على المائدة وهي مستمرة بالعمل على اللاب توب، ما يثير غضبهم. وتبلغ نسبة الأسر الأردنية التي يتوفر لديها كمبيوتر محمول 36%، ونسبة 1% للكمبيوتر الكفي، بحسب دائرة الاحصاءات العامة. أما بالنسبة لتوزيع الأفراد الذين يستخدمون الحاسوب ممن أعمارهم 15 عاما فأكثر حسب المستوى التعليمي، فإن 80% من الأفراد ممن يحملون المستوى التعليمي بكالوريوس فأعلى يستخدمون الحاسوب، تلاهم حملة الثانوية العامة بنسبة 60%، ثم حملة الدبلوم، والنسبة الأقل كانت للمستوى التعليمي الأقل من ثانوي حوالي 35%. الشاب العشريني محمد سلامة يخرج مع صديقه إلى المقهى بشكل شبه يومي، ويعترف بأنهما لا يتحدثان خلال ثلاث ساعات من الجلسة الا كلمات محدودة، إذ يندمج كل منهما بالعمل على جهازه وكأنه يجلس بمفرده. وبلغت نسبة الأفراد ممن يستخدمون الحاسوب حوالي 46% من مجموع الأفراد الذين اعمارهم 5 سنوات فأكثر، في حين كانت النسبة بين الذكور 50% مقابل 42% كانت عليه النسبة بين الاناث. اختصاصي علم النفس د. محمد الحباشنة يرى أن استخدام الكمبيوتر المحمول بشكل مناسب ومفيد لا يسبب أي ضرر، بل يعطي مجالا للتواصل الانساني والاجتماعي. ويرى أن استخدامه لا يعطل العلاقات الاجتماعية، بل يساعد في التواصل التكنولوجي إلى جانب التواصل الاجتماعي، مستدركا أن استخدامه بشكل سلبي يعد مضيعة كبيرة للوقت. الحباشنة يجد أن الكمبيوتر المحمول يكسر الجمود الاجتماعي، عندما يخرج صديقان معا الى أحد المقاهي، مقارنة مع الكمبيوتر السلكي الجامد الذي يبقى في مكان واحد. ويضيف أن الكمبيوتر العادي يؤدي إلى سوء الاستخدام لوجوده في مكان واحد، اما المحمول فإن الشخص يستخدمه أمام الناس ويعطي قيمة مفيدة للاستخدام والتواصل والتقليل من سوء الاستخدام، أكثر من الكمبيوتر الثابت. وانتشرت خدمات الانترنت اللاسلكي بشكل سريع في عدد كبير من المقاهي المنتشرة في عمان، السبب الذي ساعد في زيادة الاقبال على هذه الأماكن. وهذا ما يؤكده مدير أحد المقاهي في عمان، الذي تتوفر لديه خدمة الانترنت اللاسلكي منذ أكثر من 8 شهور، إذ شعر بالتغيير الكبير منذ أن أضاف هذه الخدمة في محله، فقد زادت نسبة الاقبال على المقهى عما كان عليه قبل اضافة الخدمة. ويبين أن أكثر مرتادي المكان يأتون ومعهم جهازهم المحمول، ويجلسون لساعات طويلة، وتتراوح أعمارهم ما بين 20-30 عاما. مدير التسويق في شركة أمنية عمر العموش يبين أن الشركة هي أول من طرحت فكرت الانترنت اللاسلكي، التي بدورها رفعت من نسبة انتشار الكمبيوتر المحمول، لعدم اعتماده على خط الهاتف الأرضي. ويبين أن هذه الخدمة قللت من انتشار خطوط الهاتف الأرضي، لسهولة استخدام "الوايرلس" التي تساوي سرعة "الواير السلكي". ويلفت العموش إلى أن خدمة اشتراك الانترنت اللاسلكي تعد أرخص ثمنا من الاشتراك السلكي، وتتراوح اسعار اشتراكه ما بين 15-30 دينارا شهريا. ولكن تبقى المشكلة، كما يقول العموش، في مناطق التغطية للانترنت اللاسلكي، إذ يجب أن تكون المنطقة مغطاة حتى يستطيع الشخص الاشتراك في الخدمة. ويؤكد أن أسعار الخدمة شجعت نسبة كبيرة على شراء أجهزة المحمول للاستفادة منها، ليصبح هنالك آلاف المشتركين. ويتوقع العموش أن تصل نسبة انتشار خدمة الوايرلس بعد ثلاث سنوات إلى أكثر من 50%، مبينا أن هنالك خدمات انترنت لاسلكي تغطي مساحات وأماكن عديدة تقاس بالكيلومترات، وهناك خدمات تغطي المساحة المطلوبة مثل المنزل أو المكتب.