تستعد وكالة الفضاء والطيران الأميركية ''ناسا'' لإحياء الذكرى الخمسين لتأسيسها الثلاثاء من الأسبوع المقبل في أجواء يخيم عليها الهدوء، حيث تعتزم إقامة مراسم احتفال أكبر في أكتوبر المقبل. ومن المقرر ألا ترسل ''ناسا'' أي مكوك إلى الفضاء من بين أسطولها الذي يرجع تاريخه إلى 27 عاماً اعتباراً من عام 2010 ليبقى بذلك الانتقال إلى محطة الفضاء الدولية بيد روسيا المنافس الأكبر السابق للولايات المتحدة في مجال الفضاء. وعلى الرغم من إطلاق الرئيس الأميركي جورج بوش خطة العودة إلى القمر عام 2004 على أساس استخدام كوكب الأرض كقاعدة انطلاق لاكتشاف المريخ وغيره من الكواكب، إلا أن الحماس لمثل هذه البرامج لا يحتل مساحة كبيرة في حملات انتخابات الرئاسة المقبلة في الولاياتالمتحدة. ولا يهتم المرشحون كثيراً بالفضاء، حيث يحتاج الاقتصاد الأميركي إلى الأموال، كما أن إيمان الأميركيين بشكل عام بتقدم وقدرة التكنولوجيا تراجع مجدداً. ويعتبر اكتشاف الفضاء جزءاً من الحلم الأميركي، وهو مزيج من الروح الرائدة والسعي وراء الحدود الجديدة والأوضاع الاقتصادية والعسكرية الهادئة. وعبر التاريخ نجح السفر في الفضاء في خلق أبطال عصريين مثل أول رواد أميركيين على سطح القمر، وهي التجربة الناجحة التي أُجريت في صيف عام 1969 وانطبعت في ذاكرة كل أميركي عاش في هذا الوقت. وفي خضم الأحداث السياسية المثيرة التي شهدها عام 1968 في أميركا بعد ولم يدرك أي شخص ولع الأميركيين العميق برحلات الفضاء وتأثيراته القوية مثلما فعل الرئيس الأميركي الراحل جون إف كينيدي أيام الحرب الباردة فعندما أفاق الأميركيون على نبأ إرسال الروس أول قمر صناعي إلى الفضاء وكان اسمه ''سبوتنيك''، نجح الرئيس الأميركي الراحل في إعادة إيمان الأميركيين بالأمر. وقال كينيدي: ''نختار الذهاب إلى القمر في هذا العقد من الزمان، ونختار أشياء أخرى ليس لأنها سهلة ولكن لأنها صعبة ولأن هذا الهدف سيساعد على تنظيم وقياس أقصى درجات طاقاتنا ومهاراتنا ولأننا راغبون في دخول هذا التحدي ولا نقبل تأجيله وننوي الانتصار فيه''. ووصف كينيدي الفضاء بأنه الجبهة الجديدة وأدرك أن هناك مجمعاً علمياً عسكرياً سوف ينشأ لوضع رائد فضاء على سطح القمر ويعزز من نضال الولاياتالمتحدة في مواجهة السوفييت. لكن هل كان على سبيل المصادفة أن يسعى الرئيس الأميركي جورج بوش إلى استعادة روح اكتشاف الفضاء وسط التهديد الدولي وحالة انعدام الأمن التي سببتها حروب أميركا في العراق وأفغانستان؟ وألقى مايكل جريفين مدير ''ناسا'' في سبتمبر من العام الماضي سلسلة من المحاضرات لإحياء الذكرى الخمسين لتأسيس ''ناسا''، وتطرق في كلمته بهذه المناسبة إلى دور استكشاف الفضاء في الاقتصاد العالمي. وقال: إن ''ناسا'' تفتح آفاقاً جديدة وتخلق فرصاً جديدة، ولهذا السبب تعتبر ''ناسا'' قائداً مهماً للابتكار. وأضاف: ''لا نخلق فرص عمل جديدة وحسب، لكننا نخلق أسواقاً جديدة بالكامل وإمكانات للنمو الاقتصادي لم تكن متوافرة من قبل''. وقد تشهد الأيام القليلة بروز أبطال عصريين مجدداً في حال حققت الولاياتالمتحدة الأهداف التي وضعها بوش للعودة إلى القمر بحلول عام 2020 والمريخ عام .2037
