بعد أكثر من عشر سنوات من الاختفاء تم القبض أخيراً على رادوفان كاردزيتش المطلوب رقم 1 في حملة الإبادة العرقية التي قام بها الصرب ضد مسلمي البوسنة. كاردزيتش والذي كان رئيساً لصرب البوسنة يتحمل مسؤولية إبادة آلاف المسلمين. خبر القبض استقبله المسلمون في البوسنة بالسرور والاحتفال وربما أكثر من احتفالهم بالقبض على سلوبودان ميلوسوفيتش رئيس صربيا السابق. كاردزيتش والذي اختفى بعد توقيع معاهدة دايتون وردت عدة أنباء أنه متخف في شرق صربيا وتساعده شبكة من أنصاره ومؤيديه على التنقل والاختفاء ولمدة تزيد عن 10 سنوات. خلال تلك الحقبة حاولت القوات الدولية العثور على كاردزيتش وتم تبادل الاتهامات بين المجتمع الدولي والحكومات الصربية والتي اتهمت بالتخاذل في إيجاده في دولة صغيرة. 13 عاماً والمجتمع الدولي بأسره يبحث عن رجل واحد في بلد صغير، فهل يعقل أن إيجاده بهذه الصعوبة! معظم الأنباء أوردت أنه مختف في شرق صربيا في الأديرة والمغارات، ولكن المثير للانتباه أن كاردزيتش تم إلقاء القبض عليه في العاصمة بلجراد والتي كان يعيش فيها بحرية كبيرة ويزاول بها مهنة الطب البديل متخفياً بأوراق أجنبية ومغيراً من هيئته تماماً بإطالته للشارب واللحية وارتدائه للنظارات. فهل يعقل أنه طوال كل تلك المدة كان كاردزيتش تحت عيون وآذان كل المنظمات السياسية والحقوقية الدولية وغير الدولية في بلجراد ولم يحرك أحد ساكناً إلى الآن. سيتم نقل كاردزيتش للمحكمة الدولية لجرائم الحرب بلاهاي. وما زال مسلمو البوسنة والمجتمع الدولي في انتظار القبض على راتكو ميلاديتش القائد العسكري والمتهم الثاني في جرائم الإبادة. وربما يأتي هذا الأمر سريعاً حيث إن ما يدفع الصرب للقبض عليه هو اشتراط الإتحاد الأوروبي على صربيا القبض عليه من أجل المضي قدماً في ملف الانضمام للاتحاد. والقبض على كاردزيتش "جاء عشية اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي من المقرر أن يناقش توثيق العلاقات مع صربيا" خاصة بعد تولي حكومة صربية جديدة ومؤيدة للغرب مقاليد الحكم. القبض على كاردزيتش الآن يثير التساؤل حول حقيقة الوضع في البلقان. من الواضح أن مشاعر العنصرية والعداء مازالت مشتعلة لدى الصرب وأنهم لم يحركوا ساكناً في المسألة إلا عشية الضغط من المجتمع الدولي وخاصة أوروبا وهنا تبرز أهمية أن يعي المجتمع الدولي ضرورة نزع فتيل هذه العنصرية لكي لا تعود يوماً آخر للانفجار.