تتجاوز الموسيقى جغرافيا الحدود في مخيم صيفي للموسيقى يشارك فيه 100 طالب من المدن، والقرى، والمخيمات الفلسطينية، و30 مدرسا للموسيقى من دول مختلفة ليرتفع صوت الموسيقى في مركز سابق للاعتقال والتعذيب. وقال بيتر سلسكي المدير الفني لمخيم "الكمنجاتي" للموسيقى الذي افتتح مساء الأربعاء في مركز الشهيد صلاح خلف لإعداد القادة الشباب الذي كان يطلق عليه من قبل اسم سجن الفارعة "ليس سهلا أن يكون لديك 25 مدرسا أجنبيا للموسيقى من فرنسا، وألمانيا، وأمريكا، وإيطاليا، إضافة إلى مدرسي الموسيقى الفلسطينيين لإعطاء دروس للموسيقى على مدار أسبوع كامل." وأضاف في المركز الذي يقع على بعد 20 كليومترا إلى الشمال من نابلس بالضفة الغربية "أنها فرصة عظيمة أن تجمع طلابا للموسيقى من المدن والقرى والمخيمات في مكان يشعر الجميع فيه أن لديه فرصة متساوية لتعلم الموسيقى بغض النظر عن مكان السكن، أو الوضع الاجتماعي، أو المالي." مركز "الكنمجاتي" أسسه الموسيقار الفلسطيني الشاب رمزي أبو رضوان عام 2004 في رام الله، وأقام له بعد ذلك فروعا أخرى في نابلس وجنين إضافة إلى إنشائه مدارس متنقلة لتعليم الموسيقى في المخيمات والقرى الفلسطينية لتكون الموسيقى للجميع. وقال أبو رضوان بينما كان يعمل على تنظيم نشاط مخيم الكمنجاتي للموسيقى "مازلت أسعى لتحقيق حلمي أن تكون الموسيقى للجميع ، وأن تكون هناك إمكانية لتعلم الموسيقى لكل من يريد دون أن يكون ذلك مرتبطا بالقدرة المادية." وأضاف "نعمل على إقامة مخيماتنا الموسيقية في أماكن لها تاريخ وكان مخيمنا الأول العام في قصر أعيد ترميمه في قرية بيت وزن غرب نابلس، وهذا العام كان لدينا إمكانية لإقامته في مكان تحول من مركز للتحقيق والتعذيب أيام الاحتلال إلى مركز لنشاطات وإعداد القادة." ويلتحق في مراكز الكمنجاتي حاليا 350 طالبا وطالبة يتعلمون الموسيقى على آلات شرقية وغربية مستفيدين من خبرة عدد كبير من مدرسي الموسيقى الأجانب الذين يأتون تضامنا مع الفلسطينيين لتقديم خدمة لهم. وقال الموسيقار ريتشارد لي الإيطالي الجنسية الصيني الأصل البالغ من العمر 52 عاما الذي يعزف على الكمان منذ أكثر من 40 عاما ويشارك في مخيم الكمنجاتي " الموسيقى يجب أن تتجاوز كل الحدود، ولدينا ستة أيام من الموسيقى لتحقيق اندماج بين الطلاب والموسيقى ويجب أن يكون لدى الفلسطينيين أوركسترا موسيقية؛ لأنها ستكون سفيرا لهم في الدول التي سيعزفون بها." وأضاف "أنا أعرف أنه كان للفلسطينيين أوركسترا في الثلاثينيات، وكانت تضم موسيقيين من أماكن مختلفة في العالم." ولا يقتصر حضور مدرسي الموسيقى الأجانب على إعطاء الدروس للطلبة الفلسطينيين، بل يعملون أيضا على تنظيم زيارات لهم إلى دولهم للاطلاع على تجارب الطلبة الأجانب، وهو ما نفذه الموسيقار الإيطالي هنري بارون الذي دعا 15 من طلاب الكمنجاتي إلى إيطاليا لإمضاء ثلاثة أسابيع هناك. وقال بارون "في 21 من الشهر القادم، سيأتي 15 طالبا من "الكمنجاتي" بينهم أربع طالبات لإمضاء ثلاثة أسابيع عند عائلات إيطالية للمشاركة في تعلم الموسيقى مع طلاب إيطاليين، ستكون فرصة للجميع للتعرف وتبادل الخبرات وسنعمل في المستقبل على إحضار طلبة من إيطاليا." قالت الأمريكية بريجيت روبنز مدرسة الناي في مركز الكمنجاتي " أشعر بالمعاناة هنا في هذا المكان الذي كان معتقلا في يوم من الأيام، ولكني أريد أن أقدم مساعدة لتجاوز الماضي." وقال خالد قضماني (16 عاما) الذي يتعلم العزف على الأكورديون " يسعدنا هنا أن نكون في هذا المكان الذي خلق ماسي وآلاما لأبناء شعبنا لنقيم فيه نشاطا مبنيا على السلام والحرية؛ فالموسيقي تعطي الأمل." وأضاف "حسنا فعلت السلطة الفلسطينية أن حولت هذا المكان إلى مركز للنشاطات ولم تبقيه سجنا كما كان." وانسحبت إسرائيل من سجن الفارعة الذي كان مركزا للقوات البريطانية خلال فترة الانتداب في الثلاثينيات من القرن الماضي، وبعد ذلك مركزا للجيش الأردني حتى عام 1967، وتحول إلى مركز للجيش الإسرائيلي عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وحولته إلى سجن في مطلع الثمانينيات إلى أن تسلمت السلطة الفلسطينية مدينة نابلس في عام 1995 بعد اتفاقية السلام الفلسطينية الإسرائيلية المؤقتة. وقررت السلطة الفلسطينية تحويله إلى مركز لإعداد القادة الشباب أطلقت عليه اسم "الشهيد صلاح خلف" القيادي البارز في حركة فتح الذي اغتيل في عام 1991 في تونس. وعملت السلطة الفلسطينية- بدعم من الدول المانحة- إلى إضافة ملعب لكرة القدم بمواصفات دولية مع مدرج، وكذلك صالة مغلقة مع الحفاظ على طابع المبنى القديم الذي يضم ما يزيد على 21 غرفة الذي أصبح ما يشبه النزل الفندقي لإيواء المشاركين في أنشطة المركز المختلفة. وقالت سيلين داغر المديرة التنفيذية لمركز الكمنجاتي إن الطلبة المائة الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية أعوام و16 عاما- وثلثهم من الإناث- سيمضون سبعة أيام في المخيم يمارسون فيه هواياتهم الرياضية إضافة إلى تعلم الموسيقى. وأضافت أن المخيم سيقام سنويا بالتزامن مع احتفالات العالم بعيد الموسيقى الذي يصادف الحادي والعشرين من يونيو/حزيران، وذلك بمشاركة أساتذة موسيقى أعضاء فرق موسيقية يشاركون في إحياء عيد الموسيقى في الأراضي الفلسطينية. (رويترز)